بعد شهور من التراجع.. الجنية المصري يحقق قفزة في سوق العملات فما هي الأسباب ؟
كتب: هشام عامر
بعد موجة صعبة من الضغوط على العملة المحلية والتحديات الاقتصادية كادت أن تكون طويلة، شهد الجنيه المصري تحسنًا ملحوظاً في قيمته السوقيه، مما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحول، فهل من الممكن أن نعتبر هذا التحرك بمثابة نقطة تحول حقيقية، أم أنه مجرد تحسن مؤقت؟ وللإجابة على هذه التساؤلات، قدم لنا الخبير الاقتصادي الدكتور “أحمد خطاب” رؤية شاملة حول الوضع الاقتصادي الراهن، وتأثيره على حياة المواطن والمستثمر على حد سواء.
وعليه، يوضح الخبير “أحمد خطاب” في حوار خاص مع “نافذة الشرق” أن عملية تحسّن قيمة الجنيه المصري لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة لعدة عوامل متضافرة، أهمها التدفقات الاستثمارية الضخمة التي شهدتها البلاد مؤخرًا، خاصة من روسيا والصين، مشيراً إلى أن أبرز هذه التدفقات كانت مرتبطة بصفقات استثمارية كبرى، وتلك الاستثمارات لم تقتصر على قطاع واحد، بل امتدت لتشمل قطاعات حيوية أخرى جذبت رؤوس أموال أجنبية، مما ساهم في ضخ كميات كبيرة من العملات الأجنبية في السوق المصري.
وأضاف “خطاب” أن السياسات الحكومية كان لها دور محوري في تعزيز الثقة بالجنيه، حيث اتخذت الحكومة حزمة قرارات اقتصادية مهمة ساهمت بشكل مباشر في تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، ومن بين تلك القرارات، جهود الدولة في تعزيز الاستقرار المالي، وتحسين مناخ الأعمال، وتسهيل الإجراءات على المستثمرين، مما شجع على تدفق العملات الأجنبية وساهم في تعزيز قيمة العملة المحلية.
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدعم الخارجي كان عاملًا لا يمكن إغفاله في تحقيق هذا التحسن، فقد لعبت مؤسسات دولية ودول صديقة دورًا هامًا في تقديم الدعم المالي لمصر، سواء من خلال التعاونات المشتركة أو الاستثمارات المباشرة، مما عزز من احتياطي النقد الأجنبي وساهم في استقرار سعر الصرف، ناهيك عن دور التعامل بالعملات المحلية والذي ينفذة تعاون البريكس بين الدول الأعضاء والتي من بينها مصر، وبدأت بذلك مع الصين في اتفاقيات مهمة منذ فترة قريبة.
أما عن تأثير ذلك التغير في المواطن المصري فلا يزال المواطن يشعر بضغوط اقتصادية، مؤكدًا “خطاب” وجود فجوة زمنية بين تحسن سعر الصرف وانعكاسه على الأسعار في الشارع، وذلك لأن سلاسل الإمداد والتوريد تحتاج إلى وقت للتكيف مع التغيرات في سعر الصرف، بالإضافة إلى أن التجار غالبًا ما يحتفظون بالبضائع التي تم استيرادها بأسعار صرف سابقة، مما يؤدي إلى تأخر في انخفاض الأسعار.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور أحمد خطاب أن هذا التحسن في قيمة الجنيه ليس مجرد تحسن مؤقت، بل هو مبني على أسس اقتصادية قوية كما وضحنا، مشيراً أن التدفقات الاستثمارية الكبرى التي شهدتها البلاد مؤخرًا، والتي لا تعتمد على عوامل موسمية، تشير إلى أن هذا التحسن يمكن أن يستمر على المدى الطويل، خاصة إذا استمرت الحكومة في اتخاذ قرارات اقتصادية سليمة.
وعلى الرغم من التحديات، يتوقع “أحمد خطاب” أن يواصل الجنيه المصري أداءه الإيجابي خلال الأشهر المقبلة، وذلك مع استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو التعاونية، خاصة في المشروعات الكبرى، ولكنه يحذر من أن استمرار هذا التحسن يتطلب مواجهة بعض التحديات التي تواجهها البلاد، مثل التضخم العالمي، والتقلبات في أسعار السلع الأساسية للمجتمع المحلي.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، وضح “خطاب” أن التفاصيل تشير إلى أن الاستثمارات الجديدة تتركز في قطاعات البنية التحتية، والبترول والطاقة المتجددة، والعقارات، والسياحة، منوهاً إلى أن هذه الاستثمارات تأتي من عدة دول مختلفة، بالإضافة إلى استثمارات من بعض الصناديق السيادية الدولية.
والجدير بالذكر أن الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة كان لها تأثير معقد على الاقتصاد المصري، فبينما قد تساهم بعض التوترات في جذب استثمارات أجنبية تبحث عن ملاذات آمنة، فإنها قد تؤثر كذلك بالسلب على سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.
وختاماً، وجه الخبير الاقتصادي رسالة للمستثمرين ، يؤكد أن السوق المصري يوفر فرصًا واعدة للاستثمار، ويحثهم على الاستفادة من هذه الفرص، أما للمواطن المصري، فينصح بالتحلي بالصبر، مؤكدًا أن ثمار هذا التحسن ستظهر تدريجيًا على المدى المتوسط والطويل، وأن التزام الحكومة بالسياسات الاقتصادية السليمة سيؤدي في النهاية إلى تحسين مستوى معيشته.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.