خبراء يوضحون.. لماذا تراجع الدور الأوربي في حل قضايا الشرق الأوسط؟
كتبت بسنت السيد خاص
كشف تقرير صادر عن المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول في في تصريحات إعلامية أن يقلل من الدور الأوربي في حل قضايا الصراع في الشرق الأوسط حيث قال : “لم يُحقق ذلك شيئًا” مشيراً إلى محادثات جنيف بين وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا ونظيرهم الإيراني.التى لم تصل إلى إتفاق.
وعلّق ترامب وقتذاك بقوله : “إيران لا تريد التحدث مع أوروبا، إنهم يريدون التحدث معنا، لا دور لأوروبا في هذا الأمر”.في نفس الوقت، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعد العدة لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت نووية في إيران.
الأوروبيون استسلموا لوضع المتفرج
وفي إستطلاع للرأى أجراه المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات كشف فيه “يان تيشو”، المدير الأوروبي في شركة الاستشارات “مجموعة أوراسيا” يقول فيه : “لا الدول الأوروبية منفردة ولا الاتحاد الأوروبي ككل يلعب دورا هاما في دبلوماسية الشرق الأوسط، وعلل ذلك بقوله إن دول الإتحاد الأوروبي لم تُستشار أو تُبلّغ مسبقا من قِبل الأطراف المتصارعة إسرائيل والولايات المتحدة منذ فترة، معلقا يبدو أن الأوروبيين قد استسلموا لهذا الوضع وفقا ل”يان تيشو”.
متى تراجع النفوذ الأوروبي؟
ويتابع تيشو قائلا:”إن الحرب، التي بدأت في 13 يونيو 2025 بهجمات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، تُواجه الاتحاد الأوروبي بواقع صعب، فهو ليس قوة دافعة ولا وسيطا. تُحدد إسرائيل والولايات المتحدة المنطق العسكري؛ بينما تحمي روسيا والصين مصالحهما في الخليج، وتبقى أوروبا على الهامش”.
واستكمل قائلا:”يفتقر الأوروبيون إلى القدرة على فرض نفوذهم في المنطقة، قوتهم الاقتصادية والتجارية لا تُذكر بالنسبة للقوى المتحاربة على الأرض، وقدراتهم العسكرية المحدودة لا تُذكر، لا تستطيع أوروبا إكراه أو حماية أي طرف على الأرض”.
تباين مواقف دول أوربا في قضايا الشرق الأوسط
أما عن وجهات نظر الدول الثلاث بشأن الأزمة، عندما دعوا إيران إلى التفاوض. انحصرت بين انتقادات القادة الأوروبيون لتصريحات صادرة عن واشنطن، والتي تفيد بتبني ترامب لمطلب إسرائيل بإسقاط النظام الإيراني.
كما شهدت التصريحات من قبل القادة الأوروبيين تبايناحادٱ في المواقف حيث إتخذت بولندا والمجر ودول البلطيق موقفا مؤيدا لإسرائيل بشدة، بينما وجهت كلا من أيرلندا وإسبانيا وبلجيكا أحيانًا انتقادات لاذعة لحكومة نتنياهو.
في حين أن تأثير أوروبا محدود على مجريات الأحداث، إلا أنها تشعر بعواقبها، فارتفاع أسعار النفط واحتمال إغلاق مضيق هرمز يهددان سلاسل التوريد، وقد يُفاقمان التضخم في القارة مجددا. وقد تجنبت العديد من الشركات بالفعل التعامل التجاري مع إيران خوفا من العقوبات الأمريكية، ويظل مشروع “إنستكس” الأوروبي مجرد حبر على ورق
يقول التقرير إنه لطالما فشلت أوروبا في إدراك الصدمة الوجودية التي لحقت بإسرائيل جراء أحداث السابع من أكتوبر 2023وعواقبها. كما فشلت في إدراك تغير موقف إيران الاستراتيجي، نتيجة ضعف روسيا، وسقوط الأسد، وتدمير حماس وحزب الله، حيث استندت الدبلوماسية الأوروبية إلى حد كبير إلى افتراضات عفا عليها الزمن”.
ماهى أسباب تراجع الدور الأوروبي في الشرق الأوسط ؟
وفي حديث خاص وحصرى لموقع نافذة الشرق يقول الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وخبير قوات حفظ السلام:”شهدت العقود الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في الدور الأوروبي الفاعل في معالجة قضايا الشرق الأوسط، ليُفسح المجال أمام هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت تمتلك زمام المبادرة في تحديد مسارات السلام والحرب بالمنطقة.
وتابع ، هذا التحول ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تضافر عوامل جيوسياسية واقتصادية وقانونية معقدة.
وأوضح الدكتور أيمن سلامة:”أنه من الناحية القانونية، يمكن رصد هذا التراجع من خلال غياب الإسهامات الأوروبية الجوهرية في صياغة أو تطبيق اتفاقيات السلام الكبرى، أو حتى في فرض العقوبات الدولية المؤثرة.
وأشار ، ففي حين كانت أوروبا تاريخيًا لاعبًا أساسيًا في الدبلوماسية المتعددة الأطراف، إلا أن صوتها أصبح باهتًا في ظل تفرد واشنطن بقرارات حاسمة، بدءًا من إدارة الصراعات وصولًا إلى تحديد مصير الاتفاقيات النووية.
تباين المصالح
وأضاف الخبير الدولي قائلا:” ويُعزى ذلك جزئيًا إلى تباين المصالح بين الدول الأوروبية نفسها، وغياب رؤية استراتيجية موحدة تجاه المنطقة، مما أضعف قدرتها على تشكيل جبهة موحدة وفاعلة. علاوة على ذلك، أدت التحديات الداخلية التي تواجهها القارة، مثل الأزمات الاقتصادية وقضايا الهجرة، إلى تحويل أولوياتها بعيدًا عن التدخلات الخارجية المكلفة.
كما أكد أنه على النقيض، حافظت الولايات المتحدة على وجود عسكري ودبلوماسي واقتصادي قوي في الشرق الأوسط، مدفوعة بمصالحها الأمنية والاقتصادية والطاقوية.مشيراً إلى أن هذا التمركز الأمريكي منحها نفوذًا لا يضاهى في التأثير على الأطراف المتنازعة، وصياغة الحلول، بل وتحديد من هو “الفاعل” ومن هو “الخارج عن القانون” في المشهد الإقليمي.
وبذلك، صارت واشنطن هي القوة المهيمنة التي بيدها مفاتيح الحرب والسلام، بينما تكتفي أوروبا بدور المتابع أو الداعم الثانوي.
ويطرح استاذ القانون الدولي وخبير حفظ السلام تساؤلات مفادها ،هل تستعيد أوروبا عافيتها الدبلوماسية وتُعيد صياغة دورها في المنطقة، أم تستمر في هذا التراجع الذي يترك مصير الشرق الأوسط مرهونًا لإرادة قوة واحدة؟
هذا ما ستثبته المواقف وتداعيات وتطورات الأحداث الجيوسياسية في المنطقة بيد أن المحلل تيشاو أكد في استطلاع أجراه المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أكد فيه : “إنه يجب على أوروبا أن تُعزز قدراتها العسكرية وتُعيد النظر في دبلوماسيتها، مشيراً إلى أن الإصرار على حل الدولتين و المفاوضات وحدها لا يُقنع أحدا على الأرض، وخاصةً الرئيس الأمريكي ترامب”.

الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وخبير قوات حفظ السلام
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.