استقالة وزيرة البيئة تفتح الباب أمام تعديل وزاري مرتقب وخبير دستوري: سيناريو تسيير الأعمال هو الأقرب
كتب – عبد الرحمن السيد
في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا سياسية ودستورية، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قبوله الاستقالة المقدمة من الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، بعد سنوات من توليها الحقيبة الوزارية، وذلك استعدادا لتوليها منصب أممي رفيع المستوى كأمين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، لتكون أول مصرية وعربية تشغل هذا المنصب الدولي المهم..
وقرر مدبولي، في ضوء الاستقالة، تكليف الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، بتسيير أعمال وزارة البيئة مؤقتًا، لحين صدور قرار جمهوري بتعيين وزير جديد، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة المرحلة المقبلة: هل نحن بصدد تعديل محدود، أم إعادة تشكيل أوسع يشمل عددًا من الحقائب؟
إجراءات دستورية صارمة
تحكم التعديلات الوزارية في مصر مجموعة من النصوص الدستورية واللائحية الدقيقة، يأتي في مقدمتها المادة (147) من الدستور، التي تنص على أن لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، على ألا تقل عن ثلث عدد أعضائه.
وفي السياق ذاته، تنظم المادة (129) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب إجراءات عرض التعديل على المجلس، حيث يلتزم رئيس البرلمان بعرض خطاب رئيس الجمهورية في أول جلسة تالٍية لوصوله، وفي حال عدم انعقاد المجلس، تتم الدعوة لعقد جلسة طارئة خلال أسبوع.
ولا يُصوّت على كل وزير بشكل فردي، بل يُطرح التعديل ككل على النواب، ويُشترط للموافقة عليه أغلبية الحضور، شريطة ألا تقل عن ثلث أعضاء المجلس، وبعدها يُخطَر رئيس الجمهورية بالنتيجة لاتخاذ القرار النهائي بالتعيين.
وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.. ضوابط خاصة
يُشار إلى أن بعض الوزارات السيادية، وعلى رأسها الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، تخضع لضوابط دستورية أكثر تعقيدًا. فبحسب المادة (146) من الدستور، إذا كانت الحكومة مشكلة من حزب أو ائتلاف يملك الأغلبية البرلمانية، فإن اختيار هذه الحقائب يتم بالتشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
أما فيما يخص وزير الدفاع تحديدًا، فتنص المادة (234) من الدستور على أنه لا يُعين إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو شرط لا يزال قائمًا خلال دورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارًا من بدء العمل بالدستور الحالي.
خبير دستوري: تسيير الأعمال قد يكون الخيار الأنسب الآن
وفي تحليله للمشهد، أوضح الدكتور صلاح فوزي ، أستاذ القانون الدستوري، أن استقالة الوزراء تُقدم قانونًا إلى رئيس مجلس الوزراء بموجب المادة (174) من الدستور، وهو ما جرى فعليًا. أما التعديل الوزاري نفسه فيخضع لصلاحيات رئيس الجمهورية كما تنظمها المادة (147) من الدستور، والمادة (129) من لائحة البرلمان.
وأشار فوزي، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، إلى أن خيار “تسيير الأعمال” يبدو الأكثر ملاءمة في التوقيت الراهن، خاصة أننا على مشارف مجلس نيابي جديد، وهو ما قد يُفضل معه تأجيل التعديلات الكبرى لحين تشكيل الحكومة الجديدة في ظل البرلمان المقبل.
وقال: “الرئيس لديه صلاحية كاملة لإجراء تعديل وزاري، لكن التكليف المؤقت لأحد الوزراء بتسيير مهام حقيبة أخرى لا يُعد تعديلًا رسميًا ولا يتطلب موافقة برلمانية، وهو ما يجعل السيناريو الأقرب حاليًا هو الإبقاء على الوضع المؤقت لحين اتضاح الصورة النهائية.”
انتظار قرار رئيس الجمهورية
في ظل هذه التطورات، يبقى الجميع في انتظار الخطوة التالية من رئيس الجمهورية، سواء باختيار وزير بيئة جديد فقط، أو المضي في تعديل وزاري أوسع قد يشمل وزارات خدمية واقتصادية أخرى
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.