خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى ليبيا.. مخطط خطر وتداعيات كارثية

17
  • اللواء مجدي شحاتة: تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا أخطر ما يمكن تصوره
  • اللواء سمير فرج: سنمنع مخطط التهجير بكل الوسائل.. وفلسطين ليست للبيع

كتب – عبد الرحمن السيد

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عادت إلى الواجهة تقارير إعلامية وتسريبات استخباراتية تشير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس، ضمن خطتها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خيار تهجير الفلسطينيين إلى مناطق بديلة، أبرزها ليبيا، مقابل تقديم حوافز مالية ضخمة للدول المستضيفة.

وذكرت تقارير، نقلا عن 5 أشخاص مطلعين أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل على خطة لنقل ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم.

مخطط التهجير مطروح منذ سنوات وطرح مؤخرا عندما ارتبط ذلك بمصر والأردن قبل أن يلاقي هجوما شديدا ورفضا قاطعا من الدولتين، وهو ملف يتم إعادة تدويره داخل أروقة الحكم الأميركي ويقدَّم كخطة واقعية لحل القضية الفلسطينية من جانب إدارة ترامب.

ونقلت التقارير عن شخصين مطلعين ومسؤول أميركي سابق أن الخطة قيد الدراسة الجدية لدرجة أن الولايات المتحدة ناقشتها مع القيادة الليبية. مقابل إعادة توطين الفلسطينيين، ستفرج الإدارة الأميركية عن مليارات الدولارات من الأموال التي جمدتها واشنطن قبل أكثر من 10 سنوات.

مخطط خطر وتداعيات كارثية

يؤكد اللواء مجدي شحاتة، الخبير الأمني والمحلل العسكري، أن مجرد طرح فكرة تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا تمثل “أخطر ما يمكن”، مشيرًا إلى أن هذه الخطة، إن صحّت، تنذر بكارثتين في آنٍ واحد: “الأولى، تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وتحويل أصحاب الأرض إلى لاجئين نهائيين خارج وطنهم التاريخي، والثانية، إشعال الصراع داخل الأراضي الليبية، التي تعاني أصلًا من هشاشة أمنية وسياسية غير مسبوقة”.

ويضيف شحاتة، في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق: “هذه الخطوة إن تمت، ستؤدي إلى صدام حتمي بين الفلسطينيين والليبيين. فالفلسطينيون سيرفضون أن يكونوا ورقة على طاولة المفاوضات الدولية، والليبيون، رغم ما تمر به بلادهم، لن يقبلوا بتحول وطنهم إلى ساحة توطين لشعب بأكمله، لا ذنب له”.

ويُحذر شحاتة من أن إدارة ترامب – المشهورة بصفقاتها التجارية وأسلوبها البراغماتي – قد تحاول إغراء بعض الأطراف الليبية بالمال مقابل القبول بهذا التهجير، “لكن ذلك لن يمنع الكارثة بل يؤجلها، لأن أي حل مبني على الرشوة والتلاعب بمصير الشعوب محكوم عليه بالفشل”.

رفض فلسطيني وعربي شامل

الرفض الشعبي والرسمي لمثل هذا المخطط لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل يمتد إلى الشارع العربي بكل أطيافه. ويرى اللواء شحاتة أن العرب لن يسمحوا بتمرير مثل هذه المؤامرة التي تسعى لتصفية أعدل قضية في التاريخ المعاصر.

ويتابع: “يجب أن نكون واضحين في موقفنا، وهو الوقوف الكامل مع الفلسطينيين ودعم صمودهم على أرضهم. لا بد أن نتمسك بحل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف. هذا هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع، وليس عبر صفقات مشبوهة أو ترحيل قسري”.

ويطالب شحاتة بإعادة التفكير في جذور الأزمة، قائلًا: “اليهود ليسوا أبناء هذه الأرض، بل جاؤوا من دول متعددة واستوطنوا فلسطين بقوة السلاح والدعم الغربي. لقد حان الوقت ليعودوا إلى أوطانهم الأصلية، ويكفوا عن استنزاف المنطقة والشعوب”.

سمير فرج: هذا كلام مرفوض وسنمنعه

من جانبه، يرفض اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، مجرد مناقشة هذه الفكرة، معتبرًا إياها جزءًا من سلسلة الأفكار المسمومة التي تُعاد تدويرها بين الحين والآخر. وقال فرج: “هذا كلام مردود عليه، ومرفوض تمامًا. سنرفضه، وسنمنعه بكل الوسائل”.

ويضيف فرج، في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق، أن الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ”التاجر الشاطر”، يسعى دائمًا لإبرام الصفقات بغض النظر عن الكلفة الإنسانية أو الأخلاقية. “هو لا يرى الفلسطينيين كشعب له حقوق، بل كرقم يمكن المساومة عليه، وهذه العقلية هي التي أدت إلى انهيار خطة السلام في عهده”.

أما عن ليبيا، فيؤكد فرج أن البلاد تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، “وأي محاولة لزجها في مشروع تهجير ستكون بمثابة صب الزيت على النار”.

ويتابع: “هناك أطراف داخل ليبيا قد تقبل بهذا الطرح – تحت ضغط الحاجة أو الطمع – لكن ذلك لن ينقذ الموقف، بل سيؤدي إلى كارثة أمنية ومجتمعية داخل البلاد، ويقضي على أي أمل في استقرارها”.

أبعاد استراتيجية: أمريكا والعرب وإسرائيل

وفي السياق ذاته، يشير اللواء مجدي شحاتة إلى ضرورة أن تعيد الولايات المتحدة النظر في مصلحتها الاستراتيجية بالمنطقة. “على ترامب وأمثاله أن يدركوا أن أمريكا تستفيد من علاقاتها مع الدول العربية أكثر بكثير مما تستفيد من إسرائيل”، مؤكدًا أن العرب “هم من يحلون الأزمات الاقتصادية الأميركية ويدعمون صناعاتها، في حين أن إسرائيل لا تفعل سوى استنزافها ماديًا وعسكريًا”.

ويرى شحاتة أن طرح حل الدولتين لا يزال ممكنًا، لكنه يشترط أن يتم بإرادة حقيقية من المجتمع الدولي، لا على حساب الحقوق الفلسطينية أو من خلال صفقات ترحيل وتهجير لا تقل خطرًا عن النكبة الأولى.

الواقع الفلسطيني يرفض التهجير

وشدد “شحاته” على أن واقع الشعب الفلسطيني، رغم كل المعاناة، لا يزال متمسكًا بأرضه وهويته. فكل محاولات التهجير أو الإغراء بالمال قوبلت سابقًا برفض واسع، مؤكدا رفض أي حلول تتجاوز حق الفلسطينيين في العودة، وإقامة دولتهم على تراب وطنهم.

وذكر المحلل العسكري، أن التهجير الذي يسعى إليه ترامب، يُصنَّف ضمن جرائم التهجير القسري المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني، وهو ما قد يعرض منفذيها لملاحقات دولية مستقبلًا.

يقظة عربية مطلوبة

في ظل ما يشهده العالم من تحولات، تبقى القضية الفلسطينية في قلب الصراع الإقليمي والدولي. ووسط كل هذا الضجيج، يبرز صوت العقل العربي الرافض لمشاريع التصفية والترحيل.

فإذا كانت هناك نية حقيقية لحل القضية الفلسطينية، فإن الطريق واضح: وقف العدوان، إنهاء الاحتلال، تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته، ودعم صموده بدلاً من اقتلاعه من جذوره.

أي حلول بديلة، خاصة تلك المبنية على منطق التهجير والإغراء المالي، لن تزيد الأمور إلا تعقيدًا.. وستفتح أبواب الفوضى من جديد، في ليبيا، وفي المنطقة كلها.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.