البحوث الفلكية: لا زلازل مدمرة ولا تسونامي يهدد مصر.. والشبكة الزلزالية ترصد بدقة

1

كتب/ محمد عبدالوهاب

في ضوء ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن احتمالية وقوع زلزال مدمر أو تسونامي خلال الفترة المقبلة، خرج الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، في تصريحات خاصة لموقع “نافذة الشرق ” نفت هذه المزاعم، مؤكدًا أنه لا توجد أي مؤشرات علمية أو بيانات مسجلة تدعو للقلق، ومطالبًا المواطنين بتحري الدقة وعدم الانسياق وراء الشائعات.

وأوضح الهادي أن المعهد لم يرصد حتى الآن أي نشاط زلزالي غير مألوف في المنطقة المحيطة بمصر، وأن الوضع الزلزالي طبيعي تمامًا، مشيرًا إلى أن الشبكة القومية للزلازل تتابع على مدار الساعة جميع الحركات الأرضية، وتملك من الإمكانيات والخبرات ما يؤهلها لرصد أي تغير ولو بسيط في النشاط الزلزالي.

وأضاف رئيس قسم الزلازل أن الشبكة القومية لرصد الزلازل تُعد من أقدم وأهم الشبكات في الوطن العربي، حيث ساهمت في تأسيس العديد من المعاهد الزلزالية في الدول العربية. وأكد أن مصر تمتلك خبرة ممتدة في هذا المجال تتجاوز 150 عامًا، ما يجعلها من الدول الرائدة على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط في مجال رصد وتحليل الزلازل.

تسجيل هزة أرضية في كريت دون خسائر

وفي سياق متصل، سجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل يوم الخميس الموافق 22 مايو 2025، هزة أرضية في جزيرة كريت، بلغت قوتها 6.24 درجة على مقياس ريختر، وتم رصدها في تمام الساعة 06:19:38 صباحًا بتوقيت مصر المحلي، على عمق 68.91 كيلومتر، وبموقع جغرافي يبعد حوالي 499 كيلومترًا شمال مدينة مرسى مطروح.

ورغم أن عدداً من المواطنين في بعض المناطق المصرية أفادوا بشعورهم بالهزة، إلا أن المعهد أكد عدم وقوع أي خسائر في الأرواح أو الممتلكات داخل البلاد، ما يعزز من حالة الاستقرار والطمأنينة حول تأثيرات هذا الزلزال.

قوة الزلزال مقابل شدته.. توضيحات علمية للرأي العام

وفي إطار التوعية الإعلامية، كشف الدكتور شريف الهادي عن سبب عدم إصدار بيانات عن “شدة” زلزال كريت على الأراضي المصرية، موضحًا أن هناك فرقًا جوهريًا بين “قوة” الزلزال و”شدته”. حيث تُقاس القوة بمقياس ريختر وهي ثابتة عالميًا ولا تتأثر بالمسافة، بينما تختلف الشدة من منطقة إلى أخرى حسب قربها من مركز الزلزال وطبيعة البنية الجيولوجية والتحتية للمنطقة.

وأشار إلى أن البيانات الرسمية تعتمد على قياس “القوة” لأنها أكثر دقة وقابلية للمقارنة بين الزلازل في مختلف دول العالم، وهو ما يجعلها المقياس الأكثر استخدامًا عالميًا.

هل هناك خطر من توابع الزلزال أو حدوث تسونامي؟

حول هذا التساؤل الذي يشغل أذهان الكثيرين، أوضح الهادي أن انتشار محطات الرصد الزلزالي في أنحاء الجمهورية، خاصة في الشمال والمناطق الساحلية، بالإضافة إلى التعاون مع المحطات الدولية، يسمح بالكشف السريع عن أي تغير في النشاط الزلزالي أو البحري، مشددًا على أن المعهد لم يرصد حتى الآن ما يشير إلى احتمال حدوث توابع خطيرة أو موجات تسونامي.

وأكد أن جميع الإشارات والدراسات العلمية تشير إلى أن الوضع في البحر المتوسط مستقر، وأنه لو كان هناك أي نشاط فوق المعتاد فستقوم الجهات المعنية بإصدار تحذيرات فورية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

إرشادات السلامة العامة… ودور المواطن

في هذا الإطار، شدد الدكتور شريف الهادي على أهمية الالتزام بإرشادات السلامة التي ينشرها المعهد القومي للبحوث الفلكية بشكل دوري، والتي تهدف إلى تجنب الذعر والتصرفات العشوائية في حال حدوث زلزال.

وأوضح أن أغلب الإصابات لا تنتج عن الزلزال نفسه، وإنما بسبب سلوك الأفراد أثناء وقوعه، كالتدافع أو استخدام السلالم والمصاعد، أو محاولة الخروج من المباني بشكل متهور. ونصح المواطنين في حال الشعور بهزة أرضية بضرورة الاحتماء تحت منضدة قوية أو التوجه إلى الزوايا الآمنة داخل المبنى، وتجنب الخروج حتى انتهاء الهزة.

مقارنة بين زلزال كريت وزلزال 1992 في مصر

وفي مقارنة مهمة، أشار الدكتور الهادي إلى أن زلزالي كريت اللذين وقعا في يومي 14 و22 مايو 2025، كانا على مسافة بعيدة من الحدود المصرية، وتحديدًا ما بين 420 إلى 500 كيلومتر، وعلى عمق يصل إلى 70 كيلومترًا، ما ساهم في تقليل تأثيراتهما على الأراضي المصرية.

بينما كان زلزال 1992 الشهير، والذي وقع في منطقة دهشور، أقرب بكثير من المناطق السكنية، حيث كان على بعد 30 إلى 40 كيلومترًا فقط من قلب العاصمة القاهرة، وكان قريبًا من سطح الأرض، مما ضاعف من تأثيره السلبي، لا سيما في ظل عدم وجود كود زلزالي للبناء وقتها.

ولفت إلى أن الكود الزلزالي المصري تم تحديثه أكثر من مرة منذ ذلك الحين، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من شروط البناء الحديثة، مما يضمن متانة الإنشاءات وقدرتها على مقاومة الهزات الأرضية المتوسطة.

وأكد المعهد القومي للبحوث الفلكية على لسان رئيس قسم الزلازل، الدكتور شريف الهادي، أن مصر في أمان من أي زلزال مدمر أو موجات تسونامي خلال الفترة الحالية، وأن جميع البيانات العلمية تؤكد استقرار النشاط الزلزالي. ويدعو المواطنين إلى عدم الانجراف وراء الشائعات أو المعلومات غير الموثوقة، والاعتماد على المصادر الرسمية في متابعة الأخبار المتعلقة بالزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية.

كما يشدد على أهمية الالتزام بإرشادات السلامة العامة، وعدم إثارة الذعر المجتمعي، مؤكدا أن العلم والرصد المستمر هما أساس التعامل مع هذه الظواهر الطبيعية.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.