انسجام أمريكي-إسرائيلي في مواجهة إيران
كتبت بسمة هاني
في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، تشهد المنطقة تحولات استراتيجية متسارعة تقودها تحركات عسكرية وتفاهمات دولية جديدة. وفي حديث خاص لموقع “نافذة الشرق”، سلط خبراء سياسيون الضوء على أبعاد هذه التطورات ومآلاتها المحتملة.
في حديث خاص لموقع “نافذة الشرق”، قال الدكتور هاني الجمل، رئيس وحدة الدراسات الدولية والاستراتيجية بمركز العرب، إن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه إيران جاءت متوافقة كليًا وجزئيًا مع ما جرى مؤخرًا من هجمات عسكرية إسرائيلية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية وأبرز القيادات العسكرية في طهران.
ولفت الدكتور الجمل إلى أن هذه الضربات لم تكن منفصلة عن التوجهات الأمريكية، بل جاءت بالتنسيق المباشر بين الجانبين، مما يعكس رغبة واشنطن في فرض معادلة جديدة على طاولة المفاوضات مع إيران. وأوضح أن هذه التحركات تهدف إلى إضعاف الموقف الإيراني لا سيما في المحادثات غير المعلنة، وليس إلى تحسين شروط التفاوض كما قد يُظن.
خلل أمني إيراني واستفادة أمريكية
وأشار الجمل إلى أن الردود الإيرانية المحدودة، وعلى رأسها إعلان طهران امتلاكها وثائق حساسة تخص الأمن الإسرائيلي، تشكل أول محاولة رسمية للرد على الهجمات. إلا أن إسرائيل، من خلال ضربتها الاستباقية، كشفت عن ثغرات حقيقية في البنية الاستخباراتية الإيرانية، وهو ما اعتبره الجمل “ضربة موجعة” لطهران.
وأكد في حديثه أن الولايات المتحدة تستفيد من هذا الخلل الأمني في إيران، حيث أصبحت واشنطن أكثر ثقة في فرض أجندتها النووية والدبلوماسية دون الحاجة إلى تنازلات كبيرة.
انسجام أوروبي مفاجئ ضد طهران
وفي سياق متصل، نوه الدكتور الجمل إلى أن الموقف الأوروبي بدا منسجمًا بشكل غير مسبوق مع الرؤية الأمريكية، حيث أعربت عدة دول أوروبية عن استعدادها للرد بقوة على أي تهديد إيراني للمصالح الغربية في المنطقة، بما في ذلك المصالح الإسرائيلية.
وأوضح أن هذا التحول الأوروبي، الذي يتجاوز تقليدية مجموعة (5+1)، يدل على تقارب استراتيجي بين أوروبا والولايات المتحدة على حساب طهران. ورغم أن الأوروبيين سابقًا منحوا إيران فسحة زمنية لتطوير برنامجها النووي حتى نسبة تخصيب تقل عن 20%، إلا أن الوضع الآن تغيّر جذريًا، في ظل معلومات مؤكدة تفيد بأن إيران باتت قريبة جدًا من مستوى تخصيب بنسبة 60%، ما يتيح لها – خلال أيام معدودة – تصنيع سلاح نووي فعلي، وإعلان نفسها كدولة نووية أمام العالم.
هجمات إسرائيلية لخلق اضطرابات داخلية
كما أشار الدكتور الجمل إلى أن أحد أهداف الهجوم الإسرائيلي لم يكن فقط عسكريًا، بل أيضًا داخليًا، من خلال خلق حالة من الفوضى داخل إيران نفسها.
وأكد أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى خسائر أكبر لإيران، ليس فقط على مستوى برنامجها النووي، بل حتى على صعيد القادة والعلماء الذين يديرونه، فضلًا عن احتمالية استهداف شخصية بحجم المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأضاف أن هذه التطورات تهدد بتفكيك البنية السياسية والأمنية الإيرانية، خاصة في المناطق الحدودية الحساسة كالأحواز والمناطق القريبة من الأوزبك، مما قد يشكل فرصة للحركات الانفصالية لتقويض الجغرافيا السياسية الإيرانية.
تحولات إقليمية لصالح إسرائيل
وأوضح الجمل أن هذه التحركات تمهد الطريق لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة، مع تصاعد الدور الإسرائيلي كقوة مركزية مدعومة بشكل مباشر من واشنطن. وشدد على أن التعاون الوثيق بين إدارة بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم الخلافات السابقة، يُعد مؤشرًا على تحول استراتيجي يجعل من إسرائيل “دولة وظيفية” تخدم الأجندة الأمريكية والأوروبية في الشرق الأوسط.
تحركات عسكرية أمريكية: موقف متصاعد
ومن جهة أخرى، وفي نفس السياق، أوضح المحلل السياسي والباحث اللبناني الدكتور هيثم مزاحم أن الولايات المتحدة بدأت في تحريك قواتها العسكرية باتجاه منطقة الشرق الأوسط، عقب الضربات الإسرائيلية ضد إيران. وأشار إلى أن من بين هذه التحركات، صدور توجيهات بإرسال المدمرة الأمريكية “USS Thomas Hudner” إلى المنطقة، في خطوة تعكس القلق من رد إيراني محتمل.
وأكد مزاحم أن هذه التعزيزات العسكرية قد تشير إلى استعداد أمريكي للتدخل المباشر والعلني في أي تصعيد عسكري مستقبلي، مما يرفع من احتمالية المواجهة المفتوحة، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.