إيلون ماسك يدخل المعترك السياسي بحزب “أمريكا”.. هل ينافس ترامب؟ (خاص)

3

كتب: عبدالله عمارة
في خطوة مفاجئة لكنها ليست بعيدة عن شخصيته المثيرة للجدل، أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي “تسلا” و”سبيس إكس”، عن تأسيس حزب سياسي جديد باسم “حزب أمريكا”، في محاولة وصفها بأنها تهدف إلى “استعادة الحرية” للأمريكيين، مما يعكس توجهًا جديدًا نحو الساحة السياسية بعد سلسلة من المواجهات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومؤسسات الدولة.
وفي هذا السياق، قال المهندس محمد مغربي، استشاري أمن البيانات والمعلومات وخبير الذكاء الاصطناعي، إن الفكرة ليست أن إيلون ماسك يعتزم الترشح للانتخابات بنفسه، إذ “لحد دلوقتي مفيش إعلان رسمي”، لكن الواضح – بحسب قوله – أن ماسك “بيتجه لتكوين نفوذ سياسي واضح، سواء من خلال دعم مباشر لبعض المرشحين، أو التفكير في تأسيس حزب جديد أو التأثير على حزب قائم من خلال التمويل والدعاية”.
حماية مصالحه التجارية والتكنولوجية
وأوضح مغربي، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، أن هناك دوافع واضحة وراء دخول ماسك إلى عالم السياسة، أولها حماية مصالحه التجارية والتكنولوجية، مشيرًا إلى أن ماسك يمتلك شركات تعمل في مجالات تتأثر مباشرة بسياسات الحكومة، مثل:

  • تيسلا (Tesla): تحتاج دعمًا وتشريعات للطاقة النظيفة.
  • سبيس إكس (SpaceX): تتعامل مع البنتاجون ووكالة ناسا.
  • ستارلينك (Starlink): لها أبعاد سياسية وأمنية مرتبطة بالاتصالات والبنية التحتية للإنترنت.
    السيطرة على الخطاب العام
    وأضاف مغربي أن ماسك، منذ استحواذه على منصة “تويتر” (التي أعاد تسميتها إلى X)، أصبح يمتلك وسيلة ضخمة لتوجيه الرأي العام، وهو ما يمنحه القدرة على بناء قاعدة شعبية مباشرة من خلال التفاعل مع الجيل الجديد.
    كسر النمط السياسي التقليدي
    وأشار إلى أن ماسك “بيكره البيروقراطية وبيشوف إن أمريكا بتمشي ببطء بسبب السياسات القديمة”، موضحًا أن ماسك يريد إدخال “تفكير وادي السيليكون” إلى السياسة: أسرع، أذكى، ومبني على البيانات (Data-Driven).
    خلفية فكرية ليبرالية
    وتابع مغربي أن ماسك يتأثر بثقافة الليبرالية الفردية (Libertarianism)، وهي فلسفة تركّز على حرية الفرد، تقليل دور الحكومة، وتشجيع الابتكار، وقال إن ذلك ينعكس في مواقفه مثل:
  • رفضه للتطعيم الإجباري وقت كورونا.
  • دعمه لحرية التعبير حتى لو كانت مثيرة للجدل.
  • انتقاده للرقابة على الإنترنت.
    شعبية قوية لدى جيل Z
    وأكد مغربي أن ماسك لديه تأثير قوي على جيل Z، مشيرًا إلى أنه “واحد من النجوم في عيون الجيل الرقمي”، إذ “عنده ملايين المتابعين، وبيتكلم بلغتهم (ميمز، ترندات، سخرية)، وبيقدم نفسه كشخص بيكسر القواعد ويشتغل ضد التيار”.
    لكنّه تساءل: “هل الناس اللي بتحبه كـ’رائد فضاء وسيارات’ هتثق فيه كـ’رجل سياسة’؟” وأجاب بأن ذلك يعتمد على الرسائل التي سيقدمها لو دخل المشهد السياسي فعليًا.
    ما بين المصالح والرؤية الكبرى
    وأكمل مغربي أن ماسك “أكيد بيحاول يحمي إمبراطوريته التكنولوجية من التنظيمات الحكومية والضرائب، وفي نفس الوقت شايف إن عنده رؤية للعالم مختلفة عن السياسيين الحاليين، وعايز يستخدم ذكاءه ونفوذه لتغيير الاتجاه”.
    منافس محتمل لترامب
    وواصل مغربي تصريحاته بالقول إن ماسك “يمثل خطرًا على ترامب”، خاصة وأن له قاعدة جماهيرية كبيرة تتقاطع مع جمهور ترامب، موضحًا أن “ماسك أكثر عقلانية وتقدم تكنولوجي من ترامب، فممكن يكون هو ‘الإصدار الحديث من الشعبوية’، لكن بنكهة التكنولوجيا مش التليفزيون”.
    أوجه الشبه والاختلاف بين ماسك وترامب في دخول عالم السياسة
    وأشار المهندس محمد مغربي إلى أن كلًا من إيلون ماسك ودونالد ترامب دخلا المجال السياسي من خارج النظام التقليدي، مستغلين شهرة كبيرة ونفوذًا ماليًا ضخمًا للتأثير على السياسة، لكن بأساليب وخلفيات مختلفة تمامًا.
    وأوضح أن ترامب “دخل من باب الإعلام”، إذ يأتي من خلفية تلفزيونية وتجارية تقليدية، ويعتمد على “الخطاب العاطفي والقومي”، ويتحدث بلغة بسيطة تستهدف الطبقة الغاضبة من أداء الحكومة.
    أما ماسك، “فدخل من باب التكنولوجيا”، فهو مهندس وعالم، يتحدث بلغة المستقبل، ويقدّم نفسه كمخترع وعبقري يسعى لإصلاح النظام السياسي بأدوات ذكية بدلًا من الشعارات.
    وأضاف مغربي أن ترامب يخاطب جمهورًا محافظًا يطمح إلى “استعادة صورة أمريكا القديمة”، بينما ماسك يستهدف جيل Z والجيل الرقمي، المهتم بالذكاء الاصطناعي، السفر للفضاء، والطاقة النظيفة.
    واختتم تصريحاته بالقول إن ترامب يحب أن يظهر كرجل صفقات، بينما ماسك يفضّل أن يُنظر إليه كرجل أفكار واختراعات، لديه “رؤية علمية لإنقاذ البشرية”.
    من الدعم لترامب إلى تأسيس حزب منافس
    تأتي هذه الخطوة من ماسك بعد شهور من التوترات السياسية خلف الكواليس مع إدارة دونالد ترامب، رغم أن ماسك كان من كبار ممولي حملته الانتخابية الناجحة في 2024، وكان يشغل منصبًا تطوعيًا ضمن “إدارة الكفاءة الحكومية” الأمريكية.
    لكن العلاقات بين الطرفين بدأت تتدهور بسبب خلافات تتعلق بالمصالح التجارية، إلى أن بلغت ذروتها في يونيو الماضي، حين شهد الجانبان مواجهة علنية على منصة “إكس”، تبادل فيها الطرفان الاتهامات، حيث اعتبر ماسك أن ترامب ما كان ليفوز بدون دعمه، كما انتقد مشروع قانون الإنفاق الحكومي الجديد، مهددًا بتأسيس حزب بديل في حال تمرير القانون.
    وبالفعل، عقب توقيع ترامب على قانون الضرائب والإنفاق في 4 يوليو، أعلن ماسك في 6 يوليو تسجيل حزبه رسميًا لدى لجنة الانتخابات الفيدرالية تحت اسم “حزب أمريكا”، بعد تصويت إلكتروني شارك فيه أكثر من 1.2 مليون مستخدم عبر منصة “إكس”، صوّت 65.4% منهم لصالح تأسيس الحزب.
    من جانبه، انتقد ترامب الخطوة بشدة، واصفًا الحزب الجديد بأنه “سخيف”، ومشيرًا إلى تضارب محتمل في المصالح نظرًا لارتباط ماسك بشركة “سبيس إكس” المتعاملة مع وكالة “ناسا”.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.