داخل مملكة المانجروف: رحلة مصور سيناوي في محمية النبق
سيناء – محمود الشوربجي
بين المساحات الخضراء ومياه الخليج، وجدت الحيوانات والطيور والنباتات النادرة ملاذًا آمنًا وبيئة مناسبة لها في محمية نبق جنوب مدينة دهب في شبه جزيرة سيناء.
ومن المحمية الطبيعية التي أُطلق عليها اسم “النبق” والممتدة على مساحة 600 كيلومتر مربع، قال أحمد وحيد، المتخصص في توثيق الحياة البرية لـ «نافذة الشرق»؛ لدي شغف وحماسة بتصوير الزواحف والطيور والحيوانات البرية وخاصة في سيناء.
وقال أنه أجرى جولات عديدة في مناطق جنوب سيناء شملت محميات طبيعية أبرزها محمية نبق وكاترين ورأس محمد ورأس أبوجالوم، وغيرها من المناطق، لافتًا إلى أن عمله الأساسي هو مراقب جوي، بينما تصوير وتوثيق الحياة البرية هواية قديمة نشأت لديه في مقتبل عمره حينما كان والده مديرًا عامًا لمحمية الزرانيق في شمال سيناء.
وأكد أن أرشيفه الفوتوغرافي الذي تضمن مئات الآلاف من الصور الفوتوغرافية الموثقة للحياة البرية كان أبرزها محمية نبق الغنية بالطيور المقيمة مثل العقاب السيناوي والبلشون، الخواضات، علاوة على أنواع الزواحف النادرة وكذلك النباتات النادرة.
موثق سيناوي يحكي تجربته داخل محمية نبق
وأشار «وحيد» إلى أن المحمية تتميز بتواجد أشجار المانجروف، التي تعد محطة هامة للطيور المهاجرة، وهناك أعشاش العقاب النساري ورصدت طيور أخرى في المحمية، على سبيل المثال طيور أبو ملعقة والخناق الرمادي واليمام القمري بالإضافة للطيور المائية والعصفور الدوري واليمام البلدي والغراب وعدد من النوارس.
كما لفت «وحيد» إلى الصورة التي التقطها وأحدثت تداولًا وشهرة واسعة لكافة المهتمين بالطبيعة، كانت صورة العقاب النساري خلال هبوطه على العش، موضحًا أنه جرى الأخذ في الاعتبار أثناء تصوير الأعشاش خصوصًا وقت وجود أفراخ صغيرة، أو ما يسمى بالـ «فقس» صغير الطيور، التصوير كان من مسافة بعيدة وآمنة لهم لكي لا يحدث تأثير عليهم وضمان أمنهم.
ووفقًا للمصادر القديمة، أن المحمية أُطلق عليها «النبك»، وحاليًا النبق، وتعد محمية نبق جوهرة الطبيعة الساحرة، تطل مباشرة على خليج العقبة جنوب مدينة دهب بمحافظة جنوب سيناء.
الشعاب المرجانية و الكهوف البحرية
وتتميز المحمية بالشعاب المرجانية المسطحة وبعض الكهوف البحرية ونبات المانجروف النادر الذي ينمو في المياه المالحة للبحر الأحمر ويعيش في جذوره والاستاكوزا والكابوريا والجمبري.
وقال إبراهيم السواركة، صاحب أحد المخيمات وشركات السفاري في نويبع، أن المحمية بها ثلاث قبائل بدوية تشارك في حماية البيئة والسياحة بالإضافة إلى الجهات المختصة، نظراً لأهميتها البيئية والسياحية.
وأوضح السواركة، أن المحمية تتميز باحتوائها على عدة أنظمة بيئية ووديانها الغنية بالنباتات النادرة و كثبانها الرملية الممتدة بالإضافة إلى الشواطئ البحرية والشعاب المرجانية، إذ يوجد بها عدد كبير من الحيوانات والطيور.
من ميناء تجاري إلى محمية طبيعية
ووفقًا للمؤرخ نعوم شقير في كتابه تاريخ سينا والعرب، أن ميناء النبك على نحو عشرين ميلًا من ميناء الشرم، وهو أقرب فرصة إلى بر الحجاز، واتجاهه في ذلك البر ميناء الشيخ حميد، بينهما سبعة أميال أو حواليها، ينتابه الآن تجار الإبل والغنم، وأكثرهم من عرب الحويطات المصريين، فيأتون بالإبل والغنم من بر الحجاز إلى النبك، ثم يخترقون برية سيناء إلى السويس، وسيأتي ذكر هذا الطريق تفصيلا، وفي النبك آبار عذبة املاء وبستان نخيل، قيل وهناك خرائب دير بُني في صدر النصرانية، وبقربه خرائب قرية صغرية أقدم منه.
كما أعلنت محمية نبق محمية طبيعية في عام 1992م، وتقع على بُعد 35 كيلو متراً شمال شرم الشيخ بينها وبين دهب ووادي أم عدوي بجنوب سيناء، تتنوع بيئتها بين البيئة الجبلية والبيئة الصحراوية، وتضم مجموعة مهمة من الحيوانات والطيور أشهرها الوبر، الثعالب، لغزلان، وبعض أنواع من القوارض والزواحف وكثير من الطيور المقيمة والمهاجرة أهمها البلشون، العقاب النسارية، الخواضا، بالإضافة إلى 134 نوعاً من النباتات منها ما يقرب من 86 نوعاً اندثرت تماماً في الأماكن الأخرى، منها نبات المانجروف المعروف باسم نبات الشورى الذي يعيش في المياه المالحة أو قليلة الملوحة، وتستخلص المياه العذبة وتتخلص من الملح على أوراقها وتساعد على استبقاء الرواسب، ولا يزيد طولها عن خمسة أمتار، وتعتبر غابات المانجروف مناطق هامة لتوالد الأسماك واللافقاريات ومستوطناً لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة.

شجر المانجروف داخل محمية نبق
أحمد وحيد – المصور المتخصص في توثيق الحياة البرية
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.