جولة ترامب الخليجية: رسائل استراتيجية وملفات شائكة في قلب التوازنات الإقليمية(خاص)
كتبت بسمة هاني
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولة خارجية تشمل السعودية والإمارات وقطر، حاملاً ملفات شائكة تتعلق بالطاقة، والاستثمار، والأمن، وسط تساؤلات حول دوافع الزيارة وتوقيتها، وما قد تحمله من رسائل سياسية واقتصادية للمنطقة والعالم.
قال الدكتور عبدالله نعمة، الخبير في العلاقات الدولية والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق إن الجولة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تشمل السعودية، والإمارات، وقطر، تحمل أبعاداً استراتيجية واقتصادية وأمنية بالغة الأهمية، خاصة أنها تأتي في ظل مشهد إقليمي مضطرب وتغيرات في موازين التحالفات الدولية.
زيارة إلى دول الثروة والنفوذ
وأشار الدكتور نعمة إلى أن اختيار ترامب لثلاث من أغنى دول العالم من حيث الثروات السيادية والاستثمارات الخارجية ليس صدفة، بل يعكس إدراكه لأهمية هذا المحور الخليجي في التأثير على السياسات العالمية، خاصة في مجالات الطاقة، والتمويل، والتكنولوجيا، والدفاع.
وأضاف: “ترامب يدرك تماماً أن العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما السعودية والإمارات، تمثل أحد مفاتيح القوة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة في المنطقة”.
ملفات ساخنة على طاولة النقاش
وأكد الدكتور نعمة أن جولة ترامب ستتطرق إلى عدد من الملفات الحيوية، من أبرزها النفط والأسواق العالمية، وصفقات الاستثمار، والتعاون في مجالات الطاقة النووية المدنية، وصادرات التكنولوجيا المتقدمة.
ولفت إلى أن “ملف صفقات الأسلحة سيكون حاضراً بقوة، إلى جانب تطلعات دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، إلى امتلاك برنامج نووي سلمي بإشراف ومساعدة أمريكية مباشرة”.
ونوه إلى أن هذه الجولة تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط توترات جيوسياسية متعددة، الأمر الذي سيضع على الطاولة أيضاً ملفات النزاعات والصراعات، وعلى رأسها الحرب في غزة، والتوتر في البحر الأحمر، والمفاوضات المتعثرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والعقوبات المفروضة على سوريا، إلى جانب الوضع في لبنان، ومسألة ترسيم الحدود مع إسرائيل.
أبعاد فلسطينية في قلب التحركات الأمريكية
وفي السياق ذاته، قال الدكتور أكرم بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، إن “جولة ترامب في دول الخليج العربي.
تكتسب أهميتها من توقيتها الحساس، ومن طبيعة القضايا المتوقع أن يتم التباحث بشأنها”.
وأوضح أن من المرجح أن تكون القضية الفلسطينية، وخاصة الوضع الإنساني الكارثي في غزة، في صلب المحادثات، خصوصاً مع تزايد الانتقادات الدولية للممارسات الإسرائيلية.
وشدد الدكتور بدر الدين على أن الولايات المتحدة لم تعد على توافق تام مع إسرائيل كما في السابق، مشيراً إلى الخلافات المتعلقة بالموقف من الحرب في غزة، وأيضاً ملف التفاهمات غير المعلنة مع الحوثيين في اليمن، والتي أثارت حفيظة الجانب الإسرائيلي بعد أن شعر أن مصالحه لم تكن أولوية في تلك التفاهمات.
رسائل ضمنية لإسرائيل والمجتمع الدولي
وأشار بدر الدين إلى أن هناك تساؤلات مطروحة حول ما إذا كان ترامب يحمل معه تصوراً لحل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أم أن الجولة تركز بشكل أساسي على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية مع دول الخليج.
وتابع: “ربما تسعى واشنطن من خلال هذه الجولة إلى ترضية الحلفاء الخليجيين وتقديم دعم سياسي أو اقتصادي مقابل تعاونهم في ملفات إقليمية، ومنها الضغط على إسرائيل للتوصل إلى تهدئة في غزة”.
ونوه إلى أن تصريحات ترامب السابقة ألمحت إلى مفاجآت قادمة في الملف الفلسطيني، وربما تكون زيارته محاولة لإعادة إطلاق مبادرة سلام واسعة قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، وإن كانت التفاصيل ما تزال غير معلنة.
استثمارات ومصالح متبادلة
وأكد الدكتور بدر الدين أن أحد الأهداف الجوهرية للجولة يتمثل في إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية بين واشنطن ودول الخليج، لا سيما في ظل الطموحات الاستثمارية الكبرى للمملكة العربية السعودية، ورغبتها في جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية لدعم “رؤية 2030”.
ولفت إلى أن أبناء ترامب يمتلكون بالفعل العديد من المشاريع العقارية في الخليج، وهناك نية لتوسيعها في المستقبل، وهو ما يعزز فرص إبرام صفقات تجارية ضخمة خلال الزيارة، قد تشمل مجالات التطوير العمراني والتقنيات المتقدمة والطاقة.
تهدئة إقليمية وضمان المصالح الأمريكية
في السياق ذاته، شدد الدكتور بدر الدين على أن الاستقرار الإقليمي يمثل ضرورة حتمية لحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر، وأهمية خطوط التجارة العالمية التي تمر عبره.
وأضاف أن الملفات المرتبطة بسوريا، ولبنان، واليمن، والسودان، ستُطرح ضمن جدول الأعمال، مؤكداً أن واشنطن تدرك تماماً أن الفوضى الإقليمية قد تنعكس سلباً على مصالحها الاقتصادية والعسكرية، وعلى استقرار حلفائها في المنطقة.
و نوه الدكتور بدر الدين إلى أن هذه الجولة تأتي أيضاً في سياق الحملة الانتخابية الأمريكية المقبلة، حيث يسعى ترامب إلى تعزيز صورته كزعيم عالمي قادر على تأمين المصالح الأمريكية وتوقيع صفقات اقتصادية ضخمة، قد تساعده على استقطاب دعم سياسي ومالي داخلي.
وقال “ما نراه ليس مجرد زيارة بروتوكولية، بل تحرك محسوب بدقة يعكس مزيجاً من الطموحات الاقتصادية، والسياسات الأمنية، والمصالح الانتخابية… وكلها عوامل ترسم مستقبل العلاقة بين واشنطن والعواصم الخليجية الكبرى.
الدكتور إكرام بدر الدين

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.