حسان عليان: هل تنجح إسرائيل في فرض الوقائع تحت غطاء الحرب؟
كتبت بسمة هاني
في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، برزت سياسة جديدة أكثر خطورة تتمثل في حصر أكثر من مليوني فلسطيني في مساحة لا تتجاوز ثلث القطاع، في خطوة يعتبرها مراقبون مقدّمة لتهجير جماعي مقنّع. وفي هذا السياق، يقدّم الدكتور حسان عليان، الباحث والمحلل السياسي من الضاحية الجنوبية لبيروت، قراءة تحليلية لموقع نافذة الشرق، يشرح فيها الأبعاد السياسية والعسكرية لهذا المخطط، ويكشف الأهداف الخفية التي تسعى إسرائيل لتحقيقها تحت غطاء الحرب.
ومن هذا المنطلق يصرح الدكتور حسان عليان الباحث والمحلل السياسي لبنان الضاحية الجنوبية لبيروت في حديث خاص لموقع نافذة الشرق
يرى الدكتور حسان عليان أن المشروع الإسرائيلي في غزة لم يعد مرتبطاً فقط بساحة المعركة أو بالمنجزات العسكرية، بل أصبح رهينة لعبة الوقت والسياسة. وأوضح أن حكومة نتنياهو تراهن على أن طول أمد العدوان، واستمرار الضغط الإنساني، سيفضيان في نهاية المطاف إلى انكسار الإرادة الجماعية الفلسطينية، وبالتالي الدفع نحو نوع من الاستسلام الصامت أو الهجرة الطوعية، وهو ما وصفه بأنه “تهجير قسري مقنّع بآليات ناعمة ولكنها أكثر فتكاً من الحرب المباشرة.
وأكد أن هذه السياسة لا تنفصل عن مشروع أوسع تتبناه أوساط اليمين المتطرف في إسرائيل، وعلى رأسهم وزير العدل الإسرائيلي وشركاؤه في الحكم، الذين يرفضون بالمطلق أي مخرجات للحرب يمكن أن تعيد الاعتبار للفلسطينيين كقوة سياسية على الأرض، أو أن تفضي إلى تسوية دولية تعترف بحماس أو بأي فصيل مقاوم كطرف شرعي.
الانقسام الإسرائيلي الداخلي: مأزق القرار أم فرصة المقاومة؟
ولفت إلى أن الانقسامات العميقة داخل الكيان الإسرائيلي، سواء بين المؤسسة العسكرية وجهاز الشاباك، أو بين الحكومة والمعارضة، تشكل ضغطاً متزايداً على نتنياهو وتُربك حسابات الحرب.
وأشار إلى الصراع العلني مع رئيس “الشاباك” رونين بار، الذي يعارض بعض سياسات نتنياهو ويطرح مقاربات مختلفة، ما يكشف حجم التصدع داخل غرف اتخاذ القرار.
وأوضح أن هذا الانقسام يمنح المقاومة الفلسطينية هامشاً إضافياً للمناورة، لأنه يضعف قدرة إسرائيل على صياغة موقف موحد في المفاوضات أو حتى في تنفيذ السيناريوهات العسكرية المقبلة، مما قد يفتح الباب أمام فرص سياسية جديدة لصالح الجانب الفلسطيني.
التطهير العرقي كخيار استراتيجي: العودة إلى سيناريو 1948؟
وشدّد الدكتور عليان على أن ما يجري في غزة اليوم يعيد إلى الأذهان مشهد “النكبة” عام 1948، عندما أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم تحت تهديد القتل والمجازر. ونوه إلى أن المشروع الإسرائيلي الراهن لا يخرج عن هذا السياق التاريخي، بل يستنسخه بأساليب حديثة، وضمن بيئة إقليمية ودولية أكثر تعقيداً.
وأكد أن الصمت الدولي، والتقاعس العربي والإسلامي، يمنحان إسرائيل ضوءاً أخضر للمضي قدماً في مخططها، ولكنّ الصمود الفلسطيني، والمقاومة المسلحة، والوعي الشعبي العربي والدولي المتزايد، كلها عوامل قد تُعيد قلب الموازين إن تم استثمارها بالشكل الصحيح.
وحذر عليان من أن حصر أكثر من مليونين من سكان غزة في مساحة ضيقة لا تتجاوز ثلث القطاع، دون بنى تحتية أو حماية إنسانية، هو مقدمة واضحة لمخطط تهجير جماعي قد لا يكون مباشراً، لكنه أكثر خطورة لأنه يتسلل تحت غطاء القانون والحرب والمساعدات الدولية.
وأكد أن هذا المسار لا يحمل أي شرعية قانونية، ولا يمكن أن يُكتب له النجاح طالما أن الشعب الفلسطيني مستمر في مقاومته، وطالما أن الرواية الفلسطينية تُثبت قدرتها على الصمود، والصوت الحر لا يزال ينبض من داخل غزة المحاصرة.
وختم قائلاً: “قد تملك إسرائيل تفوقاً نارياً، ولكنها عاجزة عن كسر إرادة شعب أثبت للعالم أن جذور الحق لا تقتلعها القنابل، وأن مشروع التهجير الجديد سيفشل كما فشلت كل مشاريع الاجتثاث السابقة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.