الجنيه تحت الضغط.. مقرر لجنة أولويات الاستثمار في الحوار الوطني يشرح كيف تهدد الحرب الإقليمية استقرار الاقتصاد المصري

3

عبد الرحمن السيد

وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل استمرار المواجهات بين إسرائيل وإيران، يزداد القلق من تأثيرات هذه الأوضاع على الاقتصاد المصري، وفي القلب منه الجنيه المصري، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة في سوق الصرف. في هذا السياق، أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أن التوترات الجيوسياسية تُلقي بظلالها الثقيلة على مؤشرات الاقتصاد المصري، بدءًا من سعر الصرف، مرورًا بأسعار الطاقة، وانتهاءً بمعدلات التضخم ومستهدفات الموازنة العامة.

الحرب تضغط على الجنيه

يقول النائب أيمن محسب،في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق إن الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران له تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن الجنيه المصري سيتعرض لمزيد من الضغوط أمام الدولار الأمريكي، نتيجة حالة عدم الاستقرار في الإقليم، والتي تؤثر بشكل كبير على الأسواق الناشئة، ومن بينها السوق المصري.

ويرى محسب أن الجنيه تأثر بالفعل خلال الفترة الماضية نتيجة حزمة من الإصلاحات الاقتصادية اتخذتها الدولة، منها تحرير سعر الصرف، وتوقيع اتفاقيات تمويلية مع صندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لإعادة التوازن في سوق العملة، ووقف نزيف السوق السوداء، وتوفير الدولار للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.

أسعار النفط تهدد الموازنة

أحد أبرز المخاطر التي نبه إليها النائب محسب هو ارتفاع أسعار النفط العالمية نتيجة تصاعد الحرب، مشيرًا إلى أن مصر تعتمد على استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتها البترولية، وبالتالي فإن أي زيادة في أسعار الخام تنعكس بشكل مباشر على فاتورة واردات الطاقة، ما يزيد من أعباء الموازنة العامة.

ويؤكد النائب أن هذا الارتفاع قد يؤدي إلى زيادة تكلفة النقل والإنتاج داخل السوق المحلي، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم، ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، ويضغط على برامج الحماية الاجتماعية التي تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا.

تحذير من اتساع الصراع

يشدد محسب على أن استمرار الحرب واتساع رقعتها إلى دول أخرى في الإقليم قد يدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الممتد، ما سيكون له آثار اقتصادية “شديدة الخطورة”، ليس فقط على مصر، بل على أغلب اقتصاديات المنطقة، بما فيها الدول النفطية والنامية.

وأشار إلى أن هذا السيناريو يفرض على الحكومة المصرية أن تكون في أعلى درجات الجاهزية من حيث رسم السياسات المالية والنقدية، ومتابعة الأسواق العالمية، خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية والطاقة، وكذلك حركة الاستثمارات والتحويلات الأجنبية.

خارطة إنقاذ: تنويع وتوسيع

ولتقليل آثار هذه التحديات، طرح النائب مجموعة من الإجراءات الوقائية، أهمها:

تنويع مصادر الطاقة لتقليل الاعتماد على النفط المستورد.

توسيع قاعدة الشركاء التجاريين لتعويض أي نقص محتمل في واردات أو صادرات.

ترشيد الواردات غير الضرورية لضبط الطلب على العملة الأجنبية.

استمرار البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية بمرونة لضبط الأسواق وسعر الصرف.

كما دعا إلى تشجيع الصادرات، والاستفادة من ميزات الموقع الجيوسياسي لمصر في جذب استثمارات مباشرة من الدول الباحثة عن أسواق بديلة ومستقرة وسط العواصف الإقليمية.

الاستقرار السياسي هو خط الدفاع الأول

من النقاط الجوهرية التي شدد عليها النائب، أن الاستقرار السياسي في مصر يمثل حائط صد قوي أمام الهزات العالمية، مشيرًا إلى أنه عنصر رئيسي في جذب المستثمرين الأجانب، الذين يبحثون دومًا عن بيئة مستقرة وآمنة.

وأكد محسب أن الدولة تتابع عن كثب كل تطورات الوضع الإقليمي، وتعمل على تحليل السيناريوهات المحتملة، وتدرس آليات دعم الاستثمار المحلي والأجنبي رغم التحديات، بما يضمن الحفاظ على استقرار الجنيه المصري والأسواق.

تحفيز الاستثمار رغم التوتر

رغم التحديات، أشار النائب إلى أن هناك جهودًا حقيقية لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، من خلال:

استمرار تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى.

دعم قطاع السياحة باعتباره أحد الروافد الرئيسية للعملة الصعبة.

تشجيع تحويلات المصريين بالخارج من خلال تسهيلات مالية ومصرفية.

تعزيز بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار من خلال قوانين محفزة.

في ظل استمرار التوترات الإقليمية، يقف الاقتصاد المصري أمام اختبار صعب، لكن الدولة – بحسب النائب محسب – تملك أدوات قوية للصمود، بشرط الإسراع في تنفيذ السياسات المرنة والوقائية، والاستفادة من الفرص التي قد تخلقها المتغيرات الجيوسياسية، خصوصًا مع استعداد دول عديدة لإعادة توجيه استثماراتها نحو مناطق أكثر استقرارًا مثل مصر.

انعكاسات الحرب بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد المصري

  1. ارتفاع أسعار النفط يضغط على الموازنة:
    تؤدي الحرب بين إيران وإسرائيل إلى اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، ما يرفع أسعار النفط بشكل ملحوظ. وبما أن مصر تستورد جانبًا كبيرًا من احتياجاتها البترولية، فإن هذا الارتفاع يزيد من فاتورة واردات الطاقة، ويشكّل عبئًا إضافيًا على الموازنة العامة للدولة، التي تسعى جاهدة لضبط العجز وتقليل الإنفاق، خصوصًا في ظل سياسة تقليص الدعم التدريجي.
  2. تزايد الضغوط على الجنيه المصري:
    تضع التوترات الإقليمية المتصاعدة الجنيه المصري تحت ضغوط إضافية أمام الدولار، نتيجة تخارج بعض الاستثمارات الأجنبية بحثًا عن ملاذات أكثر أمانًا، وزيادة الطلب المحلي على العملة الصعبة. كما أن ارتفاع تكلفة الاستيراد في ظل أسعار شحن وطاقة مرتفعة يزيد الطلب على الدولار، ما قد يؤثر على استقرار سوق الصرف، ويرفع من كلفة السلع الأساسية.
  3. تهديد لمعدلات النم وجذب الاستثمارات:
    البيئة الإقليمية المضطربة تُقلل من شهية المستثمرين الأجانب، وتضعف فرص تدفق الاستثمارات الجديدة إلى السوق المصري، لا سيما في القطاعات المعتمدة على الاستقرار مثل السياحة والصناعة. كما تؤثر على حركة التجارة الخارجية، وترفع من معدلات التضخم محليًا، ما يمثل تحديًا أمام جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز الثقة في مناخ الاستثمار.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.