خاص لموقع نافذة الشرق: تأثيرات غير مباشرة لكنها محتملة.. هل تهدد الحرب بين الهند وباكستان الاقتصاد المصري؟
كـتـــب: محمد عبدالوهاب
في ظل التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية، ومع اقتراب اندلاع حرب محتملة بين دولتين من القوى الكبرى، تتصاعد المخاوف من التداعيات الاقتصادية التي قد تضرب دولاً غير مشاركة مباشرة في هذا الصراع، وعلى رأسها مصر. فالدولة المصرية التي تعاني في الأصل من ضغوط اقتصادية كبيرة، قد تكون إحدى أبرز المتضررين غير المباشرين من مثل هذه الحرب، بسبب الارتباط الوثيق بالاقتصاد العالمي، واعتمادها على الاستيراد من بعض الدول التي ستكون في قلب الحدث.
نزار نزال: الحرب ستلقي بظلالها على الاقتصاد المصري
وفي هذا السياق، أكد نزار نزال، الباحث السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي والباحث في قضايا الصراع، في تصريحات خاصة لموقع نافذة الشرق، أن الحرب بين دولتين كبيرتين سوف تؤثر بالسلب على مصر، وغير مصر، مضيفاً أن “مصر تستورد بعض المواد من الهند مثل الحديد، الذي يعد أحد الركائز الأساسية، بالإضافة إلى استيراد اللحوم”.
وأشار نزال إلى أن “إن لم يكن للمصريين بديل للاستيراد، فسوف ترتفع الأسعار بشكل كبير جداً”، موضحاً أن “في حالة وجود بديل، فهذا يحتاج إلى وقت طويل، وتحديد أسعار جديدة، وإبرام اتفاقات مختلفة، وهو ما سيلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي المصري”.
وأضاف: “مصر تعتمد على استيراد مواد من الهند، وإذا اندلعت هذه الحرب، فلن تتمكن الهند من تلبية الاحتياجات المصرية، ما يعني نقصاً في هذه المواد داخل الأسواق المصرية، وبالتالي ارتفاع أسعارها بشكل كبير، الأمر الذي يؤثر سلباً على الاقتصاد المصري والدولة المصرية”.
تحليل التأثيرات الاقتصادية المحتملة
تستورد مصر من الهند مجموعة من المواد الأساسية، على رأسها الحديد واللحوم وبعض المواد الخام الصناعية، ما يجعل السوق المصري مرتبطاً بشكل مباشر بالوضع في جنوب آسيا. في حال اندلاع حرب بين الهند ودولة كبرى أخرى مثل الصين أو باكستان، فإن حركة التجارة ستتأثر بشكل مباشر، خصوصاً أن الموانئ الهندية قد تتحول إلى مناطق عسكرية أو تكون تحت تهديد دائم، ما يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد.
الحديد: ركيزة البناء في خطر
يمثل الحديد أحد أهم المنتجات التي تستوردها مصر من الهند. ويُستخدم في قطاعات حيوية أبرزها البناء والعقارات والمشروعات القومية. وفي حال توقف أو تأخر الاستيراد من الهند، ستعاني السوق المصرية من نقص في المعروض، ما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع بنسبة قد تصل إلى 30-40%، وفقاً لبعض التقديرات الأولية من خبراء الاقتصاد.
وقد يؤدي ذلك إلى تأخير في إنجاز المشروعات القومية الكبرى، مثل مبادرة “حياة كريمة”، والمشروعات الإسكانية الجديدة، وهو ما قد ينعكس سلباً على معدلات التشغيل في قطاع المقاولات.
اللحوم: عبء جديد على المواطن
تشكل اللحوم الهندية بديلاً رخيصاً نسبياً مقارنة باللحوم المستوردة من دول أخرى مثل البرازيل أو السودان. وفي حال توقف الاستيراد من الهند، قد تضطر مصر للجوء إلى مصادر بديلة بتكلفة أعلى، وهو ما يعني ارتفاعاً جديداً في أسعار اللحوم في السوق المحلي، مما يزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين، خاصة في ظل موجة غلاء قائمة بالفعل.
هل يوجد بدائل؟
يرى بعض المحللين أن البدائل ليست مستحيلة لكنها معقدة. إذ تحتاج مصر إلى اتفاقات جديدة مع دول أخرى لتوريد الحديد واللحوم، وهو أمر يتطلب وقتاً، وجهداً دبلوماسياً وتجاريًا، إلى جانب تفاوض على أسعار جديدة قد تكون أعلى مما هو معمول به حالياً.
كما أن التحول إلى أسواق بديلة قد يتطلب تعديلات في خطوط النقل البحري والتخزين، الأمر الذي قد يزيد من التكاليف بشكل غير مباشر، وبالتالي يستمر الضغط على المواطن المصري الذي يدفع الثمن النهائي في كل الأحوال.
أثر الحرب على الأسواق العالمية والمحلية
لا تقتصر آثار الحروب الكبرى على الدول المتحاربة فقط، بل تمتد لتشمل دولاً بعيدة جغرافيًا، لكنها متصلة اقتصاديًا. وسوق الغذاء والطاقة العالمي من أكثر القطاعات التي تتأثر بالحروب، ما يعني احتمال ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية عالميًا، وبالتالي محليًا، كما حدث في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
في ظل المؤشرات الراهنة، تبدو مصر أمام تحدٍ اقتصادي جديد محتمل، يُضاف إلى سلسلة من التحديات التي تواجهها في السنوات الأخيرة. ويبدو أن صانع القرار المصري بحاجة إلى التحرك مبكرًا لتأمين بدائل استراتيجية للمواد الأساسية المستوردة، وبناء شبكة توريد مرنة لا تعتمد على مصدر واحد. أما المواطن المصري، فهو أمام فصل جديد من الغلاء المتوقع، ما لم يتم احتواء الأزمة بسرعة وحكمة.
نزار نزال الباحث السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي والباحث في قضايا الصراع

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.