دير سانت كاترين بين الشائعات والحقيقة: القضاء يحسم المعركة التاريخية على أرض المقدسات..صور

5

سيناء – محمود الشوربجي
أثارت قضية دير سانت كاترين خلال الأيام الماضية تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قرار وحكم محكمة صادر من محكمة الاسماعيلية بعد شائعات انتشرت على مواقع التواصل بتفريغ الدير من الرهبان تمهيدا لبيعه.

وشهدت نهاية الشهر الماضي، مايو، مباحثات متبادلة وتعهدات بسبب دير سانت كاترين، حيث أعلنت رئاسة مصر الالتزام الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة للدير، وعدم المساس به.

وأكدت الرئاسة المصرية في بيان رسمي، أن الحكم القضائي الصادر مؤخرا يرسخ هذه المكانة كما يتسق مع ما أكده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال زيارته لليونان أوائل مايو الماضي.

وتعود القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية إذ أصدرت حكمها في الدعوى المرفوعة بشأن قطع الأراضي المتنازع عليها بمحافظة جنوب سيناء، وقضت بأحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة.

وقررت المحكمة بوجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير، بشأن بعض قطع الأراضي المستغلة بمعرفة تابعي الدير، مما ينفي وقوع تعد على هذه الأراضي.

وانتهت المحكمة إلى أن باقي قطع الأراضي المتنازع عليها محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم تصدر بشأنها أية عقود من جانب جهة الولاية.

وصدر حكم المحكمة بعد شائعات ترددت عن إفراغ الدير من الرهبان تمهيدًا لبيعه، من جانب الحكومة. كما تزامنت هذه الشائعات مع الجهود التي تشهدها المنطقة المحيطة من تطوير شامل، ما أثار ردود أفعال وقلقًا لدى البعض، خاصة في ظل العلاقة التاريخية بين الدير والكنيسة اليونانية الأرثوذكسية.

أما مدينة سانت كاترين هي واحدة من المدن المصرية التي ازدهرت في عهد الحضارة البيزنطية أو الرومانية، واحتفظت بهيبتها وجمالها وقدسيتها على مر العصور حتى يومنا هذا. مدينة الصحراء كنز الجنوب وعروس سيناء ومفاتيح أسرارها التاريخية، حافظت على هيبتها وتراثها منذ المهد إلى اليوم.

تحظى مدينة «سانت كاترين» باهتمام بالغ من جميع دول العالم لارتباطها بالديانات السماوية وهي أكثر المدن تميزا في العالم. لما فيها من مقدسات دينية سماوية، أبرزها دير سانت كاترين وجبل كاترين وجبل موسى وجبل الطور والوادي المقدس.
تقع في نطاق إقليم «بلاد الطور» الجنوبي في شبه جزيرة سيناء. وتبعد عن قناة السويس بنحو 300 كم وتبلغ مساحتها 5130 كم مربع. بينما تضم أعلى 5 قمم جبلية في سيناء أعلاها قمة جبل «القديسة كاترينا» وهي أعلى قمة جبلية في مصر كلها.

كما تتميز بمناخ معتدل في الصيف شديد البرودة شتاء، جعل منها مدينة أوروبية مناخًا على أرض مصرية، حينما تكسوها الثلوج في شتاء كل عام تمنح المدينة جمالاً خاصاً عن باقي المدن في سيناء.

كنز الجنوب وعروس سيناء
تتكون “كاترين” من قريتين رئيسيتين: قرية «الطرفة» على بعد 23كم اتجاه مدينة أبو رديس، «السعال» على بعد 50كم من الدير. يتبعهما 31 تجمُّعا بدويا، ويعيش بها ما يقرب من 10 آلاف نسمة موزعين على 37 واديا. فيما يعمل غالبية سكانها في أعمال الخدمات السياحية وأعمال الزراعة والرعي.

ووفقا للمصادر القديمة، بُني الدير في عهد الحضارة الرومانية، بأمر من الإمبراطورة «هيلين» أم الإمبراطور «قسطنطين»، لكن الإمبراطور «جوستنيان» هو من قام ببنائه فعليًا في سنة 545م، ليحوي رفات «القديسة كاترينا» التي استشهدت في الإسكندرية.

بينما تتكون مكتبة الدير من 3 قاعات وتضم نحو 6 آلاف كتاب. ويصل عدد مخطوطاتها إلى نحو 4500 مخطوط ومدونات وخرائط وصور أثريَّة. كما تقتني المكتبة نسخة خطيَّة غير تامة من التوراة اليونانيَّة.

جبل كاترين.. وقصة القديسة كاترينا
عُرف من قبل بجبل «القديسة كاترينا»، وينطقها البعض «كاثرين»، وهو جبل يتوسطه ثلاث قمم مرتفعة أعلاها 2657م عن سطح البحر، وهي أعلى قمة في سيناء كلها، ويقع في الجنوب الغربي من جبل موسى الذي سُمي نسبة لنبي الله موسى حيث تجلى الله في هذا المكان وتلقى النبي موسى الوصايا العشر.

قالت الرهبان هناك إن هذا الجبل نزلت عليه الملائكة ووضعت جثة القديسة كاترينا بعد استشهادها في الإسكندرية عام 307م، ولم يتبقَ من جسدها حاليا سوى الجمجمة وعظم إحدى اليدين وهما محفوظان فى صندوق داخل الكنيسة حتى يومنا هذا. وهي من أهم القديسات في الغرب ولها دور كبير في انتشار المسيحية في ذلك العهد وماتت فداءً لذلك.

ولدت القديسة كاترينا في نهاية القرن الثالث الميلادي، واتصفت بالحكمة والعقل والحياء، وتثقفت في العلوم إلى أن أتمت دراسة الفلسفة واللاهوت، إلى أن حضر القيصر «مكسيميانوس» وأمر بعبادة الأوثان، وقام بتعذيب القديسة واضطهادها حتى أنه أمر بقطع رأسها في 25 نوفمبر سنة 307م.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.