تحول مفاجئ في السياسة الألمانية: ألمانيا تعلق تزويد إسرائيل بأسلحة تستخدم في غزة… خطورة القرار على دولة نتنياهو

27

كتبت: سارة محمود
أعلنت ألمانيا تعليق تصدير الأسلحة التي قد تُستخدم في قطاع غزة إلى إسرائيل، في خطوة تعكس تحولاً كبيراً في موقف برلين تجاه الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، وسط احتجاجات محلية متزايدة، حيث تتواصل المظاهرات المناهضة للحرب والمؤيدة للفلسطينيين في برلين التي طالبت السلطات باتخاذ إجراءات ملموسة تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، ويمثل القرار تحولا في سياسات الحكومة الألمانية، التي تعد من أبرز حلفاء إسرائيل على الساحة الدولية، ومن أقرب شركائها الدفاعيين في أوروبا.
وفي ضوء هذا القرار أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خيبة أمله واتهم ألمانيا بمكافأة “حماس” بقرارها وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل والتي يمكن استخدامها في غزة.
وأصدر مكتب نتنياهو بيان صدر فيه: ” بدلا من دعم حرب إسرائيل العادلة ضد حماس، التي نفذت أسوأ هجوم على اليهود منذ الهولوكوست، فإن ألمانيا تكافئ إرهاب حماس بفرض حظر على الأسلحة ضد إسرائيل”.
وأوضح د\علي المعموري ” باحث أقدم في جامعة ديكن الاسترالية و مستشار التواصل الاستراتيجي لرئيس الوزراء العراقي السابق” فى حوار خاص ل “نافذة الشرق” أن قرار برلين يأتي في ظل ضغوط متزايدة داخلياً وخارجياً، مع تصاعد الانتقادات للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وما تسببه من كارثة إنسانية غير مسبوقة، مضافا الى اعلان اسرائيل نيتها في احتلال قطاع غزى بشكل كامل. الحكومة الألمانية تواجه احتجاجات واسعة في الشارع، إضافة إلى ضغوط من منظمات حقوقية دولية ومحلية، كما أن قرارات قضائية أوروبية دعت لمراجعة التزامات الدول تجاه القوانين الدولية في تصدير الأسلحة.

وأضاف المعموري أن هذا القرار سيترك بالتأكيد أثرًا سلبيًا على العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل التي كانت تُعرف بقوتها واستمرارها لعقود. إسرائيل تعتبر ألمانيا أحد أهم الداعمين العسكريين والسياسيين في أوروبا، ومن المرجح أن ترى في هذا القرار إشارة إلى تراجع الالتزام التاريخي الألماني بأمنها. ولكن لا يعني ذلك حصول تغيير مفاجئ في علاقات الدولتين حيث يبدو أن المانيا سوف لن تتخذ خطوات شديدة أخرى من شأنها أن تؤثر سلبا على علاقاتها مع اسرائيل بسبب زخم الخلفية التاريخية وتاثير خريطة التحالفات السياسية الدولية. وأن هذا لقرار لا يعني وقفًا كاملًا للدعم العسكري، لكنه خطوة مهمة تشير إلى استعداد برلين لوضع قيود على هذا الدعم إذا تعارض مع التزاماتها القانونية والأخلاقية. يمكن اعتباره بداية لمراجعة شاملة في السياسات الألمانية تجاه إسرائيل في ظل استمرار الحرب.

وبحسب رأي الباحث أن هذه الإحتجاجات الشعبية لعبت دورًا كبيرًا، إذ شهدت المدن الألمانية تظاهرات متكررة تطالب بوقف الدعم العسكري لإسرائيل ووقف الحرب على غزة. هذه الضغوط، بالإضافة إلى تغطية إعلامية واسعة، وضعت الحكومة في موقف صعب أمام الرأي العام، مما جعلها تتحرك لتخفيف الغضب الشعبي.

وأفاد أنه من المتوقع أن ترد إسرائيل بانتقادات علنية وربما إصدار تصريحات حادة من مسؤولين بارزين. لكن من غير المرجح أن تصل الأمور إلى أزمة دبلوماسية شاملة، نظرًا لاعتماد إسرائيل على علاقاتها القوية مع ألمانيا في مجالات أخرى سياسية واقتصادية، وأن هذا القرار سيكون تأثيره على العمليات العسكرية الإسرائيلية محدودا على المدى القصير، لكن على المدى البعيد يمكن أن يشكل ضغطًا معنويًا وسياسيًا على إسرائيل إذا تبعته قرارات مماثلة من دول أخرى. هذا النوع من القرارات يعزز عزلة إسرائيل الدولية ويدفعها لإعادة النظر في استراتيجيتها. مضافا الى أنها من شأنها أن تؤثر سلبا على شعبية حكومة نتانياهو بازدياد ضغوط الشارع الاسرائيلي واحزاب المعارضة تجاه اسقاطها والمجئ بحكومة اقل تطرفا منها.
وبالنسبة لإسرائيل فإن لديها مصادر متعددة للحصول على السلاح، أبرزها الولايات المتحدة، لكنها تعتمد على بعض الصناعات الألمانية في مجالات محددة مثل الغواصات والأنظمة البحرية. أي تعليق طويل الأمد قد يؤثر على مشاريع تسليح استراتيجية، خاصة إذا انضمت دول أخرى للموقف الألماني.
وأوضح المعموري أنه من المحتمل أن تحذو بعض الدول الأوروبية نفس الحذو، خاصة تلك التي تواجه ضغوطًا شعبية قوية أو لديها تاريخ في الدفاع عن القانون الدولي، مثل بريطانيا وفرنسا وايرلندا وإسبانيا وبلجيكا. ومع ذلك، يبقى الأمر مرتبطًا بالتحولات السياسية الداخلية في كل دولة.
وأضاف أن الدول العربية ترحب عمومًا بالخطوة الألمانية وتعتبرها بداية لتصحيح الموقف الأوروبي تجاه الحرب على غزة. أما داخل أوروبا، فالخطوة تفتح باب النقاش حول التزامات الاتحاد الأوروبي بالقانون الدولي، وقد تدفع دولًا أخرى لمراجعة سياساتها، ما يزيد الضغط على إسرائيل لوقف الحرب والتوجه نحو حلول سياسية.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.