تعديلات قوانين البرلمان تحت المجهر.. توافق على الاستقرار واختلاف حول النظام الانتخابي
كتب عبد الرحمن السيد
تعديلات محدودة تراعي التوزيع الجغرافي للسكان
جدل حول النظام الانتخابي بين القائمة المغلقة والنسبية
مها عبد الناصر تنتقد غياب التعديلات الجوهرية وتطالب بتنافسية أكبر
أحزاب تستعد مبكرًا وتحشد كوادرها لخوض معركة برلمانية قوية
أحال مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، مشروعي قانوني تعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر، وقانون مجلس الشيوخ، إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، لمناقشتها تمهيدًا لإقرارها في الجلسات المقبلة. تأتي هذه التعديلات وسط استعدادات متسارعة للانتخابات البرلمانية المقبلة، وفي ظل مناخ سياسي يتجه نحو الاستقرار المؤسسي، وفق رؤية الدولة للجمهورية الجديدة.
تعديلات محدودة.. ولكنها جوهرية
بحسب الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، فإن التعديلات التي أُدخلت على قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ تعتبر “بسيطة جدًا”، وتمت مراعاة فيها التغيرات الديموغرافية والجغرافية في توزيع السكان بالمحافظات، استنادًا إلى بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات عن عام 2025.
فيما يخص مجلس النواب، أوضح القصبي أن عدد المقاعد الإجمالي ظل كما هو (568 مقعدًا بخلاف المعينين)، موزعة بواقع 284 للقائمة (من خلال 4 قوائم مغلقة)، و284 للفردي. وقد طالت التعديلات بعض الدوائر، منها:
زيادة عدد المقاعد في دائرة الواسطى وناصر من مقعدين إلى ثلاثة.
ضم دائرة السيدة زينب إلى دائرة الدرب الأحمر وعابدين لتصبح دائرة واحدة.
فصل قسم الأهرام عن دائرة 6 أكتوبر.
استقلال دائرة العاشر من رمضان لتصبح دائرة منفصلة.
أما بالنسبة لمجلس الشيوخ، فلم يطرأ تغيير على عدد المقاعد البالغ 300 مقعد، موزعة بالتساوي بين الفردي (100 مقعد)، والقوائم (100 مقعد)، والمعينين (100 مقعد). وأشار القصبي إلى أن تقسيم القوائم يتضمن قائمتين بـ 37 مقعدًا لكل منهما، وقائمتين بـ13 مقعدًا.
مها عبد الناصر: القائمة المغلقة تعني تعيينًا مقنعًا
من جانبها، أعربت النائبة مها عبد الناصر، نائب رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، عن تحفظ حزبها على عدم إدخال تعديل جوهري في النظام الانتخابي، خاصة ما يتعلق بنظام القوائم. وقالت إن بقاء الانتخابات بنظام القائمة المغلقة المطلقة يحدّ من التنافسية ويشبه التعيين المقنّع.
وأضافت عبد الناصر لـ نافذة الشرق، أن الحزب كان يأمل في تبني نظام القائمة النسبية، والذي يعزز من قوة الأحزاب ويتيح مشاركة أوسع وتعددية حقيقية في التمثيل النيابي، مشيرة إلى أن التنافس في النظام الفردي لا يزال قائمًا، والحزب بدأ استعداداته بالفعل لخوض الانتخابات المقبلة.
الجيل الديمقراطي: استقرار القوانين يعكس نضج الدولة
أما ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، فقد عبّر عن ترحيب الحزب باستمرار العمل بالقوانين الحالية، معتبراً أن ذلك يعكس رغبة الدولة في الاستقرار التشريعي والمؤسسي في هذه المرحلة الدقيقة.
وقال الشهابي، في تصريحات خاصة لـ ‘نافذة الشرق”: “القانون أُقر في ظروف استثنائية وأسهم في تمكين مؤسسات الدولة من مواجهة تحديات جسيمة، وأي تطوير قادم يجب أن يكون ثمرة حوار وطني شامل يعزز الديمقراطية ويضمن أوسع مشاركة ممكنة”.
وأشار إلى أن معيار نجاح التعديلات لا يكمن في عدد المقاعد، بل في طريقة توزيعها وفق الكثافة السكانية، معتبرًا أن “العدالة في التمثيل” هي جوهر العملية الانتخابية.
التحالفات والكوادر والاستعدادات
أوضح رئيس حزب الجيل أن حزبه بدأ الاستعداد المبكر للانتخابات، من خلال تنظيم 12 دورة تدريبية لتأهيل مرشحيه، شملت الجوانب القانونية والتشريعية ومهارات إدارة الحملات الانتخابية. وقد بلغ عدد المرشحين حتى الآن 84 مرشحًا من مختلف المحافظات، مع تركيز خاص على تمكين الشباب والمرأة، دعمًا لتجديد النخبة السياسية.
وأكد الشهابي أن الحزب يسعى لتوسيع تحالفاته ليكون جزءًا من تحالف وطني داعم للدولة، يضع الأمن القومي المصري والعربي على رأس أولوياته. وشدد على أهمية المنافسة النزيهة على المقاعد الفردية، والتي وصفها بأنها الأصعب، نظرًا لاعتمادها على العوامل المحلية والشعبية والقدرة على التواصل مع الناس بعيدًا عن العصبيات والمال السياسي.
السياق السياسي والدستوري
تأتي هذه التعديلات في ظل مناخ سياسي يتسم بحالة من النضج والاستقرار النسبي، وسط تحولات إقليمية ودولية كبيرة، ما يجعل من الانتخابات المقبلة اختبارًا مهمًا لقدرة الأحزاب على التفاعل مع الواقع ومتغيراته، وفقًا لرؤية الدولة.
ومن المنتظر أن تعقد لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية اجتماعًا صباح الخميس لمناقشة مشروعي قانونين مقدمين من الدكتور عبد الهادي القصبي وأكثر من عُشر أعضاء المجلس بشأن تعديل قانون مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر. ويواصل مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق جلساته يوم السبت المقبل لمناقشة التعديلات على قانونه، بعد أن كانت الجلسات قد رفعت الأسبوع الماضي دون موعد محدد.
نحو برلمان أكثر تمثيلًا
رغم تباين الآراء حول النظام الانتخابي، إلا أن القاسم المشترك بين تصريحات القوى السياسية يتمثل في أهمية تحقيق التمثيل العادل والفعال، والتأكيد على استعداد الأحزاب المختلفة لخوض الانتخابات ببرامج واضحة ورؤى وطنية تدعم استقرار الدولة ومؤسساتها.
ويبقى التساؤل مطروحًا حول ما إذا كانت تلك التعديلات ستسهم فعليًا في تحفيز التنافس الحزبي والسياسي، أم أنها ستعيد إنتاج نفس الخريطة النيابية السابقة، خاصة في ظل استمرار القائمة المغلقة المطلقة، والتي أثارت جدلًا واسعًا منذ تطبيقها في الانتخابات السابقة.
ويعكس طرح التعديلات ومناقشتها في هذا التوقيت رغبة في التحضير المنظم للاستحقاقات النيابية القادمة، وسط توافق سياسي على استقرار الأطر القانونية، واختلاف في وجهات النظر حول النظام الأمثل للتمثيل السياسي. وبينما تعوّل بعض الأحزاب على التحالفات والكوادر المؤهلة، يظل مستقبل البرلمان الجديد مرهونًا بمدى تجاوبه مع تطلعات المواطنين، وقدرته على لعب دور رقابي وتشريعي فعّال يدعم مسيرة الجمهورية الجديدة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.