حين تحارب الروبوتات.. هل انتهى زمن الجندي البشري؟
كتب \ أحمد سمير
نعم لم يكن خيال كنا نشاهده لساعات بل كان مستقبلا ً الكثير من الدول أغمضت أعينها عنه حتى أصبح واقع ملموس , السنيما العالمية كانت دائما سباقة فى إبراز مستقبل الحروب والتى تعتمد على الذكاء الإصطناعى ( المسيرات , الروبوتات القتالية ) , هوليود لم تنتج أفلاماُ تناولت فيها شخصيات آليه أو روبوتات يعتمد عليه البشر فقط من أجل متعة المشاهدة أو لحصد جوائز الأوسكار, ولكن بمثابة إعلان عن مستقبل الحروب وأسلحتها ومدى التطورالذى سوف تصل إليه , ومع تحقق الحلم الذى كان نشاهده على شاشات التلفاز يأتى الدور على الدول التى تناولت الخيال لتحقيقة على أرض الواقع ..
أعلنت روسيا هذا العام عن تأسيس أول جيش مستقل من المسيرات الحربية ووضع المهام التى ستتولى هذه المسيرات لتنفيذها كالعمل لتنفيذ مهام إستطلاع , أو هجوم دعم لوجيستى أو قيادة ميدانية ذكية فى ميدان الحرب ..
إذن فما هى الدوافع الروسية لإنشاء مثل هذه القوة , فى هذا التوقيت تحديدا ..؟؟
دوافع إستراتيجية فروسيا تواجه تحديات عسكرية معقدة منذ عام 2022 للغاية خاصة بعد الحرب الأوكرانية وظهور مدى تفوق الغرب عليها تقنيا وإقتصاديا ,التجارب الميدانية , والتى أظهرت فيها المسيرات الروسية من طراز لانتسيت , فاعلية كبيرة ضد المنشآت ونقاط التجمع فى الحرب الأوكرانية .
جيش مسيرات مستقل ما المغزى من هذا الأمر ..؟
الإدارة الروسية لم تتخذ هذه الخطوة لمجرد التوسعات لإستخدام سلاح الطائرات المسيرة فقط بل كان وراء هذه الخطوة كيان عسكرى متكامل , له قيادات متخصصة , هيكل تنظيمى مستقل , عقيدة قتالية مبنية على الذكاء الإصطناعى ..
التأهل الروسى لإمتلاك هذا النوع من الاسلحة لم يأتى من العدم ولكن الأرقام التى يمتلكها الدب الروسى أهلته لهذا الأمر ففى عام 2024 وصل عدد المسيرات النشطه فى أوكرانيا إلى أكثر من 10.000 مسيرة , عام 2023 نسبة إعتماد القوات الروسية على الطائرات المسيرة وصلت إلى نحو 40% من الهجمات بعيدة المدى .
هل سيسر العالم على نفس خطى روسيا وتكوين جيش مستقل من الطائرات المسيرة ..؟؟
بالفعل ولكن بمستويات مختلفة فعندما نرى الجانب الروسى نجده قد دخل مرحلة تأسيس الذكاء الإصطناعى العسكرى حيث يصبح سلاح المسيرات قوة قائمة بذاتها وليست أداة دعم تكيتيكية , الولايات المتحدة الأمريكية , الصين , تركيا , إسرائيل هم دول تمتلك قدرات متقدمة فى هذا المجال ولكن لها إستخدامات محدودة كعمليات استخباراتيه أو إنتحارية وفكرة إنشاء جيش مستقل من المسيرات هو تطور لافت للنظر ستدرسه كبار الدول بجدية خصوصا مع تواجد التجربة الروسيه حالة إثبات نجاحها أو فشلها فى ساحة المعركة , هذا ما قد أكدته بعض الدراسات الإقتصادية بتوفير كبير فى الخسائر البشرية , والمادية لدى الدول التى ستقدم على إستخدام هذا النوع من الجيش , نظرا لأنها يمكن شراء المئات منها بنفس التكلفة مما يجذب أيضا الدول الغير غنية للإعتماد عليها .
هل هناك دافع إستراتيجى يجبر هذه الدول على إتباع روسيا .؟؟
الإجابة نعم لأن العالم سيتبع روسيا إما بإرادته أو بضغط الحاجة العسكرية , والجيش المسير لن يكون رفاهية بل ضرورة لبقاء الدول فى معادلة الردع والتفوق, ولذلك لعدة أسباب لعل أهمها .
اولاً : الفاعلية الميدانية : وتأتى فى شكل الحرب الأوكرانية الروسية كان التفوق الأوكرانى بسبب المسيرات , وبلغت نسبة خسائر الدبابات الروسية بنحو 80% فى بعض المعارك .
ثانيا : التأثير على العقيدة العسكرية : فقد أثبتت المسيرات قدرتها فى تدمير أنظمة دفاعات جوية معقدة .
ثالثا : سهولة التصنيع والدمج : أٌثبتت بعض الدول مثل تركيا , إيران على أن تصنيع المسيرات ممكن بتكلفة مقبولة وبدون تكنولوجيا خارقة .
أما عن الشرق الأوسط فهو واحد من أكثر الساحات نشاطا فى إستخدام المسيرات نرى تركيا قد أصبحت قوة رائدة عالميا فى إصدار المسيرات وتصديرها الى الدول الأخرى ولعل أشهر إنتاجها المسيرة بيرقدار , إيران تطور وتصدر المسيرات ذات التكلفة المنخفضه ولكن فاعليتها كبيرة ولعل أبرز الدول التى إستخدمتها العراق , اليمن , سوريا , أوكرانيا .
إسرائيل تعتبر من الدول الرائدة فى تصنيع المسيرات خصوص مجال الإستطلاع والهجمات الدقيقة , السعودية , مصر , الإمارات قد بدوا بالإستثمار المكثف لمواكبة هذا المجال سواء من خلال الشراء او التصنيع الجزئى , على الرغم من ذلك إلا أن بعض الجيوش العربية لا تزال تعتمد على المسيرات ككونها عامل مساعد وليست قوة قتالية مستقلة .
من كل ماسبق من أحداث هل سيشهد العالم فى العقد الأخير جيوشا بدون جنود بشرية ..؟؟
بالطبع ولكن بشكل تدريجى, فإلأدارة الروسية قد إتخذت الخطوة الأولى فى تأسيس جيش مستقل من المسيرات لكن التجربة لازالت محل إختبار إذا نجحت فإنها ستعيد رسم شكل الجيوش وتحول الحرب من معركة جيوش إلى منافسة خوارزيميات , الدول التى تمتلك الذكاء الإصطناعى والسيادة التقنية ستمتلك مفاتيح مثل هذا النوع من الحروب أما عن الدول المتأخرة ستجد نفسها عاجزة عن الرد أو الحماية , فما يجرى الآن ليس مجرد تحديث عسكرى بل ثورة شاملة فى طبيعة الصراع والسيادة . الحرب فى عام 2035 بدون جنود بشرية ستغيير عدد من المفاهيم الحربية فلن يعرف فيه معنى إشتباك مباشر بين جيوش متقابلة ,فكرة الجيش الجيش الغير بشرى نعم سيكون هناك جيش متكامل , مكون من مسيرات هجومية متعددة .
أما عن الشرق الأوسط فى هذه الحرب فالمشهد العسكرى فيها فلن يكون مثلما سبق ولكن بعض الدوب ستحاول تحقيق التوازن لمنع أى توفق عسكرى غير بشرى عليها , حروب الوكالة من خلال المسيرات وإمداد بعض الدول للفصائل الغير مسلحة بالمسيرات , المدن الحدودية ستتحول إلى مناطق إختبار تكنولوجى , ظهور شركات تصنيع إقليمية , من الممكن ظهوره فى تركيا التى ستتحول إلى بازار تصنيع للمسيرات , مصر والسعودية ستقومان بالتصنيع الخاص بهما , إيران ستستمر فى تصنيع المسيرة المميته .
التوازنات العسكرية التقليدية هل تهددها المسيرات بشكل ملموس ..؟
لم يعد التفوق فى عدد الجنود أو الأسلحة الثقيلة وحده كافيا, بل أصبحت القدرة على إستخدام المسيرات بذكاء وتنوع أشكال الحرب هى العامل الحاسم ى موازين القوى الدولية , بالفعل وقد أصبحت المسيرات من
وفى تصريح خاص لسيادة اللواء ” سمير فرج ” الخبير الإستراتيجى لموقع نافذة الشرق حول هذا الموضع أكد سيادته بأن إستخدام المسيرات الحربية ليست سوى جه معاونة فى القتال , لعدم قدرتها على كسب حرب وحدها أو دخول حرب كاملة والإستيلاء على أرض أو تأمين أرض , نافيا عدم وجود جيوش من الألات فقط , وأنها ليست سوى عنصر جديد يساعد فى المعارك نظرا لتكلفة الرخيصة , فلديها القدرة على الهروب من الرادرات , تنفيذ المهام التى تقوم بها الطائرات العادية , والمقصود من وجود جيش من الطائرات المسيرة ليس سوى لمساعدة القوات التى تهاجم فقط مشددا مرة أخرى على عدم الإستغناء عن الجندى البشرى فى القتال , مع الالزام بوجود العنصر البشرى لإتخاذ القرار النهائى , موضحا بأن إستخدام الذكاء الاصطناعى سيدخل فى العمل العسكرى ولكن بشكل تدريجى مع توضيح بعض التحديات التى تواجهه على سبيل المثال وليس الحصر , الوقوع فى أخطاء جسيمة عند تعلق الأمر بإتخاذ قرار حاسم فى ظل ظروف متغيرة لمعركه أثناء القتال وغياب العقل البشرى الذى يمتلك القدرة على تقييم المواقف , سباق التسليح وتسارع الدول للإستثمار فى التكنولوجيا والتفوق على منافسيها مما يذيد من إحتمالية التوترات العسكرية , خطورة الهجمات السيبرانية وجعلها أهدافا جذابه للهجمات الالكترونية فأى ثغرة أو إختراق يؤدى إلى عواقب كارثية.
وفى النهاية أكد سيادته بأن الذكاء الإصطناعى يمكن أن يحقق ثورة حقيقة فى العمليات العسكرية إلا أن تزايد إمكانياته بشكل كبير وغير مسبوق يصحبه نحو مخاطر قد تتطلب مواجه عالمية , تضمن إستخدام هذه التكنولوجيا بشكل واعى وأخلاقى لضمان السلامة والأمن للبشرية .
فى النهاية فالإدارة الروسية لا تمثل مجرد تطور تقنى بل نقلة فلسفية فى مفهوم الجيوش والحرب , وإذا نجحت روسيا فى تعميم هذه التجربة وتحقيق نتائج ميدانية حاسمة قد يكون العالم على أعتاب عصر جديد تتولى فيه الالات الذكية مهمة القتال فيه .
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.