“تيك توك”.. التطبيق الذي فضح الواقع الأخلاقي لمجتمعاتنا! وفسد المجتمع في مصر والعالم

4

فساد التيك توك

كتبه/ أحمد هشام السويسي

لقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في إماطة اللثام عن جانب من جوانب الانحلال الأخلاقي الذي تعرفه المجتمعات العربية، والذي كان في مراحل سابقة يتم في الخفاء، في ضل النفاق الاجتماعي ووراء ستار (الأخلاق) والتدين. و”تيك توك” هو احد هذه المواقع التي استطاعت تحقيق انتشار كبير، وأضحى عبارة عن ملهى ليلي مباشر للعريّ والايحاءات غير اللائقة والرقص الماجن. حيث رفع الحياء، عن مجتمع لطالما كان يصنف عرض نسائه في خانة الحرمات والممنوعات؟!

وتجدر الإشارة إلى أن “tiktok” أو “Douyin” هو عبارة عن منصة إجتماعية للمقاطع الموسيقية، تم أطلاقها في سبتمبر 2016 بواسطة مؤسسها تشانغ يى مينغ. وتعتبر شبكة تيك توك اليوم منصة رائدة في مقاطع الفيديو القصيرة في آسيا والعالم، إذ شهد تطبيقها للهواتف المحمولة أسرع نمو في العالم وأيضاً صارت المنصة الإجتماعية الأكبر للموسيقى والفيديو على الصعيد العالمي. وصل مستخدمو التطبيق إلى 150 مليون مستخدم نشط يوميا (500 مليون مستخدم نشط شهريا) في يونيو 2018، وكان التطبيق الأكثر تثبيتاً في الربع الأول من عام 2018 بـ 45.8 مليون تثبيت. ويعتمد التطبيق على تصوير مقاطع فيديو لا تتعدى 15 ثانية، حيث يقوم فيها الاشخاص بتصوير مقاطع موسيقية قصيرة مُرفقة بفيديو للمستخدم متفاعلا مع المقطع.

استطاع تطبيق “تيك توك” تحقيق انتشار كبير في الدول العربية -خاصة المغرب والجزائر ومصر- حيث اكتسحت مقاطعه المصوّرة لشباب وشابات يرقصن على أغاني مختلفة، بلباس مثير وحركات ساخرة ولا أخلاقية، في الوقت الذي انتشرت فيه مقاطع صادمة لبعض الفتيات يرقصن ويتمايلن في الشارع، وزوجات رفقة شريك حياتهنّ داخل غرف النوم وهو ما لم تتعوّد عليه المجتمعات العربية، فطالما إعتبر الرقص والعري الفاضح أحد الفواحش والمحرمات، إذ بقي هذا النوع من الممارسات لسنوات لصيقا بأماكن الدعارة والملاهي الليلية، الشيء الذي تم تجاوزه مع انتشار مثل هذا النوع من التطبيقات، فعند التجول في “اليوتيوب”، “فايسبوك”، “أنستغرام”، ستصادف المئات من هذه الفيديوهات، إذ دفع الشغف الغالبية لتجربة هذا التطبيق من مراهقات، محجبات ومتبرجات كلهن رحن يتفنّن في استظهار مواهبهن في الرقص الشعبي والغربي وخوض تحديات مختلفة داخل غرفهن أو حتى في الشوارع والطرقات.

مشكلتنا مع وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجبا بشكل عام، هي أننا نسيء استخدامها، فبدل أن نسخرها لخدمتنا فيما هو هو إيجابي ويعود علينا بالنفع، نستغل فقط الجانب السلبي منها، وهذا عائد إلى كون هذه التكنولوجيا دخيلة علينا
ما يثير الانتباه أن الفتياة اللواتي ينشرن هذه المقاطع، معضمهم من أسر محافضة، ما يثبت فشل العملية التربوية التقليدية، وانهيار القيم الأسرية، ذات الطابع الديني والأخلاقي. ناهيك عن أن هذا التطبيق قد ساهم في كسر حرمة البيوت بشكل لا يُصدق لدرجة أن الفتيات ينشرن رقصهن وميوعتهن داخل بيوتهن بملابس غير محتشمة وبغناء أغلبه من أغاني الملاهي الليلية وحتي في حضرة أبائهن أو أمهاتهن أحيانا، خصوصا وأنه من المفترض على الآباء الإشراف على أبنائهم، ونهر بناتهم وردعهن على مثل هذه التصرفات غير المقبولة والتي تسيء لهن ولسمعتهن بدلا من مشاركتهن الرقص.

رافق ذلك انتشار “حُمّى الشُّهرة” فكل الفتياة أصبحن يبحثن عن الشهرة بأي ثمن، فإما أن تكون الفتاة محظوظة فتلقى مقاطعها المصورة إقبالا وإنتشاراً كبيرين في التطبيق وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وإلا فإن الوصفة السحرية والسريعة التي تتبعها الكثير من الفتيات لزيادة عدد المعجبين وهن لا يمتلكن الموهبة ولا القبول اللازمين، هي التصوير بـ”الفتلترات” للحصول على (الجمال)، وتخفيف الملابس أو إرتداؤها مكشوفة وضيقة، ولكن ما يحصدنه في النهاية هو مشاهدات من ذوي النفوس الضعيفة الذين لا يهمهم شيء سوى النظر إلى الأجساد المثيرة، وتعليقات خارجة تسيء إليهن قبل أي شيء آخر. وحتى الشباب يمكنهم الحصول على النجاح والشهرة، ببعض التعبيرات والحركات الغبية والمضحكة على وجوههم، أو الرقص على بعض الأغاني المشهورة، أو إعادة تمثيل بعض لقطات الأفلام، بطريقة ساخرة، لحصد جمهور الفتيات المراهقات الراغبات في التعرف عليهم والتقرب منهم.

ومع إنتشار مثل هذا النوع من التطبيقات، إختلفت الآراء وردود ألأفعال، فقد إستغرب الكثيرون أن تكون هذه المقاطع المصورة لشباب وشابات عربيات، خصوصا وأن لباسهم وشكلهم لا يمت لجتمعاتنا بأية صلة، وما يؤدونه من رقصات وحركات وايحاءات جنسية يخرج عن كل القواعد الأخلاقية والدينية التي تربينا عليها، فيما تساءل آخرون إن كانت الفتيات اللواتي يظهرن في الفيديوهات وهن يرقصن في الشارع لهن آباء وإخوة، معتبرين أن هذه التكنولوجيا قد كشفت على مدى التسيب داخل الأوساط الاجتماعية، وكذا الإهمال داخل الأسرة التي تراجعت فيها السلطة الأبوية والوازع الديني والأخلاقي ليترك المجال لما يسمى بالتطوّر التكنولوجي. وكثير من الشباب اليوم يرون أن السؤال الذي سيصبح أكثر طرحا عندما يريد أحدهم الارتباط بفتاة ما إذا كانت الفتاة قد أخذت صورا بـ”السناب شات” أو “الأنستغرام” أو نشرت فيديو في “اليوتيوب” أو رقصت في “التيك توك”.

مشكلتنا مع وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجبا بشكل عام، هي أننا نسيء استخدامها، فبدل أن نسخرها لخدمتنا فيما هو هو إيجابي ويعود علينا بالنفع، نستغل فقط الجانب السلبي منها، وهذا عائد إلى كون هذه التكنولوجيا دخيلة علينا، فلا هي من ابتكارنا ولا نحن تربينا على التعامل معها. فقد عشنا لقرون وسط دائرة البدائية والتخلف والتقييد الديني-الاجتماعي، وفي لحظة غير مسبوقة وجدنا أنفسنا وسط عالم حديث غريب عنا، ولم نحسب له أي حساب. وهذا التطور التكنولوجي فتح الباب على مصراعيه للعديد من الظواهر الشاذة والطابوهات، للظهور للعلن. فالمرأة التي لم يكن بإمكانها الذهاب للديسكوهات أصبح بإمكانها الرقص في المنزل وإظهار مفاتنها، والرجل الذي كان يخجل من التعرف على النساء وإقامة علاقات غير شرعية أصبح بإمكانه ذلك وبسهولة، والمثلي الجنسي الذي كان يخاف لوم واستنكار المجتمع أصبح بإمكانه الاعتراف بمثليته بكل حرية، والفتاة التي كان يمنعها آباؤها من الحديث مع الشباب أصبح بإمكانها فعل ذلك. وما زاد الطين بلة أن هذه (الحرية الافتراضية) أضحت تنتقل شيئا فشيئا إلى العالم الواقعي.

فقد تدخلت العديد من الجهات الرسمية، للحيلولة دون أن تكون لها أية انعكاسات أو تبعات سلبية. أولها السلطات الصينية التي فرضت مجموعة من التوجيهات التي تُحمِّل مطوري التطبيقات مسؤولية المحتوى الذي ينشره مستخدموها، وتفرض عليهم مراجعة كل محتوى يُنشر، بما في ذلك حظر مئة شكل من أشكال المحتوى. وهذا الأمر لم يقتصر على الصين وحدها، بل إن وزارة التربية الوطنية في الجزائر أيضا تدخلت ومنعت رسميا تطبيق “تيك توك”، وذلك نظرا للمخاطر التي يحملها لفئة القاصرين، حيث أنه ينشر مواد غير أخلاقية قد تعرض القصّر والشباب للابتزاز والاستغلال من المنحرفين

هذا ويجب على الآباء وكل المساهمين والفاعلين الاجتماعيين تكثيف جهودهم من أجل إيجاد حلول لهذه الظواهر، ونشر ثقافة التعامل مع التكنولوجيا وترشيد إستعمالها، للحد من خطورتها وسلبياتها على الفرد والمجتمع.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة “نفاذة الشرق”.

دول تم حظر فيها التيك توك..

الهند تم حظر تيك توك تمامًا في الهند من قبل وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في 29 يونيو 2020، إلى جانب 223 تطبيقًا صينيًا آخر، مع بيان يقول إنها «تمس سيادة وسلامة الهند، والدفاع عن الهند، وأمن الدولة والنظام العام».
الولايات المتحدة الأمريكية …
إندونيسيا وبنغلاديش …
باكستان …
العراق ..

بسمة عبداللهما هو التيك توك؟ تيك توك برنامج معروف في الصين باسم دوين douyin «بالصينية»، وهو خدمة اجتماعية يتيح للمشترك مشاركة مقاطع الفيديو القصيرة والمتنوعة مثل الرقص والكوميديا والتعليم، والتي تتراوح مدتها من 3 ثوانٍ إلى 60 دقيقة وهو مملوك لشركة بايت دانس الصينية، وسبب تسميته بهذا الاسم هو إشارة لصوت الساعة الموقوتة التي دائماً ما نرمز لها بكلمة تك توك.وقد ذاع صيت هذا التطبيق بشدة في عالمنا العربي وما يخيف هو انتشار استخدامه بين الأطفال والشباب الذين أصبحوا من أكثر مستخدمي هذا التطبيق مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى؛ لأنه يتيح لهم الحرية الشخصية في نشر محتواهم، والذي لا يخلو من التفاهة، والذي لا يتمكنون من نشرها على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى بهذا الشكل الإباحي واللاأخلاقي ولأن هذا التطبيق يمتلك خاصية تميزه عن التطبيقات الأخرى مثل: خاصية البث المباشر والذي لا يوجد عليه أي ضوابط بل يتمكن كل من وصل حسابه أي عدد معين من المتابعين أن يقوم بالبث المباشر وبمحتويات غير لائقة أخلاقياً أو مفيدة للآخرين، فقط لجذب المشاهدات واللايكات وربح المال من وراء تلك البثوث المباشرة التي يفقد فيها الشخص كرامته وهيبته من أجل تسول الأموال من المتابعين.ربما يتساءل البعض هناك الكثير من التطبيقات لديها ميزة البث المباشر «live» مثل الفيس بوك ، ولايكي، والإنستغرام وغيرها فلماذا ينجذب الأطفال والشباب للبث المباشر على التيك توك؟!الإجابة هي أن تيك توك يمثل عالماً آخر يختلف عن تلك العوالم السابقة التي ذكرناها، فهو عالم يشع بالتحدي والإثارة والحصول على الأموال الفورية، ففي هذا التطبيق يقوم صانع المحتوى أو ما يسمى بالمضيف «creator, host» ببدء بثوث مباشرة على التطبيق وإذا نجح في جذب أعداد من المشاهدين يقوم البعض بدعم صانع المحتوى هذا مادياً ويسمى داعماً.وكيف يكون هذا الدعم؟ عن طريق شراء هذا الداعم عملات افتراضية موجودة على التطبيق ويهديها في أثناء البث لصانع المحتوى تحفيزاً وتشجيعاً له، ثم يقوم صانع المحتوى بتحويل تلك العملات الافتراضية إلى أموال حقيقية، ويحصل التطبيق منها نسبة شبه ثابتة من إجمالي المبلغ الذي تم التبرع به من الداعم والباقي يأخذه صانع المحتوى. لذلك يعتبر هذا التطبيق فرصة ذهبية للشباب في الوقت الحاضر للشهرة السريعة وجني الأموال بطرق سهلة وغير مفيدة، وهذا ما يفسر ببساطة لجوء الشباب إلى بث المحتوى الذي يهين الكرامة، والتحقير من أنفسهم والسب والجنس وتمكن التك توكر من جني الأموال الطائلة.ومما يدمي القلب في زماننا هذا عندما نسأل بعض شبابنا ماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل تكون إجاباتهم أن يكونوا صانعي محتوى «تكتوكر ، أو يوتيوبر»، وعندما تسألهم لماذا؟ لسهولة التربح وجني الأموال، وفي المقابل عندما طُرح هذا السؤال على الطلاب في الصين واليابان كانت إجاباتهم أنهم يتطلعون بأن يكونوا أطباء ومهندسين ومعلمين. مما يدل على تدني الطموح والعزوف عن طلب العلم لدى الناشئة والشباب لتوفر بدائل رخيصة أدت إلى انغماسهم في اللهو واللعب والتسلية.

سألت أحد علماء الاجتماع السياسي في هذه القضية الشائكة، لتأتي ردوده على الجانب الآخر علمية واجتماعية بطريقة قد تكون صادمة للبعض.

الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية يقول للعربية.نت: المجتمع المصري به مزيج من الثقافات الفرعية، التي اختار معظمها جلد “فتيات التيك توك” بدلا من مواجهة مشكلاته الحقيقة ومارس المجتمع “الذكوري” وضع كل مشكلاته على عاتق الحلقة الأضعف في المجتمع وهي المرأة.

ويرى سعيد صادق أنه رغم ارتفاع نسب التحرش و الفساد والمشكلات الاقتصادية المختلفة، إلا أن المجتمع ركز اهتمامه على مجموعة من الفتيات الصغيرات غير الناضجات فكرياً ليزج بهن خلف القضبان، في “هوس” واضح.

ولدى سؤاله عن رأيه المباشر في محاكمة فتيات التيك توك أمام القضاء، قال دكتور سعيد صادق بطريقة مباشرة: “أنا قطعاً ضد ملاحقة هؤلاء الفتيات وأرى بضرورة ملاحقة المجرمين الحقيقيين سواء كانوا مرتشين أو فاسدين أو قتلة متسائلا بالقول: ما هي الجريمة التي ارتكبها هؤلاء الفتيات في أن يرقصن ويغنين في منازلهن بسبب الفراغ هل الرقص جريمة والغناء جريمة؟”.

عن “أنحرافات” فتيات التيك توك.. خبير: وهل الرقص والغناء جريمة؟
الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية يقول للعربية.نت: المجتمع المصري به مزيج من الثقافات الفرعية، التي اختار معظمها جلد “فتيات التيك توك” بدلا من مواجهة مشكلاته الحقيقية

لم يكن التناول المكثف للدراما المصرية خلال الموسم الرمضاني لهذا العام لقضايا فتيات التيك توك وليد الصدفة، في عالم درامي يعكس شواغل وقضايا ومشكلات مجتمعه طوال الوقت.

فتيات التيك توك اللاتي اخترن التعبير عن أنفسهن كل بطريقتها، عبر منصة تيك توك أو غيره، إما طمعاً في المال، أو للتنفيس عن النفس في مجتمع يصدر أحكامه غير القابلة للاستئناف على مدار الأيام في كل مكان، بطريقة تستدعي الدراسة وإجابات علماء النفس والاجتماع.

وعن لائحة الاتهامات المتكررة التي وجهت ضد الفتيات أمام القضاء من الإضرار بقيم الأسرة والمجتمع و الاتجار بالبشر والتحريض على الفسق والفجور، يقول الدكتور صادق كل هذه الاتهامات نسبية وتؤكد على عنف المجتمع الذكوري تجاه المرأة وهي تخضع لأهواء مدعيها وغير ملموسة بشكل جدي لا لبس فيه لتتم على محاكمة عادلة”.

ويؤكد الدكتور سعيد أن هناك فئات في المجتمع تحاول دائما ادعاء الفضيلة وتفضل أن تقوم بدور زعيم الأخلاق الحميدة، فتراهم يدخلون على منصة تيك توك والمنصات المختلفة، ويستهدفون حسابات الفتيات والفنانين بكلمات تحوي المواعظ وادعاء الفضيلة والحكمة مع مجموعة من الأحاديث النبوية كإثبات للتدين واستخدامه كسلطة على الآخرين، وهو نوع من الخلل النفسي.

وتبقى القضية مفتوحة في مجتمع لا يرحم، ليبقى السؤال الأهم، من الجاني ومن المجني عليه في هذه القصة، الإجابة لم تحسم بعد.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.