الشرع في مفترق الطرق بين الولايات المتحدة والمجاهدين .. وسر الوساطة السعودية لرفع العقوبات عن سوريا
كتبت : ضحى ناصر
كشف عدد من مسئولي الإدارة المختصة بتطبيق قرارات رفع العقوبات عن سوريا التي أصدرها الرئيس ترامب أن ذلك القرار جاء مفاجئاً حيث نقلت وكالة “رويترز” عن أربعة مسؤولين أميركيين مطلعين أن الإدارات المختصة بالعقوبات لم تتلق أي إشعارات مسبقة من البيت الأبيض، سواء عبر مذكرات رسمية أو توجيهات داخلية، بشأن القرار الذي أعلنه ترامب خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية.
وأشار المسؤولين، إلى أن كبار موظفي وزارتي الخارجية والخزانة مازالوا يبحثون فهم كيفية تنفيذ القرار، لا سيما أن بعض العقوبات المفروضة تعود إلى أكثر من أربعة عقود، حيث أكد مصدر مسؤول أن “الجميع يحاول استكشاف كيفية تنفيذ ذلك”.
ووفقاً للمسؤولين، فأن رفع العقوبات سيكون معقدا ًوسيستغرق شهوراً.
وأوضح مسؤول أمريكي كبير لرويترز أن البيت الأبيض لم يصدر حتى الآن أي مذكرة أو توجيه لمسؤولي العقوبات في وزارة الخارجية أو وزارة الخزانة للتحضير لإلغاء العقوبات، ولم ينبههم إلى أن هناك إعلاناً وشيكاً من الرئيس بهذا الشأن.
و كان المسؤولون في الإدارات الأمريكية المختصة قد أصيبوا بالدهشة والحيرة من أمرهم بشأن الكيفية التي سيتم بناءً عليها إلغاء حِزماً ومستويات مختلفة من العقوبات، و حول ما سيتم تخفيفه من بينها وما هو الموعد الذي سيحدده البيت الأبيض لبدء تلك العملية .
وذلك على الرغُم من أن إدارات العقوبات في واشنطن قد أعدت بالفعل أوراقاً وخيارات مختلفة للتعامل مع الملف السوري، تحسباً لقرار سياسي محتمل، إلا أن حالة الإنقسام داخل البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، ساهمت في إبطاء إتخاذ أي خطوات عملية في هذا الملف .
ما الذي تسلّح به الشرع لإقناع ترامب
قبل إنطلاق إجتماع الشرع وترامب في المملكة العربية السعودية تواصلت نافذة الشرق مع الأكاديمي والمحلل السياسي الأمريكي، أدريان كالاميل، والذي أكد أن مايتعين على أحمد الشرع تقديمه أو التركيز عليه خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي في السعودية لكسب ثقة ترامب، وبالتالي ضمان الدعم الأمريكي لخطة إعادة إعمار سوريا
هو إقناع ترامب بسلسلة من القضايا، مضيفاًلكنني متأكد من أن القطريين والأتراك سيهمسون في أذنه.
ونوّه كالاميل أنه ينبغي على الشرع على الأرجح أن يؤكد أنه مر بتحول هائل، وأنه لا يعرف حتى الجهادي السابق المسمى الجولاني، الملطخة يداه بدماء الأمريكيين.
وأختتم بإختصار، عليه أن يثبت أنه ليس من تنظيم القاعدة، وأن أموال إعادة الإعمار لن تُستخدم في صيانة معسكراته الإرهابية في ليبيا أو في عمليات إرهابية هذه هي نقطة البداية.
وهو ما بدى واضحاً تماماً أن الشرع نجح فيه وساهمت الوساطة السعودية إلى حد كبير في جعل المسألة تبدو أسهل مما كان الشرع نفسه يتوقع .
المفاضلة بين المجاهدين والولايات المتحدة من يختار الشرع ؟
وعن ذلك يقول الكاتب الصحفي والمحلل والباحث في شؤون الجماعات، منير أديب، يواجه الرئيس أحمد الشرع تحدياً كبيراً فإما أن ينطلق بسوريا إلى الأمام مُتماهياً مع الطلبات الأمريكية و ينال رضا المجتمع الدولى بعدم منح المقاتلين الأجانب الجنسية السورية لأن ذلك يعد مثار قلق للولايات المتحدة وعدة دول من بينها الدول التى ينحضر منها هؤلاء المقاتلون الذين مازالوا على ولائهم للفكرة التي قاتلوا من أجلها وهم لا علاقة لهم بالبيئة السورية بل يقاتلون إنطلاقاً من خلفية دينية و أيدلوجية .
وأضاف أديب ويمكن إعتبار تلك النقطة أحد الأسباب الجوهرية التي أدت إلى مجزرة الساحل السوري وعلى أحمد الشرع أن يختار إما أن ينحاز لنفسه بنسخته الجديدة نسخة أحمد الشرع أو ينحاز لأبو محمد الجولانى وبالتالي يعمل على نُصرة هؤلاء المقاتلين الأجانب .
وتابع وفي تقديرى الخاص أنه سوف يتماهى مع المطالب الأمريكية وسوف يقدم للولايات المتحدة أوراق إعتماده ولن يمنح الجنسية لهؤلاء المقاتلين لاسيما بعدما طالبه بذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسيتشدد كثيراً في تثبيت دعائم حكمه وهو ما يجعله أكثر إحتياجاً لدعم واشنطن له بعد رفع العقوبات التي كانت فرضتها الولايات المتحدة على سوريا في عام 2011.
كيف سيتعامل المسلحون مع نظام الشرع بعد تخليه عنهم لصالح الولايات المتحدة ؟
وبهذا الصدد فقد أوضح أديب أن هناك قد تصدر ردود فعل عن هؤلاء المقاتلين الأجانب وكذلك المليشيات والتنظيمات المسلحة التي تضم هؤلاء المقاتلين تحت لواءها، ولكن ستعمل حكومة الشرع على مواجهة هؤلاء المقاتلين وتلك التنظيمات من أجل إرضاء الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما داعش التي تكن العداء لهيئة تحرير الشام وأحمد الشرع، حيث من المرجح أن تكون تلك الأفعال بمثابة طلقات تحذيرية للشرع لكنها لا قيمة لها، وستواجه بكل شراسة وحسم .
الأسباب التي جعلت المملكة العربية السعودية تلعب دور الوساطة من أجل رفع العقوبات عن سوريا
يجيب أديب عن ذلك التساؤل قائلاً : لا شك أن المملكة العربية السعودية قامت بجهود كبيرة من أجل رفع العقوبات الإقتصادية عن سوريا، رغبةً من المملكة في تحقيق الإستقرار لسوريا إنطلاقاً من رغبة عربية سعودية لدعم الدولة السورية وهو مايعنى الحيلولة دون وقوع سوريا في براثن إيران مرة أخرى فتصبح زمام إتخاذ القرار السوري بيد طهران كما كان الوضع قبل نحو خمسون عاماً منذ عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد و نجله الرئيس السابق بشار الأسد، وربما يكون هذا هو السر وراء دعم المملكة العربية السعودية لسوريا والمطالبة برفع العقوبات عنها.
هذا ويذكر أن مصدر مسؤول في البيت الأبيض قد أكد على أن ذلك القرار جاء إنطلاقاً من رغبة الرئيس الأمريكي في “منح سوريا فرصة لمستقبل أفضل”.
فيما لم تصدر وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتان أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن كيفية تنفيذ قرار رفع العقوبات أو الجدول الزمني المتوقع لذلك.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.