“الذبح العشوائي جريمة بيئية”.. وكيل لجنة الإدارة المحلية لـ”نافذة الشرق”: نحتاج لتفعيل القانون وتوفير مجازر بديلة بالمجان
عبد الرحمن السيد
مع اقتراب عيد الأضحى، تتجدد مشاهد الذبح العشوائي في الشوارع، لتتحول بعض الأحياء إلى ما يشبه “المجازر المفتوحة”، وسط غياب واضح للرقابة وتطبيق القانون. دماء تسيل على الأسفلت، ومخلفات تملأ الطرقات، وروائح كريهة تخنق الأنفاس، في مشهد لا يليق بمدينة أو حي. ورغم وجود تشريعات واضحة وصارمة، لا يزال تنفيذها غائبًا، ما يطرح تساؤلات عديدة عن دور الدولة والمواطن.
“نافذة الشرق” فتح هذا الملف مع النائب وفيق عزت، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الذي كشف عن تفاصيل الجهود البرلمانية، وأوجه القصور، والحلول المقترحة.
وإلى نص الحوار كاملا:
بداية، هل تلقى البرلمان شكاوى من المواطنين بشأن ظاهرة الذبح في الشوارع؟
بكل تأكيد. مع اقتراب كل عيد أضحى، ترد إلينا شكاوى متكررة من المواطنين في مختلف المحافظات، سواء من خلال وسائل الإعلام أو عبر التواصل المباشر مع النواب. الظاهرة أصبحت مؤرقة، لأنها تتكرر سنويًا، وتتسبب في مشكلات بيئية وصحية، وتشوه المظهر العام.
رغم وجود قوانين، لماذا لا تزال الظاهرة مستمرة؟
القانون موجود بالفعل، وتحديدًا المادة 136 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمعدل بالقانون رقم 207 لسنة 1980، والتي تحظر الذبح خارج المجازر الرسمية. لكن المشكلة الرئيسية في ضعف التطبيق على أرض الواقع، وقصور أداء المحليات، بالإضافة إلى غياب الوعي المجتمعي بخطورة الظاهرة.
وتنص المادة 136 من قانون الزراعة على أنه لا يجوز في المدن والقرى التي يوجد بها أماكن مخصصة رسميًا للذبح أو مجازر ذبح أو سلخ الحيوانات المخصصة لحومها للاستهلاك العام خارج تلك الأماكن أو المجازر.
وتنص المادة 143 مكررًا على ان يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ذبح بالمخالفة لأحكام المادة 109 الإناث العشار أو إناث الأبقار والجاموس والأغنام غير المستوردة ما لم يصل وزنها أو نموها إلى الحد الذي يقرره وزير الزراعة ، ويعاقب على كل مخالفة أخرى لأحكام المادة 109 وأحكام المادة 136 والقرارات الصادرة تنفيذا لهما بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتضاعف هذه الحدود في حالة العود. وفي جميع الأحوال المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين يحكم بمصادرة المضبوطات لحساب وزارة الزراعة وتغلق المحال التجارية التي تذبح أو تضبط أو تباع فيها اللحوم المخالفة وذلك لمدة ثلاثة أشهر في المرة الأولى وتغلق نهائيا في حالة العود.
هل هناك مطالبات برلمانية رسمية لمعالجة هذه الظاهرة؟
نعم. تلقى مجلس النواب مؤخرًا طلبات إحاطة من عدد من النواب، ومن المفترض أن يتم فحصها من قبل مجلس النواب ولجنة الإدارة المحلية.. منها ما طل إحاطة مقدم من النائب خالد طنطاوي موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيري الزراعة والتنمية المحلية، بشأن ما تشهده الشوارع والميادين من ذبح عشوائي للأضاحي خلال العيد. وأشار النائب إلى أن الظاهرة تتسبب في تلوث بيئي، وأضرار صحية جسيمة، مطالبًا بتفعيل الرقابة وتوفير بدائل مناسبة للمواطنين.
ما العقوبات القانونية المقررة؟ وهل تراها كافية؟
كما أشرت، المادة 143 مكررًا من قانون الزراعة تنص على الحبس من 6 أشهر إلى سنة، وغرامة من 200 إلى 500 جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من يذبح خارج المجازر الرسمية. وتضاعف العقوبات في حال تكرار المخالفة، وتُصادر اللحوم، وتُغلق المحال المخالفة لمدة ثلاثة أشهر في المرة الأولى، وتغلق نهائيًا في حال التكرار. المشكلة ليست في العقوبات، بل في مدى تنفيذها على أرض الواقع.
هل ترى أن توفير مجازر مجانية قد يكون حلًا عمليًا؟
بالطبع. لا يمكننا مطالبة المواطن بعدم الذبح في الشارع دون أن نوفر له بديلاً مناسبًا. توفير مجازر أو ساحات ذبح مرخصة ومجانية خلال أيام العيد خطوة ضرورية لتغيير ثقافة الناس، وتخفيف الضغط على الشوارع، والحفاظ على البيئة.
ما دور المحليات؟ وهل تؤدي دورها؟
المحليات تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الذبح العشوائي، ولكن دورها لا يزال ضعيفًا. هناك قصور في الرقابة، وفي التنسيق بين الجهات المعنية. نحتاج إلى تحرك من رؤساء الأحياء بالتعاون مع الشرطة البيطرية وشرطة المرافق، وضرورة شن حملات استباقية قبل العيد بأيام.
هل هناك تنسيق مطلوب بين الوزارات؟
نعم، هناك حاجة لتنسيق بين وزارات الزراعة والتنمية المحلية والبيئة والصحة. كل وزارة لها دور، ويجب وضع خطة متكاملة تبدأ قبل العيد بفترة كافية، تشمل حملات توعية، وتجهيز ساحات الذبح، والتشديد على تطبيق القانون.
من الناحية الصحية، ما الأضرار المترتبة على الذبح العشوائي؟
ذبح الأضاحي في الشوارع يؤدي إلى تلوث التربة والمياه، وجذب الحشرات والكلاب الضالة، فضلًا عن انتشار الروائح الكريهة. الدماء المتروكة على الأسفلت قد تختلط بمياه الصرف أو المياه الجوفية، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض. هناك خطورة على الصحة العامة لا يمكن الاستهانة بها.
البعض يرى أن المشكلة سلوكية أكثر منها قانونية.. ما رأيك؟
صحيح. هناك جانب قانوني لا خلاف عليه، لكننا نواجه أيضًا أزمة وعي. المواطن بحاجة إلى توعية مستمرة من خلال الإعلام والمدارس والمساجد، لتغيير سلوكيات راسخة. الذبح في الشارع لا علاقة له بالدين، بل هو عادة خاطئة، ويمكن القضاء عليها تدريجيًا بالتوعية والتشديد في التطبيق.
ما هي رؤيتكم كبرلمان لمعالجة هذا الملف على المدى البعيد؟
نحن نعمل على أكثر من محور: أولًا، تفعيل القانون الحالي وتطبيق العقوبات بحزم. ثانيًا، تقديم حوافز للمواطنين للذبح في المجازر الرسمية. ثالثًا، إعداد تشريعات مكملة في حال ثبت أن النصوص الحالية غير كافية. وأخيرًا، تشجيع مشاركة المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في التوعية وتنظيم حملات تطهير ونظافة بعد العيد.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.