إيران تتوعد: قواعد أمريكا في مرمى النيران حال اشتعال الصراع
كتبت بسنت السيد
يترقب العالم ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية الرد الايراني المرتقب بعدما صدق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على مشروع قرار يوجه فيه إتهامات لإيران بعدم التعاون والالتزام الكافيين بمسئولياتها فيما يتعلق بالإبلاغ عن جميع المواد النووية.
وأعلنت القوات المسلحة الإيرانية، اليوم الخميس عن إطلاق مناورات عسكرية تركز على تحركات العدو قبل موعدها المزمع، وسط تأكيدات بجاهزيتها لكافة السيناريوهات ووضع استراتيجية عسكرية، وذلك وسط حالة من التوتر وتحركات إقليمية ودولية تشير إلى تأهب عسكري، توجت بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الشرق الأوسط “قد يكون مكاناً خطيراً”، تعليقاً على إجلاء موظفين من سفارات وقنصليات أميركية بالمنطقة.وفقا لتقرير نقلته وكالة بلومبيرج.
البدء بمناوارت عسكرية
وأصدر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أمراً ببدء سلسلة من المناورات العسكرية لعام 2025 تحت مسمى “مناورات اقتدار القوات المسلحة”.
وأعلنت وكالة مهر الإيرانية للأنباء بأن باقري أكد أن الهدف من إجراء هذه المناورات هو “تعزيز القدرات الدفاعية والردعية للقوات المسلحة وتقييم جاهزيتها”، مضيفاً أنه “يتم التخطيط لهذه التدريبات وتنفيذها مع إدخال تغييرات على التقويم السنوي للقوات المسلحة والتركيز على تحركات العدو”.
ومن ناحية أخرى، قال القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي إن “موازين القوى تتغير ضد كل الأعداء بالتعبئة، قوات التعبئة (الباسيج) هي الظاهرة الأبرز في العالم وقوة استثنائية منحها الله لشعبنا”.
كمانشرت وكالة مهرللأنباء الإيرانية عن سلامي قوله: “سواء كان الجيش الأميركي أكبر أو أصغر، فإنه قابل للزوال بينما قوات التعبئة تزداد بدلاً من أن تتناقص مع تعمق المعارك.. وكلما زاد الخطر، ازدادت ثقة قوات التعبئة وبهجتهم وقوتهم، وكلما اقتربوا من العدو ازدادوا شجاعة.. هذه الصفة لا توجد إلا في قوات التعبئة”.
استعدادات الحرس الثوري الإيراني
وتابع : “الاستعداد القتالي للقوات البحرية للحرس الثوري للرد على أي تهديد والاستجابة لأي سيناريو متاح بالكامل ومجهز بأعلى درجات الموثوقية والثقة”، مثنياً، خلال جولة تفقدية لوحدات القوة البحرية التابعة للحرس الثوري على ما اعتبره “انجازاً استخباراتياً”، بعد اختراق الأنظمة الاستخباراتية لإسرائيل.
موافقة 19دولة وامتناع 11أخرى
وتأتي الموافقة على مشروع القرار الذى قدمته كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، من 19 دولة من الدول الأعضاء في مجلس الإدارة، بينماصوتت كلا من روسيا وبوركينا فاسو والصين ضده، وامتناع 11 دولة عن التصويت.وشمل القرار انتقادات شديدة وتعبيرا عن القلق ضد أنشطة إيران النووية، مشيراً إلى أن طهران لم تُظهر تعاونا كافيا على الرغم من دعوات متكررة من وكالة الطاقة الذرية.
وأوضح القرار أن الوكالة واجهت صعوبة في التحقق من “عدم تحويل المواد النووية إلى أسلحة أو أجهزة متفجرة أخرى”، وهو من بين الالتزامات التي قبلتها إيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية منذ عام 2019.
خطوات عاجلة على إيران الالتزام بها
ودعا القرار إيران إلى اتخاذ عدد من الخطوات العاجلة للوفاء بالتزاماتها القانونية وتقديم تفسيرات فنية موثوقة لوجود جزيئات يورانيوم من صنع بشري تم اكتشافها في موقعين غير مُعلنين.
كما دعا القرار إيران إلى إبلاغ الوكالة بالموقع الحالي للمواد النووية المعنية أو المعدات الملوثة نووياً، وتوفير جميع المعلومات والوثائق والردود التي تطلبها الوكالة لهذا الغرض.
وشدد القرار على ضرورة تمكين الوكالة من الوصول إلى مواقع ومواد، ترى أن هناك ضرورة للوصول إليها، والسماح بأخذ عينات.
الرد الإيراني بإنشاء مركز لتخصيب اليورانيوم في مكان آمن
ولكن كيف ردت إيران على قرار وكالة الطاقة الذرية ؟
وردا على موافقة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مشروع القرار ، أعلنت إيران اليوم أنها تستعد لإنشاء مركزا جديدا لتخصيب اليورانيوم في “مكان آمن”، وستقوم باستبدال أجهزة الطرد المركزي القديمة في منشأة فوردو بأخرى من الجيل السادس الأسرع في التخصيب.
وفي حديث خاص وحصرى لموقع نافذة الشرق علق الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وخبير قوات حفظ السلام قائلا :” إن إعلان إيران عن إجراءات مضادة لقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمثل تصعيدًا في التوترات النووية بين طهران والمجتمع الدولي. مشيراً إلى أنه يمكن تحليل هذا الرد الإيراني من عدة زوايا:
السياق السياسي والدبلوماسي
مؤكداً أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يأتي الرد الإيراني بعد قرار الوكالة الذي أعلن عدم امتثال إيران لالتزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي. هذا القرار غالبًا ما يكون نتيجة لتقارير تفتيش سابقة أو معلومات استخباراتية تشير إلى تجاوزات إيرانية.
وعلى صعيد الضغط الغربي: يُنظر إلى قرار الوكالة على أنه جزء من حملة ضغط دولية، بقيادة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، للحد من برنامج إيران النووي لافتاً إلى أن هذه الدول تسعى إلى إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالاتفاق النووي (خطوة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA) أو التوصل إلى اتفاق جديد.
وتابع سلامة على مستوى الموقف الإيراني، تؤكد إيران أن قرار الوكالة “سياسي” ولا يستند إلى أسس فنية أو قانونية، وهو ما يعكس موقفها بأن برنامجها النووي سلمي. هذا التصريح يهدف إلى نزع الشرعية عن قرار الوكالة وتبرير ردها.
الإجراءات المضادة الإيرانية وتحليلها الفني
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن فتح موقع جديد لتخصيب اليورانيوم في منطقة آمنة: واصفاً هذا الإجراء بأنه يثير قلقًا كبيرًا.
وأوضح أن جملة “منطقة آمنة” قد تعني موقعًا تحت الأرض أو محصنًا، مما يجعل عملية التفتيش والمراقبة أكثر صعوبة. زيادة عدد مواقع التخصيب تزيد من قدرة إيران على إنتاج اليورانيوم المخصب، سواء للاستخدامات السلمية أو المحتملة في الأسلحة النووية.
وأفاد المصدر أن تحديث أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو النووية إلى الجيل السادس، فوردو هي منشأة تحت الأرض، مما يجعلها أقل عرضة للهجمات. مشيراً إلى أن استخدام أجهزة طرد مركزي من الجيل السادس يعني زيادة كبيرة في كفاءة التخصيب.
أجهزة الجيل السادس أسرع وأكثر قدرة على إنتاج اليورانيوم المخصب بكميات أكبر وبدرجات نقاء أعلى في وقت أقصر مقارنة بالأجيال السابقة. هذا يقلل من “وقت الاختراق” اللازم لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لغرض صناعة سلاح نووي.
تداعيات تحديث أجهزة الطرد المركزي
زيادة القدرة على التخصيب: تعزيز أجهزة الطرد المركزي في فوردو يعني أن إيران تستطيع تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر وبكميات أكبر، وهو ما يزيد من مخزونها من اليورانيوم المخصب.
تقليص “وقت الاختراق”: كلما كانت أجهزة الطرد المركزي أكثر تطوراً، قل الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لصنع سلاح نووي.
التهديد بتصعيد أكبر: يشير هذا الإجراء إلى استعداد إيران لتصعيد برنامجها النووي كإجراء مضاد للضغط الدولي.
الدوافع المحتملة للرد الإيراني
الضغط التفاوضى
وأفاد الدكتور أيمن سلامة أنه قد يكون الهدف من هذه الإجراءات هو زيادة الضغط على القوى الكبرى لتقديم تنازلات في أي مفاوضات مستقبلية. كلما زادت قدرات إيران النووية، زادت أوراقها التفاوضية.
مشيرا إلى سعى إيران إلى إظهار قدرتها على الرد بقوة على أي ضغوط أو تهديدات، سواء كانت عقوبات أو تهديدات عسكرية.
الاستهلاك الداخلي وأضاف قد يكون الرد موجهًا أيضًا للجمهور الإيراني لإظهار قوة النظام وصموده في مواجهة الضغوط الخارجية.
حماية المصالح النووية: تعتبر إيران برنامجها النووي حقًا سياديًا، وهذا الرد يعكس عزمها على تطويره بغض النظر عن الاعتراضات الدولية.
الآثار المحتملة
زيادة التوترات: من المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة التوترات بين إيران والدول الغربية، وقد تدفع إلى فرض مزيد من العقوبات.
تقويض الجهود الدبلوماسية: يمكن أن تعرقل هذه الخطوات أي جهود مستقبلية لإعادة إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق جديد.
المخاوف الإقليمية
وأشار سلامة أن هذه التطورات ستثير قلقًا كبيرًا في المنطقة، خاصة لدى دول الخليج وإسرائيل، الذين يرون في البرنامج النووي الإيراني تهديدًا مباشرًا لأمنهم.
أما عن موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية: قد تدفع هذه الإجراءات الوكالة إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
الرد الإيراني خطوة تصعيدية على قرار وكالة الطاقة الذرية
واختتم الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي حديثه لموقع نافذة الشرق قائلا: ” أن الرد الإيراني على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو خطوة تصعيدية مدروسة تهدف إلى تعزيز موقف إيران التفاوضي والرد على الضغوط الدولية.حيث تشير الإجراءات المعلنة، خاصة تطوير منشأة فوردو بأجهزة الجيل السادس وفتح موقع جديد، إلى عزم إيران على توسيع قدراتها النووية بشكل كبير.
وأكد أنه من المرجح أن يؤدي هذا إلى مزيد من التصعيد في الأزمة النووية الإيرانية وزيادة حالة عدم اليقين في المنطقة والعالم.
مشيراً إلى أن الرد الإيراني يظهر أن طهران مستعدة للمخاطرة بمواجهة دولية أكبر في سبيل الحفاظ على برنامجها النووي وتطويره، مما يضع المجتمع الدولي أمام تحدٍ كبير في كيفية التعامل مع هذا التطور.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.