دلالات دخول “لوك أويل” لمصر: قراءة في خريطة العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وموسكو
كتب: هشام عامر
يشهد الاقتصاد المصري في الوقت الحالي حراكاً ملحوظاً، مدعوم بتعاونات وشراكات استراتيجية تسعي لتعزيز مكانته الإقليمية والدولية، ونظراً لجاذبية السوق المصري ، يعد دخول الشركات العالمية الكبري إليه دليلاً علي أن هذه الجاذبية متزايدة، وأن الاقتصاد المصري يتعافى بشكل تدريجي، لاسيما في قطاعات حيوية مثل النفط والطاقة، لقدرتها علي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص النمو.
ولهذا تُعدّ الشراكة مع “لوك أويل الروسية” هي أحدث فصول التعاون الاقتصادي بين مصر وروسيا في الفترة الحالية، وذلك التعاون الذي يمتد ليشمل قطاعات متعددة تتجاوز النفط والطاقة لتصل إلي الطاقة النووية والصناعات الكبري، وهذه الشراكات المتنوعة تعكس رؤية استراتيجية هدفها بناء اقتصاد مرن وقوي، قادر علي مواجهة التحديات العالمية وتحقيق الاستدامة علي المدى البعيد.
وفي هذا السياق أوضح الدكتور “كريم العمدة” أستاذ الاقتصاد والخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، الأبعاد الحقيقية وراء دخول شركة “لوك أويل” الروسية، إلى السوق المصري في هذا التوقيت، مشيراً إلي أن قطاع النفط والطاقة يمثل “كريمة الاقتصاد”، لكن التركيز الأكبر يجب أن ينصب على الاستثمار في القطاعات والصناعات الأخرى.
وقال “العمدة” أن شركات النفط هي من تسعى وراء الدول للاستثمار، على عكس الصناعات الأخرى التي قد تبحث فيها الدول عن مستثمرين، لهذا السبب، يري الخبير الاقتصادي أن دخول “لوك أويل” وحدها لا يمكن أن يحدد هدفًا استراتيجيًا للدولة، فالهدف الاستراتيجي الحقيقي ينبع من شراكات متعددة في صناعات متنوعة تحدث فارقًا اقتصاديًا واضحًاً.
وبسؤاله عن أن ذلك الاستثمار من الممكن أن يعد بداية شراكة طويلة الأمد بين موسكو والقاهرة في مجال الطاقة، أكد “العمدة” أنه منذ شهرين جائت بعثه تجارية مكونه من شركات روسية كبيرة إلي مصر لتقوية الشراكات التجارية وتعزيز العلاقة الاقتصادية بين البلدين وكانت من قطاعات تجارية متنوعة ليس فقط النفط والغاز، بالإضافة إلى وجود برنامج حكومي روسي بعنوان “صنع في روسيا” فلأجله تسعي الشركات الروسية للتعاون مع مصر، وبالإضافة لذلك روسيا لها حصص في البحر المتوسط وبالتحديد في حقل ظهر شركة روس نفط التي تملك حصة 30٪ هي أيضاً شركة روسية كبيرة، وتتولسي شركة “روساتوم” الروسية الضخمة مشروع المفاعل النووي في الضبعة، كما أن هناك مدينة صناعية روسية في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس تسمي “مدينة الشمس” فالاستثمارات الروسية داخل مصر كثيرة ومتعددة وهذا دليل قاطع علي قوة العلاقات بين مصر وروسيا.
وفيما يتعلق بتقلبات أسعار النفط والغاز العالمية، كيف يمكن لـ “لوك أويل” ومصر ضمان استدامة وربحية هذا الاستثمار على المدى الطويل، أشار الخبيرالاقتصادي إلي أن سوق النفط يتسم بالتقلب الدائم بين الارتفاع والانخفاض والاستقرار، والاستدامة الربحية تتوقف علي أن تكون تكلفة الإنتاج منخفضة، وعادة استثمارات النفط تكون إلي مدة زمنية طويلة قد تصل إلي 20 عاماً ، أما عن السعر فمصر تعتبر دولة منتجة ومستهلكة وفي انخفاض أسعار النفط فائدة أكثر للبلد لأننا مستهلكين ومستوردن للنفط.
وفي سياق متصل أشار الدكتور “كريم العمدة” أن مصر لكي تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة لابد أن يكون لديها إنتاج يكفي السوق المحلي ونقوم بتصدير النفط، وهذا في الوقت الحالي غير موجود لأننا كان لدينا فائض في البترول ثم أصبح في السنوات الماضية لدينا عجز، وهذا لا يعني أننا لا نسعي أن نكون مركزاً للطاقة ولكن المقصود من السعي علي نطاق أوسع هو التنوع أي الغاز والبترول والكهرباء والطاقة النووية والطاقة المتجددة، وأما عن العجز الذي حدث فالدولة تسعي لتعويضة بالاستثمار والشراكات مع الشركات الأجنبية.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.