خاص: ليبيا بين أطماع الغرب ومليشيات الإخوان ومحاولات إقامة دولة
كتبت بسنت السيد
استيقظ العالم على أخبار اشتباكات بالأسلحة الثقيلة تندلع في طرابلس تلك الحرب التى تهدأ قليلا ثم تعود ،فبينما تتجه أنظار العالم إلى إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا ،واتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة ،حتى استفاق العالم على حرب كامنة ومنسية كما وصفها المحلل السياسى كريستوفر فيلبيس في تقرير نشره المعهد الملكى للشؤون الدولية البريطانى والتى تدور راحها على أرض ليبيا وكلمة السر هى” النفط “
فماذا يحدث فى ليبيا ومن يحكمها الآن وإلى أين ستصل ؟
قال الباحث البريطاني البروفيسور كريستوفر فيليبس في تقريره نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” إن تجاهل هذه الصراعات يمكن أن يؤدي إلى انفجارات جديدة للعنف ويعزز حالة عدم الاستقراروهو ما حدث بالفعل في 12مايو والذى انتهى بمقتل غنيوة .
توقفت الحرب الأهلية منذ التوصل إلى هدنة في عام 2020. وقد أبدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في البداية اهتماماً بدفع جهود المصالحة بين حكومة طرابلس والإدارة المتمردة في الشرق، لكن أحداث أوكرانيا والآن غزة حولت الانتباه عن مثل هذه المبادرات.
جهود دولية لمعالجة الانقسامات
وفي محاولات حثيثة لتحريك الأزمة الليبية، دعت جامعة الدول العربية رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، لاستئناف الجولة الثانية من الاجتماعات الثلاثية لتفعيل الحل السياسي ومعالجة الانقسام في ليبيا. شاركت في هذه الجهود ستيفاني خوري، نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، للاطلاع على مبادرة الجامعة العربية. ودشنت المسؤولية الأممية مساعيها بلقاءات مع مختلف المسؤولين الليبين شرقا وغربا لجس النبض. كما التقت سفير ألمانيا والقائم بأعمال السفارة الأمريكي في ليبيا لدعم جهودها.
آمال ضعيفة للتوصل الى توافقات
ومع ذلك، فإن الأمل في حل الخلافات بين أطراف الصراع ضعيف جدا. وفقًا لمصادر ليبية، يبقى رفض التشكيلات والمجموعات المسلحة لأي تسوية سياسية دون إشراكها في الترتيبات المستقبلية من أبرز التحديات. بينما يركز عقيلة صالح على أهمية النتائج التي تم التوصل إليها سابقاً، مثل الاتفاق على توحيد المناصب السيادية وتشكيل حكومة موحدة، يرى رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أن غياب الدستور والتدخلات الأجنبية تحول دون التغلب على الانقسامات.
الملامح الأبرز في الصراع الدموى
ويؤكد الكاتب رضا شعبان الباحث المتخصص في الشأن الليبي في تحليله للصراع الدائر في ليبيا فى حديثه لموقع نافذة الشرق قائلا:”أن الملمح الأبرز في العشرية الدموية في ليبيا هو استمرار قيادي إخواني في منصب واحد على رأس مصرف ليبيا المركزي منذ عام 2011.”
وذلك على الرغم من تعاقب ثمان حكومات على ليبيا، آخرها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
ويشير شعبان بقوله إلى أحد الأمثلة الإخوانية قائلا : “إن الصديق رئيس مصرف ليبيا المركزي، هو قيادي بتنظيم الإخوان، لم يتزحزح من منصبه منذ أن تم تعيينه عام 2011، وذلك رغم وفرة الكفاءات والخبرات الليبية في المجالات الاقتصادية والمالية والمصرفية.
ويتابع “ورغم المحاولات الليبية العديدة لتنحيته، لم يلق أي منها استجابة أو صدى بسبب الدعم والضغط من تنظيم الإخوان وداعميه، لتثبيت الكبير في موقعه، وهو ما يتعلق بدور أيديولوجي في ظاهره ووظيفي في حقيقته.”
ويفسر رضا شعبان ذلك بالنظر للأهمية القصوى التي تمثلها الثروات الليبية كأحد أهم الأهداف لدى بعض القوى الدولية الداعمة لتنظيم الإخوان الارهابي وأبنائه وحلفائه من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
إعادة رسم خرائط النفوذ السياسي والاقتصادي الدولى
ويوضح ،انه على صعيد آخر تمثل هذه الثروات أبرز الأدوات المستخدمة في تعزيز ودعم حالة الفوضى في أطر أوسع تتعلق بإعادة رسم خرائط النفوذ السياسي والاقتصادي الدولي في إفريقيا والبحر المتوسط والساحل الجنوبي لأوروبا، وهي مناطق تمثل الجغرافيا الليبية محطة فارقة فيها وبوابة كبرى لها.
الدور الإخوانى الإرهابي في المنطقة
وتابع الباحث في الشأن الليبي قائلا :”وبالنظر إلى الدور الوظيفي الذي لعبه ويلعبه تنظيم الإخوان في ليبيا والمنطقة، يتضح إصرار بعض القوى الدولية على إبقاء هذا التنظيم حيا وفاعلا في المشهد الليبي، ودعم وجود عناصره في مفاصل المؤسسات الليبية، رغم حالة الرفض الشعبي له بعد انكشاف قيمه الحاكمة، ودوره الحقيقي وأدواته الإرهابية، بعد عشرية سوداء كشفت بجلاء مزاعمه حول دوره الأخلاقي أو الوطني أو الديني.”
نمو التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة
وأوضح شعبان أنه تأسيسا على هذا الدور، منحت محاولات بسط النفوذ الإخواني سطوته على ليبيا فرصة كبيرة لنمو التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة المؤدلجة وغيرها من كيانات ومافيات محلية ودولية بكافة تصنيفاتها، والتي تلقت الدعم الكامل بأشكاله المباشرة وغير المباشرة من تنظيم الإخوان والداعمين له، والذين وفروا الأغطية والمبررات لهذه التنظيمات لاستثمارها في تنفيذ الأجندات الإقليمية والدولية، واستمرار تعزيز الفوضى لأطول فترة ممكنة.
الدور المصرى في ضبط الايقاع الاقتصادي
وعن الدور المصرى يقول رضا شعبان:”وساهمت القاهرة والبعثة الأممية في مساعدة اللجنة الاقتصادية الليبية لضبط الإيقاع الاقتصادي كون القاهرة رئيسا للمجموعة الاقتصادية في مجموعة العمل الدولية المنبثق عن مؤتمر برلين الخاص بليبيا.
وفي هذا الإطار سعت القاهرة إلى وضع ضوابط العمل المصرفي والاقتصادي التي تعتمد عليها المؤسسات والدول الراسخة والمستقرة بتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وإغلاق الطريق على الحيل الإخوانية في التلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية في السوق السوداء، للاستفادة بالفروق في تمويل التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى توحيد الميزانية الليبية، لغلق الطريق أمام الاعتمادات الوهمية التي كانت تعتمدها حكومة الوفاق سابقا كأحد الروافد التمويلية لعناصر الإخوان.
حكومة الدبيبة ودورها في تفكيك المليشيات وسحب المرتزقة
ويؤكد رضا شعبان لنافذة الشرق أن الدور الأبرز لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة يبقي هوأن تقوم بالتزامن مع تفكيك الميليشيات وسحب المرتزقة بضرورة تغيير الوجوه الإخوانية في المؤسسات الاقتصادية، والاعتماد على الخبرات الاقتصادية غير المؤدلجة في إدارة المرحلة الانتقالية بالتزامن مع تهيئة البلاد للانتخابات في ديسمبر القادم، والتي يعوّل الليبيون على إخراجها دون مؤثرات على الإرادة الشعبية الليبية سواء بالتأثيرات المسلحة أو شراء الأصوات، وهي الخطة المقابلة التي يعمل عليها تنظيم الإخوان الإرهابي للسطو على ليبيا في الانتخابات القادمة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.