المعاشات في مصر.. نظرة تحليلية

5

 11 مليونا و670 ألفا … هم عدد أصحاب المعاشات في مصر … ارتاحوا من أعباء الوظيفة العمومية، ليواجهوا أعباء الحياة ومباشرة حياة أبناءهم وأحفادهم، وبعضهم يواجه المرض وربما العجز، قصة انسانية يمر بها عدد كبير من موظفي مصر سواء بالقطاع العام أو الخاص، أو الجهاز الاداري للدولة، وبعد سنوات طوال نجحت الدولة المصرية في توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات، منذ توقيع اتفاق فض التشابكات المالية بين الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية والخزانة العامة للدولة، والذى بموجبه سيتم تسديد نحو 45 تريليون جنيه للهيئة على مدار 50 عاما اعتبارا من 2019 .

وواجه نظام التأمين الإجتماعي تحديات ضخمة عبر عقود من الزمن، لعل أبرزها قضية أموال التأمينات التي طرحت عام 2005 وما أُثير حولها من جدل، وكيفية إستثمارها ، وتدني قيم المعاشات، وغيرها من التحديات التي لاتخفى على أحد.

 ويعد رعاية أصحاب المعاشات أحد أهم برامج الحماية والأمان الاجتماعي، التي تتكفل بها الدولة تجاههم بعد أن أمضو كل عمرهم في الوظيفة العامة، حيث تستهدف الدولة ضمان حياة كريمة لعدد كبير من فئات المجتمع وتلبية احتياجاتهم الأساسية.. ومنذ اليوم الأول له في الحكم اهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بملف التأمينات الإجتماعية لما له من أثر مباشر على الأمن والسلم الإجتماعيين وتحقيق الحماية الإجتماعية للمواطنين، فنظام التأمين الإجتماعي يحظى بإهتمام كافة فئات المجتمع لما له من آثار اقتصادية واجتماعية، سواء فئات المستثمرين وأصحاب الأعمال الذين يؤدون اشتراكات التأمينات الإجتماعية الممثلة في حصة صاحب العمل عن العاملين لديه، أو المؤمن عليهم من العاملين لدى الغير و أصحاب الأعمال والمصريين العاملين بالخارج و العمالة غير المنتظمة، كما يحظى باهتمام أصحاب المعاشات وأسرهم من المستحقين للمعاشات.

وأسهمت خطة الحماية الاجتماعية التي تم تطبيقها منذ 2014 فى تراجع معدلات الفقر في مصر وهو مؤشر لنجاح جهود الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها وركزت فيها على البعد الاجتماعي للتنمية.

وتنص المادة 17 من الدستور المصري علي : ” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وفقا للقانون، وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارا آمنا، وتديرها هيئة مستقلة، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات.

فيما نصت المادة 27 على: “يلتزم النظام الإقتصادى اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر”.

وحسب بيانات وزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، شهدت أعداد المستفيدين من المعاشات زيادة كبيرة خلال الفترة من 2014 وحتى 2023، فضلا عن زيادة قيمة المعاشات سنويا، فقد ارتفعت قيمة المعاشات ارتفعت 10 مرات خلال الفترة من 2014 حتى 2023، وزادت قيمتها بمعدل 293% من 86.5 مليار جنيه فى العام 2013 – 2014 إلى 340 مليار جنيه فى 2022 – 2023، كما زادت معاشات الضمان الاجتماعي لتصل إلى 31 مليار جنيه فى موازنة 2023 – 2024 مقابل 22 مليار جنيه فى موازنة 2022 – 2023، و19 مليار جنيه فى موزانة 2021- 2022.

كما ارتفع معاش تكافل وكرامة، خلال عام 2023، إلى 40%، حيث قرر عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية زيادتها بـ 25% فى مارس، و15% في سبتمبر الماضيين، ليرتفع  معاش “تكافل” بعد زيادة سبتمبر 2023 ليصل إلى 630 جنيه بدلا من 450 جنيه، وبلغ معاش “كرامة” لكبار السن وذوي الإعاقة 490 جنيه بدلا من 350 جنيه.

وهنا نقول إن منظومة المعاشات فى مصر، شهدت تطورا كبير خلال السنوات الماضية جعلها قادرة على توفير الحماية الاجتماعية للفئات المستحقة لها، فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك فى إطار حرص الدولة على تحسين أوضاعه أصحاب المعاشات الاقتصادية والاجتماعية وأن يحيوا حياة كريمة.

وهناك أنواع عدة للمعاشات في مصر – حسب مسئول بوزارة التضامن – منها المعاش التأميني، الذي يعتمد علي على مساهمات المشتركين من العاملين، ويمتد لأكثر من نصف قرن، وتحديدا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتعرض لكثير من التطورات والتغيرات، ولعب دورا مهما في حماية قطاعات واسعة من المصريين خاصة من يعملون في القطاع الرسمي، ويستحق العاملين معاش التأمين الاجتماعي بعد سدادهم اشتراكات تأمينية لفترة معينة يحددها القانون المنظم .. وهناك أيضا المعاش الاجتماعي وهو معاش الضمان المشروط بالحالة الاجتماعية للمواطن، ولا يستند إلى اشتراكات مالية، أى أنه لا يمول من خلال استقطاعات الأجور، ويتم منحه للأسر الفقيرة طبقًا للضوابط المنصوص عليها بموجب قانون الضمان الاجتماعي رقم 137 لسنة 2010 وتحدد حالة الفرد والأسرة من خلال البحث الاجتماعي الميداني المعتمد على الدخل والتعليم وعدد أفراد الأسرة والعمل وحالة السكن والحالة الصحية “العجز والإعاقة”، والحالة الاجتماعية  “اليتيم – الأرملة – المطلقة”.

أضاف أنه يوجد معاش آخر للعمالة غير المنتظمة حيث أدرجها قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات 148 لسنة 2019 فى التأمين الاجتماعي مقابل دفع 9% من الحد الأدنى للأجور، وعلى من يرغب فى الحصول على معاش بحد أدنى 900 جنيه، أن يسجل نفسه فى مكتب التأمينات المختص، ويدفع شهريا 72 جنيها.. وتشمل  فئات العمالة غير المنتظمة : محفظو القرآن الكريم والمقرئون وخدم المنازل ومن فى حكمهم وعمال التراحيل والعاملون المؤقتون في الزراعة سواء في الحقول والبساتين والعاملون في مشروعات تربية الماشية أو الحيوانات الصغيرة والدواجن وملاك العقارات المبنية الذين يقل نصيب كل منهم من الدخل السنوي عن فئة الحد الأدنى لأجر الاشتراك وملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان والمرتلون وغيرهم من خدام الكنيسة وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين ومنادي السيارات وموزعي الصحف وماسحي الأحذية المتجولين، وغيرهم من الفئات المماثلة فضلا عن حائزي الأراضي الزراعية الذين تقل مساحة حيازتهم عن فدان، سواء ملاكا أو مستأجرين بالأجرة.

وأوضح أن هناك معاش القطاع الخاص، حسب القانون 148 لسنة 2019 والذي يلزم صاحب العمل بأداء الاشتراكات المستحقة عن العاملين لديه، وتقديم طلب اشتراك مؤمن عليه خلال أسبوعين من التحاق أي عامل بالعمل لديه ويشمل الحصة التى يلتزم بها والحصة التى يلتزم باقتطاعها من أجر المؤمن عليه  وذلك بهدف حصول العامل على الحماية التأمينية، وكذلك يوجد المعاش الاستثنائي، حسب القانون رقم 71 لسنة 1964 لمنح معاش استثنائى لشخص ما لم يسبق له الحصول على معاش أو تحسين معاش شخص ما سبق له الحصول على معاش  مثل العاملون المدنيون الذين انتهت خدمتهم فى الجهاز الإدارى للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الإقتصادية التابع لها أو لمن يتوفى من أسرهم أو  من أدوا خدمات جليلة للبلاد أو أسر من توفوا منهم وأسر من توفوا في حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة .

وأخيرا معاش تكافل وكرامة ، حيث يتم توفير دخلا عبر “تكافل”  لمساندة الأسر الفقيرة التي لديها أطفال أقل من 18 عاما ، وتشمل المساعدات توفير راتب شهري وتوفير الرعاية الصحية للأم الحامل والأطفال قبل سن المدرسة.. وعبر برنامج  “كرامة” ، يتم صرف أموال للفقراء من كبار السن ” 65 عاما فأكثر” ، والمعاقين بنسبة إعاقة تبدأ من 50%  تمنعهم من العمل والكسب ، ولا يملكون دخلا ثابتا.

وعملت الحكومة علي تنفيذ التحول الرقمي للهيئة القومية للتأمين الإجتماعي باستخدام نظام آلي حديث يسمح بتحقيق الربط الآلي مع قواعد بيانات باقي قطاعات الدولة ذات الصلة بمنظومة التأمينات الاجتماعية كمصلحة الأحوال المدنية والإدارة العامة للمرور وغيرها من المصالح، بما يوفر الوقت والجهد للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم وتقليل الاعتماد على المستندات الورقية، وتحسين خدمة صرف المعاشات بشكل يضمن السرعة والدقة والأمان في صرف استحقاقاتهم التأمينية وتطبيق الشمول المالي على أصحاب المعاشات والمستفيدين من خلال استبدال كروت الصرف القديمة “البلاستيكية” ببطاقة ذكية عالية التأمين “ميزه” والتي تمكن صاحب المعاش من القيام بعملية الشراء وسداد كافة المستحقات الحكومية عن طريق تلك البطاقة.

الكاتب/ ابو بكر الديب

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.