التمرد مازال يهدد السودان : هل تقوم الحركات المسلحة بدمج قواتها في الجيش السوداني؟

4

كتب : الهادي العجيمي

التمرد في السودان الذي إستمر لعقود طويلة ،ما أورد السودان حروب ونزوح وتشريد مستمر حتى هذه اللحظة بدأ التمرد في السودان في
ثمانينات، القرن الماضي أغلبه كان في مناطق دارفور، وجنوب كردفان ،والنيل الأزرق، وكانت أهم أسباب التمرد هي سياسات الحكومات السودانية السابقة بسبب التهميش والتميز كما يقول قادات التمرد وبعد سنوات من الصراع يسعى السودان الي تحقيق الإستقرار، والخلاص من هذا الرحم حتى لا يولد متمرداً جديدًا.. ومن خلال إتفاق جوبا للسلام الذي وُقّع في تشرين / إكتوبر 2020 م.

تحولات اتفاق جوبا للسلام وإنهيار الأوزان العسكرية والسياسية للحركات المسلحة

وُقّع اتفاق جوبا كإحدى أبرز محطات المرحلة الإنتقالية في السودان، بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام عمر البشير. وقد مثّل الاتفاق محاولة طموحة لإعادة هندسة العلاقة بين الدولة والحركات المسلحة، من خلال شراكة ثلاثية جمعت بين الحكومة الانتقالية، وقوى الحرية والتغيير (مجموعة “صمود”)، والحركات المسلحة الموقعة.

غير أن السنوات اللاحقة كشفت عن تصدّع داخلي في بنيته، وانهيار متسارع في مرتكزاته السياسية والأخلاقية، نتيجة لتبدّل مواقع الأطراف الموقعة، وانخراط بعضها في صراعات مسلحة ضد الدولة، أو تآكل شرعيته التمثيلية، أو انسحابها الكامل من المشهد السياسي.

الإتفاق وثلاثية التوازن

إعتمد اتفاق جوبا على مبدأ تقاسم السلطة والثروة، وفق توازن بين ثلاثة أطراف رئيسية: هي الدولة السودانية ممثلة في الحكومة الإنتقالية ،وكان المفاوض الأبرز بإسمها محمد حمدان (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة آنذاك.
وكان الطرف المدني ممثلاً في عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي عن قوى الحرية والتغيير (مجموعة صمود) حاليًا ،والحركات المسلحة وعلى رأسها:
حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي
حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم
حركة تحرير السودان (الطاهر حجر)
حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي (الهادي إدريس)

تحولات المواقف وإنهيار شرعية الإتفاق
حيث قام” حميدتي” من مفاوض بإسم الدولة إلى زعيم تمرّد مسلح
وتحول حميدتي، الذي قاد مفاوضات السلام بإسم الدولة، إلى زعيم تمرد مسلح ضدها في 2023، حينما قاد قوات الدعم السريع في حرب دامية ضد الجيش السوداني. هذا الانقلاب الجذري في موقِع أحد أركان الاتفاق أفقد الوثيقة أساسها الشرعي كمظلة توافقية.
وقام محمد حسن التعايشي: من ممثل للمدنيين إلى حليف للتمرد
بعد خروجه من مجلس السيادة، إنخرط التعايشي في تكتلات معارضة متحالفة مع قوات الدعم السريع، ما يثير تساؤلات حول تمثيله للمدنيين خلال المفاوضات، ويضعف مصداقية شراكته السياسية في الاتفاق.

انخراط الحركات المسلحة في تحالف الدعم السريع مع ” حميدتي”

حيث إنضم الطاهر حجر والهادي إدريس إلى التحالف العسكري والسياسي الذي يقوده الدعم السريع ، ما يتناقض جذرياً مع موقعهم السابق كموقعين على إتفاق سلام مع الدولة، ويجعلهم طرفًا في النزاع بدلًا من أن يكونوا وسطاء في تسويته.

وتشير تقارير صحفية إلى : إنهيار الأوزان العسكرية بين مناوي وجبريل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة ” حيث بالرغم من إحتفاظهما بمناصب رسمية بعد الاتفاق، إلا أن حركتي مناوي وجبريل لا تمتلكان أي أراضٍ تحت سيطرتهما الفعلية في دارفور، حيث تشير التقارير إلى أن نحو 90% من الإقليم يخضع لسيطرة قوات الجنجويد، ما يكشف عن خواء الحركتين عسكرياً، وانعدام قدرتهم على فرض أمر واقع أو حماية مكاسب السلام ميدانيًا.

تفكك قوى الحرية والتغيير – (صمود _الآن)

وتقول تقارير لموقع “مونت كارلو الدولية” أن مجموعة صمود، الطرف المدني الثالث في الاتفاق، فقدت فعاليتها السياسية، وتحولت إلى مظلة رمزية أقرب للدعم السياسي للدعم السريع “، دون وجود تمثيل شعبي أو مؤسسي حقيقي.

ونشر ذات الموقع النتائج والتداعيات

فراغ الاتفاق من محتواه السياسي ،وغياب جميع الأطراف الأصلية عن مواقعها التمثيلية، وتحول بعضها إلى أطراف نزاع مسلح، يجعل من الاتفاق وثيقة غير فعالة، لا تصلح كمرجعية مستقبلية لأي تسوية سياسية.

سقوط المرجعية التفاوضية لإتفاق جوبا
في ظل إنهيار توازن القوى الذي تأسس عليه الإتفاق ، تصبح الحاجة ملحّة لإعادة النظر فيه أو إعادة إنتاجه ضمن ترتيبات جديدة تعكس الواقع العسكري والسياسي القائم.

وتقول التقارير أنه فشل في تحقيق الأهداف المحورية، ولم يُحقق الاتفاق أيًّا من أهدافه المعلنة، سواء في ما يتعلق بدمج القوات، أو العدالة الانتقالية، أو عودة النازحين، مما جعله أقرب إلى وثيقة سياسية منتهية الصلاحية.

لقد كان اتفاق جوبا للسلام محاولة لصياغة سلام انتقالي في ظل ظروف استثنائية، لكنه أخفق في المحافظة على تماسك أطرافه، وعجز عن بناء آليات مؤسسية تحميه من التآكل والتجاوز. واليوم لا يمثّل هذا الاتفاق سوى أرشيف سياسي لمرحلة إنقضت، ولا يمكن اعتباره مرجعية صالحة لبناء المستقبل، ما يفرض الحاجة إلى عقد إجتماعي جديد يعكس التحولات الجارية، ويعيد تعريف من هم “أطراف السلام” الحقيقيون، في ضوء الاصطفافات العسكرية والسياسية الراهنة.

خطر التمرد الذي مازال مستمر

بعد كل هذه الإتفاقيات، ونقضها المتكرر وبعد نشوب الحرب في السودان، التي مازالت مستمرة ،يظل التمرد حجر عثرة أمام الدولة السودانية ولم يعقر ” رحم هذا التمرد، إنضمت مكونات كثيرة وتم تسيلحها من قبل القوات المسلحة السودانية نفسها لتقاتل معها ،حيث أصبحت لها قوة وعتاد، كبيرين مما زادت المخاوف في كل أرجاء السودان من تتحول هذه القوات المسلحة الي تمرد وخطر جديد يهدد الدولة السودانية التي تعاني التمرد منذ عقود طويلة ، ومن ماطمئن بعض الشارع السوداني، إنه صرحت (قوات البراء بن مالك) وزعيمها القائد المصباح وقال ما أن تنتهي هذه الحرب الا وأن وضعنا سلاحنا في يد القوات المسلحة السودانية، وذهب كل واحد منا الي عمله ومهنته، حيث ظهر المصباح في تصريحات كثيرة ،يقول هذه العبارات مشيراً الي أنهم لبو نداء الوطن فقط ولايسعون الي سلطة أو منصب ونوه أن جميع من داخل قواته يعمل في مهنته وتفرغ الي ما لانهاية، لخدمة الوطن وفيهم من آتي من خارج الدولة

ولكن مايهدد السودان من التمرد أنه هناك الكثير من الحركات والقوات التي منها يحارب مع الجيش السوداني الان، ومنها من قوات حديثة الولادة.. حيث تم تكوين قوات في كل من شمال السودان، وقوات في شرق السودان
وأخرى في الوسط، وهي تتبع ل ” أبو عاقلة كيكل الزعيم الذي إنشق بقواته من الدعم السريع” حيث قام بتسميتها (درع السودان) وذلك عقب إنسلاخه ،من رفيقه حميدتي ،في بدايات الحرب. وهو الآن يقاتل صفًا مع القوات المسلحة السودانية ولكن السؤال قواته الي أين خصوصاً ووصفه البعض بأنه حميدتي ” قادم جديد.

هاجس الدمج وتحدياته

وفي تصريحات خاصة ( لنفاذة الشرق) يقول الباحث السياسي د . أحمد طه : أنا لا آرى صعوبة في دمج الحركات المسلحة داخل الجيش السوداني، مشيرًا الي أن سلام جوبا سوف يظل كما ھو ،وربما تكون فيه بعض التعديلات تماشيًا مع متطلبات المرحلة، ويضيف طه لاشك أن قادة الحركات ينظرون إلى مصير حميدتي الآن الذي كان يمثل الدولة وكان الرجل الثاني فيها والآن غادرها الي مصير مجهول بعد تمرده ، ولذلك لا أظن ان تكون هناك صعوبة في الدمج ، فسلام جوبا يهدف إلى تحقيق السلام الشامل في السودان، ولكن مصيره يعتمد على مدى التزام الأطراف بتنفيذ بنوده، وتجاوز التحديات التي تواجهه

التمرد مازال يهدد السودان

الباحث والسياسي أحمد طه يواصل في حديثة قائلاً: في ظل الأحداث المتسارعة ،ووفقًا للواقع المرير الذي يعيشه السودانيون نتيجة لتمرد حميدتي الغاشم، أرى أن التمرد قد أخذ منحى أخر، ألا وهو أطماع بعض الدول الإقليمية والدولية فأصبح التمرد أداة لتنفيذ مطامع خارجية، وھذا إن دل إنما يدل على أنھم يحاربون بالوكالة، مما إنعكس سلبا على الدولة السودان، وإستنادًا على ما ذكرت آنفا يمكن القول أن التمرد أصبح خطرا يھدد السودان في وحدة أراضيه وفي رمزية سيادته متمثلة في المؤسسة العسكرية، ومن إفرازات تمرد الدعم السريع، مضيًفا أن عدم الإستقرار السياسي الذي نشاھده اليوم، والنزاعات المسلحة، والناظر الي حركة المتمرد ” عبدالعزيز الحلو” وكذلك التدخل الأجنبي من خلال جلب المرتزقة من دول غرب أفريقيا وبعض الدول الإقليمية، ويكمن خطر التمرد بھدم البنية التحتية للدولة السودانية من خلال قصف المؤسسات، كل ذلك للضغط على الحكومة السودانية باعتقادھم أن ھذه الممارسات الوحشية يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام السياسي، واردف طه لكن في تقديري أن ھذا الخراب الممنھج خلق حالة من عدم اليقين والتوتر، لأنني أعلم يقينا أن الحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية، تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتهجير السكان، وفقدان الأرواح، مع الأخذ بالحسبان وقوفي مع المؤسسة العسكرية التي تمثل رمز السيادة الوطنية، كما أكد ومن مهددات التمرد وخطورته على الدولة السودانية، التدخل الأجنبي الذي يمكن أن يؤدي إلى احتلال أراضٍ ، وتقويض السيادة الوطنية، وتدمير المؤسسات ويمكن أن يؤدي إلى استغلال الموارد، وتشويه الاقتصاد الوطني، وزيادة التبعية للدول الأجنبية.
ماهي الحلول لنهاية عهد التمرد في السودان ؟

يجيب على هذا السؤال الباحث السياسي طه في مواصلة حديثه ويقول : ينتهي التمرد في السودان بعدة طرق، منها، الحسم العسكري
قد يتمكن الجيش السوداني من القضاء على المتمردين عسكريًا، وهو خيار مكلف ويتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لكنني أراھا ضروريا، وربما ينتھي بالمفاوضات والحلول السياسية من خلال التوصل إلى إتفاق سلام من خلال مفاوضات بين الأطراف المتنازعة، وقد يتصمن منح المتمردين بعض المكاسب السياسية، وربما ينتھي التمرد بالتدخل الخارجي من خلال تدخل طرف ثالث (دولي أو إقليمي) في الأزمة، إما عسكريًا أو دبلوماسيًا، للمساعدة في إنهاء التمرد، وأضاف وھذا ما تخشاھ الحكومة، وخلاصة القول يعتمد إنهاء التمرد على عدة عوامل، بما في ذلك القدرة العسكرية للجيش، وكذلك نجاح الجهود الدبلوماسية، ومدى استعداد الأطراف للتنازل.

مخاوف من كيكل رفيق حميدتي سابقاً

وقال دكتور أحمد طه أن بالرغم من أنه شكل بنفوذه مصدر قلق كبير الي التيارات العسكرية والسياسيه المتحالفة مع الجيش السوداني ولكن من وجھة نظري لا أخاف علي كيكل قائد قوات درع السودان أن يتمرد ، لأن كيكل يعرف مصير من سبقوه، مثنيًا على أن كيكل قدم نماذج في البسالة والتضحية وكتب لنفسه تاريخًا مشرقًا بعد أن كان بالأمس القريب تلاحقه اللعنات، حينما كان يقاتل مع الدعم السريع المتمرد على الدولة وأختتم طه حديثه برسالة ومدح وقال أبعث رسالة للقائمين بالأمر تطبيق القانون ودمج جميع الحركات المسلحة في الجيش، كي لا تتكرر سيناريوھات لا يحمد عقباه.
كما أعجب طه من ،من مالك عقار حيث قام بدمج قواته داخل الجيش السوداني منذ بداية الحرب ليكون أول الزعماء الذين نفذو إتفاق جوبا للسلام

إيجابيات الحرب

وقال الصحفي والمحلل السياسي محمد نوار في تصريحات خاصة (لنافذة الشرق) : أن من إيجابيات الحرب الآن وعي الناس بأن تكون هناك قوات موازية للجيش السوداني ولا يستبعد نوار أن يكون هناك إتفاق قد تم بين الحركات المسلحة والجيش السوداني في عملية الدمج بعد الحرب خصوصًا أن هناك عمليات إستيعاب وتجنيد، مؤكداً أن الحركات لاتمانع الدمج ويرتبط الحديث بالهياكل المقدمة، والمقترحات المطابقة لشروط الدمج وأضاف نوار الموقف العام النفسي أصبح ضد التمليش وتكوين حركات متمردة بالرغم من أن هناك حركات تمرد فاحت رائحتها ويرى نوار أنه اذا تواصل التمرد وتلاشت أمال الشعب السوداني وأنهار إتفاق جوبا لاخيار سواء الحسم العسكري فقط.

التمرد في السودان هو صراع معقد ،ومتعدد الأوجه ،إستمر لعقود، وأثر على ملاين الأشخاص ،ورغم التحديات هناك أمل في المستقبل يتمثل في إتفاق جوبا لحل الازمة التي تمثل خطوات مهمة نحو السلام والإستقرار
ويجب وضع التأثير الإنساني فى عين الاعتبار حيث أثر التمرد في حياة الإنسان ،والنزاعات المسلحة أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات ونزوح وتهجير ملاين الأشخاص.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.