“بالروبل بدلاً من الدولار: مصر وروسيا تكسران القيود النقدية.. تحوّل استراتيجي يُعيد رسم خريطة التمويل والديون”

1

علياء الهواري

في خطوة أثارت اهتمام الأوساط الاقتصادية والسياسية، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على سداد مصر قرض محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي بدلًا من الدولار الأمريكي، وهو القرار الذي يُنظر إليه على أنه تحوّل نوعي في نمط التعاملات المالية بين القاهرة وموسكو، وله دلالات تتجاوز الاقتصاد إلى عمق التوازنات الجيوسياسية المتغيرة عالميًا.

لفهم أبعاد هذا القرار، ومدى تأثيره على الاقتصاد المصري، وعلى الاحتياطي النقدي، وسعر الصرف، وهيكل الديون، وعلى مستقبل التمويل بعيدًا عن الهيمنة الغربية، أجرينا هذا الحوار الخاص مع الدكتور محمود رمضان أبو زيد، الخبير الاقتصادي والمالي، والمستشار المالي الأسبق لوزير التربية والتعليم، ومدير الحسابات بوزارة المالية.

ما الأثر المتوقع لتحويل سداد القرض من الدولار إلى الروبل على احتياطيات النقد الأجنبي لدى مصر؟

بطبيعة الحال، لهذا القرار أثر كبير على الاحتياطي النقدي، حيث سيقلل الضغط على الدولار ويزيد من توافره في السوق المحلي، مما يعزز استقرار سعر الصرف. الاتفاق المدروس مع روسيا يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، وهو ما انعكس في إعلان البنك المركزي ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 48 مليار دولار في أبريل 2025.

هل يمكن أن يفتح هذا الاتفاق الباب لتحولات أوسع في هيكل الديون الخارجية لمصر؟

نعم، الاتفاق يمثل خطوة نحو مرونة أكبر في هيكل الديون الخارجية، حيث يسمح باستخدام عملات بديلة للدولار، مما يخفف الضغوط على الاقتصاد ويوفر العملة الصعبة لسداد التزامات أخرى أو لتغطية الواردات الضرورية.

كيف يؤثر هذا القرار على سعر الصرف المحلي؟

سداد القرض بالروبل قد يُخفف من تقلبات سعر الصرف، خاصة أمام الدولار. إذا تم تنفيذه بشكل منتظم ومدروس، فسيساهم في استقرار الجنيه وتحسين المناخ الاقتصادي عمومًا.

هل يعكس هذا القرار توجّهًا مصريًا نحو تنويع مصادر التمويل بعيدًا عن الغرب؟

بالتأكيد، فهو يُعبّر عن رغبة مصر في التحرر من الاعتماد الكامل على الدولار، ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع تكتلات اقتصادية بديلة، ويُقلل من مخاطر التقلبات الاقتصادية المرتبطة بالسياسات الغربية.

ما أبرز التحديات أمام مصر في التعامل بالروبل؟

توجد تحديات تتعلق بالتحويلات المالية، نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، إضافة إلى تقلبات الروبل وارتباطه بالظروف الجيوسياسية. لكن القيادة السياسية تتعامل بمرونة وذكاء مع هذه المتغيرات.

هل يُمكن ترجمة هذا الاتفاق إلى خصومات أو تسهيلات في مشروع الضبعة؟

نعم، من المرجح أن يؤدي إلى تسهيلات في السداد، أو خصومات على الفوائد، وربما دعم إضافي من الجانب الروسي في الجوانب الفنية والتقنية، مما يعزز فرص نجاح المشروع.

كيف يُقرأ الاتفاق في سياق العلاقات المصرية الروسية بعد حرب أوكرانيا؟

الاتفاق يُعد تعزيزًا للعلاقات الثنائية، ورسالة دعم متبادلة في وقت تتجه فيه روسيا لتكوين حلفاء جدد في ظل العقوبات الغربية. ومصر بهذا توازن بين المصالح دون الانحياز لطرف.

هل هذا بداية لفك الارتباط عن هيمنة الدولار؟

الخطوة تمثل توجهًا عمليًا نحو تقليل الاعتماد على الدولار، وهي في انسجام مع أهداف تكتلات اقتصادية مثل “البريكس”، التي تسعى لتعزيز العملات المحلية في التعاملات الدولية.

ما دلالة توقيت القرار في 2025؟ وهل له علاقة

بالمتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط؟

التوقيت يحمل رسالة سياسية واقتصادية قوية، خصوصًا مع اشتعال الأزمات الإقليمية، ويعكس رغبة مصر في تأكيد استقلال قرارها وسط بيئة مضطربة.

هل من المتوقع أن تحذو دول عربية أخرى حذو مصر؟

قد نشهد خطوات مماثلة من بعض الدول، لكن كثير منها ينتظر نتائج التجربة المصرية وردود المؤسسات الدولية قبل اتخاذ قرار مشابه.

ما موقف المؤسسات الدولية من هذه الخطوة؟

لم تعلن بعد موقفها الرسمي، لكن التأثير المحتمل سيعتمد على تقييمها للمخاطر، خاصة في ظل النفوذ الأمريكي داخل تلك المؤسسات. ومع ذلك، نثق في قدرة مصر على إدارة هذه الملفات بحكمة.

في عالم يتغير بسرعة، لم تعد الهيمنة الاقتصادية حكرًا على عملة واحدة أو قوة واحدة. خطوة مصر نحو سداد قروضها بالروبل ليست مجرد قرار مالي، بل رسالة سياسية واقتصادية تعكس وعيًا استراتيجيًا بالتوازنات الجديدة في النظام العالمي. وفي ظل المتغيرات المتسارعة، يظل السؤال المطروح: هل تكون مصر قد دشنت بداية النهاية لهيمنة الدولار، وفتحت الباب أمام حقبة جديدة من التعدد النقدي؟

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.