إعلان يشعل المدرجات: “إي آند مصر” في مرمى نيران جماهير الزمالك

3

كتب/ محمد عبدالوهاب

في ظل تصاعد ردود الفعل الجماهيرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أصدرت شركة “إي آند مصر” – المعروفة سابقًا باسم “اتصالات” – بيانًا رسميًا توضح فيه ملابسات الحملة الإعلانية الأخيرة التي أثارت موجة من الجدل، بعد أن اعتبر عدد من جماهير نادي الزمالك أن الإعلان يتضمن إسقاطات تُسيء للنادي وتاريخه وجماهيره.

إعلان رياضي يتحول إلى أزمة جماهيرية

كانت “إي آند مصر” قد أطلقت حملة إعلانية جديدة بالتعاون مع النادي الأهلي، في إطار دعمها المستمر للرياضة المصرية ومشاركتها في الفعاليات المرتبطة بكرة القدم، والتي تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة في مصر والعالم العربي. إلا أن الإعلان، الذي جاء في سياق احتفالي بإنجازات النادي الأهلي وبطولاته، تضمن بعض المشاهد والعبارات التي فُسرت من قِبل جماهير الزمالك على أنها تحمل إسقاطات سلبية على ناديهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من الإعلان، مصحوبة بتعليقات غاضبة ووسوم تطالب بمقاطعة الشركة، متهمين إياها بالتحيز وعدم احترام التنوع الرياضي والجماهيري في مصر. ورأى البعض أن الإعلان لم يكن مجرد حملة تسويقية عادية، بل يحمل بين طياته نبرة استعلاء أو سخرية من نادٍ له تاريخه العريق وقاعدته الجماهيرية العريضة.

الشركة توضح موقفها

ردًا على هذه الاتهامات، أصدرت “إي آند مصر” بيانًا رسميًا أوضحت فيه أن ما ورد في الإعلان “تم تفسيره على نحو لا يتفق مع المقصود الحقيقي من الحملة”، وأن الإعلان “لا يحمل أي نية للإساءة إلى أي جهة أو كيان رياضي”. وشددت الشركة على أن محتوى الحملة لا يعبر عن توجهها أو أهدافها، بل كان يهدف فقط إلى الاحتفاء بشراكتها مع النادي الأهلي، في سياق رياضي احتفالي لا أكثر.

وأكدت “إي آند مصر” في بيانها على احترامها الكامل وتقديرها العميق لجميع جماهير الرياضة المصرية، بمختلف انتماءاتهم، مشيرة إلى أن احترام الأندية والكيانات الرياضية جزء لا يتجزأ من قيمها الأساسية ومبادئها الراسخة في دعم الرياضة والمجتمع.

ردود الفعل تتواصل

ورغم صدور البيان، لم تهدأ حدة الانتقادات، حيث استمرت جماهير الزمالك في التعبير عن استيائها من الإعلان، مطالبين الشركة باتخاذ خطوات أكثر وضوحًا لتعويض الإساءة المعنوية التي شعروا بها. كما تصاعدت دعوات المقاطعة عبر بعض الصفحات الجماهيرية الكبرى، مشيرين إلى أن البيان، على أهميته، لم يتضمن اعتذارًا صريحًا أو التزامًا واضحًا بتجنب مثل هذه الإشارات مستقبلًا.

من ناحية أخرى، دافع البعض عن الشركة، معتبرين أن ما جرى هو سوء فهم لا أكثر، وأن الإعلان لم يتضمن أي إشارة صريحة إلى نادي الزمالك، وأن التفسير السلبي كان اجتهادًا من الجماهير التي قرأت بين السطور ما لم يُكتب.

أندية وشركات في مرمى الانتقادات

وتعيد هذه الأزمة إلى الواجهة قضية العلاقة المعقدة بين الأندية الرياضية والشركات الراعية، خاصة في ظل الاستقطاب الجماهيري الحاد بين مشجعي الأهلي والزمالك. فبينما تسعى الشركات لتسويق منتجاتها وخدماتها من خلال الشراكات الرياضية، فإنها تجد نفسها أحيانًا في مواجهة موجات من الغضب، نتيجة حساسية الجماهير المفرطة لأي رسالة قد تُفسر على أنها انحياز لطرف على حساب آخر.

ويؤكد خبراء التسويق الرياضي أن الحملات الدعائية في مصر يجب أن تُدار بحذر شديد، نظرًا للخصوصية الجماهيرية المرتبطة بكرة القدم، حيث لا يُنظر إلى بعض الرسائل الدعائية كمجرد إعلانات، بل يتم تحميلها أبعادًا رمزية وتاريخية أحيانًا، ما يجعل أي خطأ أو سوء تقدير سببًا في أزمات غير متوقعة.

مستقبل الشراكة والعلاقات الجماهيرية

تبقى الأنظار متجهة إلى الخطوات القادمة التي ستتخذها “إي آند مصر” لإعادة بناء ثقة شريحة من الجماهير التي شعرت بأنها استُبعدت أو أُهينت بصورة غير مباشرة. فهل تكتفي الشركة ببيانها التوضيحي؟ أم ستُقدم على إجراءات تصحيحية مثل إنتاج إعلان جديد يبرز احترامها لجميع الأندية؟ وهل يمكن أن نشهد شراكة جديدة مع نادي الزمالك لإظهار التوازن في الرعاية الرياضية؟

وفي المقابل، يُتوقع أن تقوم الشركات الأخرى بمتابعة ما حدث بعناية، لتجنب الوقوع في نفس المأزق مستقبلاً، من خلال اعتماد مراجعات دقيقة للمحتوى الدعائي، وخاصة عند التعامل مع موضوعات تمس الانتماءات الجماهيرية.

تكشف الأزمة الأخيرة عن مدى حساسية التفاعل بين الرسائل الإعلانية والجماهير الرياضية، خصوصًا في بيئة مشحونة بالتنافس والتاريخ الطويل من الصراع الكروي. ورغم النوايا الطيبة التي قد تحملها بعض الحملات، فإن غياب الحذر في اختيار الرسائل والصور قد يؤدي إلى أزمات لا تقل عن أزمات الملاعب. وتظل المسؤولية على عاتق الشركات الراعية، التي يجب أن تدرك أن الرياضة ليست مجرد وسيلة ترويج، بل مجال يحمل مشاعر جماهيرية عميقة، يجب احترامها دائمًا.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.