أميركا تضيق الخناق على النفط الإيراني ما التبعات على الأسواق العالمية ؟
كتبت بسمة هاني
تُكثف الولايات المتحدة ضغوطها على قطاع النفط الإيراني في محاولة لخنق شريان الاقتصاد الرئيسي لطهران.
هذه العقوبات، رغم تصعيدها، تواجه تحديات ميدانية معقدة يقودها “أسطول الظل” الإيراني وتحالفات إقليمية ودولية، أبرزها مع الصين.
في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، قال المحلل السياسي والباحث في الشؤون الإيرانية أسامة حمدي إن الولايات المتحدة تواصل منذ عقود فرض عقوبات صارمة على قطاع النفط الإيراني، في إطار سياسة تهدف إلى كبح طموحات طهران النووية ودورها الإقليمي الداعم لما يُعرف بمحور المقاومة.
ولفت إلى أن هذه العقوبات، وعلى الرغم من شدتها، لم تنجح حتى الآن في شل قدرة إيران على تصدير النفط، إذ لا تزال تصدر أكثر من مليوني برميل يومياً.
أسطول الظل الإيراني يتحدى العقوبات
وأشار حمدي إلى أن إيران طورت على مدار السنوات الماضية أساليب معقدة للتهرب من العقوبات الأميركية، عبر ما يُعرف بـ”أسطول الظل”.
وأوضح أن هذا الأسطول يستخدم وسائل متعددة مثل تعطيل نظام التتبع البحري (GPS)، ورفع أعلام دول أخرى على الناقلات، واستخدام وسطاء وشركات وهمية لتصريف النفط، إضافة إلى عمليات تفريغ وإعادة شحن في عرض البحر لتمويه وجهة الشحنة.
الصين في قلب المعادلة
ونوه حمدي إلى أن الصين تظل المستورد الأكبر للنفط الإيراني رغم العقوبات، حيث تستورد كميات كبيرة من الخام عبر آليات مقايضة تشمل سلعاً وأسلحة وحتى وقوداً للصواريخ الباليستية. وشدد على أن استمرار تدفق النفط الإيراني إلى الصين يُضعف من فاعلية العقوبات الأميركية، خاصة مع امتلاك بكين احتياطات نفطية ضخمة تُغنيها عن الاعتماد على أسواق بديلة في المدى القريب.
هل تغامر طهران بتهديد مضيق هرمز؟
وأكد حمدي أن العقوبات الأميركية لا تدفع إيران لاتخاذ خطوات تصعيدية كإغلاق مضيق هرمز، رغم حساسيته الاستراتيجية.
وأوضح أن إيران تدرك خطورة مثل هذا التحرك، وتفضل الاعتماد على بدائل أكثر مرونة لتصريف نفطها، خصوصاً عبر الحدود البرية مع دول مجاورة مثل أفغانستان وتركيا، أو من خلال شركاء غير رسميين في آسيا.
الأسواق العالمية بين التوازن والمكاسب
ولفت إلى أن تأثير العقوبات الأميركية على أسواق النفط العالمية يظل محدوداً، مشيراً إلى أن غياب النفط الإيراني يُعوَّض بشكل سريع من قبل دول مثل السعودية وروسيا.
وأضاف أن هذا الوضع قد يصب في صالح هذه الدول المنتجة التي تستفيد من ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب على نفطها. أما في آسيا وأوروبا، فإن الاعتماد على مصادر متنوعة وتوافر احتياطات استراتيجية يقللان من خطر حدوث أزمة إمدادات بسبب تضييق الخناق على إيران.
هل تراهن واشنطن على الضغط الشعبي؟
أوضح حمدي أن العقوبات الأميركية تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين: الأول هو دفع النظام الإيراني إلى تغيير سياساته والتراجع عن مشروعه النووي، والثاني هو تعميق الأزمة الاقتصادية داخل البلاد على أمل تحفيز الشارع الإيراني على التحرك ضد نظام ولاية الفقيه.
اللوبي الإيراني وتأثيره في واشنطن
وفي سياق متصل، نوه حمدي إلى أن هناك دوراً لا يُستهان به للّوبي الإيراني في العاصمة الأميركية، حيث يسعى هذا اللوبي لتخفيف الضغط عن طهران، سواء عبر تعطيل تطبيق العقوبات أو تقليل فاعليتها.
وأكد على أن ما يجري حالياً هو فصل جديد من الصراع الأميركي الإيراني الذي تحكمه مصالح استراتيجية معقدة، تتداخل فيها ملفات الطاقة والسياسة والأمن الإقليمي.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.