رئيس الوزراء السوداني يعلن عن البداية لمكافحة الفساد .. ماهي الخطوات القادمة ؟

9

كتب : الهادي العجيمي

الفساد ..ذلك الخطر الذي يهدد إستقرار المجتمعات ،وتقدمها يظل تحديًا كبيرًا في السودان ، هذا البلد الذي يسعى للإستقرار ،والتنمية ،يواجه تحديات كبيرة في مجال مكافحة الفساد حيث يعد الفساد في السودان ،مشكلة عميقة الجذور ،تتطلب حهودًا حثيثة لمكافحتها.

يحدث الفساد في السودان ،علي نطاق واسع ولهذا يعتبر من أحد أكثر الدول فسادًا في العالم وفقًا لمؤشر مُدركات الفساد الذي أصدرته منظمة ،«الشفافية الدولية » حيث في عام 2011 ” إحتل السودان المرتبة 177′ من أصل 183 وتقول أحد المصادر ،بشيوع ظاهرة إختلاس الاموال الحكومية ” وانتشار الفساد الذي يتضمن لمبالغ صغيرة ،وكبيرة كما يذكر أن حالة عدم الاتزان السياسي التي تتسم عليها الدولة ،تقلل من وضوح أثار الفساد الذي يحصل في الصفوف الأمامية العسكرية منها ،والسياسية التي تفيد الحقوق المدنية

وفي عام 2017 ” قالت منظمة الشفافية السودانية ،أن من أكبر التحديات التي تواجه حل مشكلة الفساد ،هي عدم تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد وغياب الإستراتيجة لمكافحة الفساد.

تورط مجلس الحج والعمرة السوداني

وفي فجر يستشرق فيه السودان أملاً جديداً ،بتعين رئيس وزراء إنتقالي ،وتشاورات لتشكيل حكومة جديدة يظهر فسادًا جديداً في أروقة الدولة الفساد الذي أضاع ما أضاع من أموال تتبع للمواطن السوداني المسكين ، تقول تقارير صحفية ومعلومات مثبتة ،أن مجلس الحج والعمرة السوداني ،هذا العام تورط في عملية فساد غاية الخطورة تضاف الي سجلات الفساد المعلومة ويقول صحفيون ،أن المأساة التي تعرض لها الحجاج السودانيون هذا العام ليس حدثًا عابرًا بل، هي الكاشف الصريح لمستوى الإنهيار الأخلاقي والإداري ،داخل مؤسسات الدولة وتحديدًا داخل هيئة الحج والعمرة ،
والتي تحولت الي مشروع تجاري بإمتياز يديره نافذون ،بعضهم ينتمي للنظام البائد ،وبعضهم الآخر يمثل تحالفات غير مقدسة مع قوى حاكمة حاليًا في بورتسودان.

وضجت مواقع التواصل السوداني بحجم الفساد التي صاحبت حج هذا العام ،وتقول التقارير أن حوالي 20 ” ألف ريال دفعها الحاج السوداني ،وكشفت الصور وإستياء الحجاج علي المسافة المقدمة حيث لم تقدم لهم غرف كافية ،وتم تقديم خيام تختنق بالحرارة و حمامات تفتقر للنظافة ،ووجبات لاتليق حتى لمستوى السجون علي حد ،وصفهم .

تقارير صحفية تكشف المستور
ووثقت تقارير صحفية” موثوقة عن أكبر عملية فساد في تاريخ بعثة الحج السودانية، يقودها المنسق العام ، بمشاركة مجموعة محددة داخل البعثة تضم عدد من الأشخاص.

  1. فساد الهدي
    وكشفت المصادر علي إنه تم تحصيل مبلغ 720 ريالاً سعودياً من كل حاج مقابل الهدي.تم التعاقد مع وكيل لتنفيذ الهدي بـ 420 ريالاً فقط، باستخدام ماعز صومالي منخفض الجودة.
    فرق السعر بلغ 300 ريال × أكثر من 12 ألف حاج = 3.6 مليون ريال سعودي تقريبًا تم التلاعب بها هذا العام فقط.
  2. ترحيل الحجاج
    تم توقيع عقد نقل بحري بأسعار مضاعفة عن السوق، بواسطة المنسق. كما تشير ذات المصادر عبر معلوماتها المثيرة إنه كذلك تم استئجار بصات متهالكة بضعف التكلفة المعتادة، مما عرض الحجاج لمخاطر في التنقل بين المشاعر.
  3. الإقامة والسكن
    تم ابتزاز أصحاب الفنادق عبر سماسرة وفرض عمولات مقابل توقيع العقود.
    أُلزمت الولايات بالتعامل مع جهات محددة دون عطاءات شفافة، لصالح أفراد في البعثة.
  4. الإعلام والاحتكار
    تم احتكار التغطية الإعلامية لبعثة الحج لصالح شركة كردفان المرتبطة بموقع “الحاكم نيوز”، عبر عقد مباشر دون منافسة.
    مثال: كرت الحاج طُبع بـ 15 ريالًا رغم أن تكلفته الفعلية لا تتجاوز 4 ريالات، ما أدى إلى فارق أرباح ضخم على حساب الحجاج.
  5. التغذية والمطابخ
    اختيار المطابخ تم داخل القنصلية السودانية بجدة عبر تمثيلية صورية، دون طرح أو منافسة.
    تكلفة الوجبة الواحدة من المورد 25 ريالًا، بينما تم تحصيل 55 ريالًا من الحجاج.
    الاحتكار تم عبر مجموعة يقودها وزة وعدد من المتنفذين داخل البعثة.
  6. مخالفة دبلوماسية وقانونية
    تم ضبط عضو في البعثة بتهمة مخالفة الإقامة لأكثر من 4 سنوات، وعليه مديونية تزيد عن 200 ألف ريال.
    المنسق العام ، تدخّل شخصيًا، وسافر إلى جدة ليومين متجاهلًا مسؤولياته، واستخرج له تأشيرة حج في مخالفة صريحة للقوانين السعودي
    ‏وأكدت المصادر الصحفية : أن الرقم الرقم المذكور 3.6 مليون ريال هذا للبند الواحد مما يعني إجمالي المبلغ 27 مليون ريال سعودي.

رئيس الوزراء السوداني يتدخل ويوعد بحل مشكلة الفساد
وقع علي عاتق رئيس الوزراء السوداني الجديد د. كامل إدريس مسؤولية وتحديات كبيرة ،من ضمنها الفساد حيث لم يمر أيام علي تعينة الا أن يظهر هذا الفساد القديم المتجدد ،وفي بيان صحفي أمس الأول صرح كامل إدريس اتابع عن كثب أوضاع الحجاج السودانين في الأراضي المقدسة ،وقد شاهدنا جميعًا ماتعرض له عدد منهم من معاناة مؤلمة خلال أداء الشعائر ،كما أكد رئيس الوزراء كامل إدريس تشكيل لجنة واترأسها بنفسي تتولى التحقيقات الكاملة في هذا الملف بكل شفافية ،وجدية وقال كامل نؤكد أن كل من يثبت تورطه أو تقصيره سيحاسب دون إستثناء وأن اللجنة ستعمل علي محاربة الفساد داخل المؤسسات.

رؤية إستراتيجية
وفي تصريحات خاصة «لنافذة الشرق» يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد سعد ،أن مكافحة الفساد في السودان تتطلب جهد وطني أكثر شمولاً يعتمد الي رؤية بعيدة المدى ،وإرادة سياسية جادة ، وتعاون مجتمعي واسع، بعيدًا عن التحيزات السياسية والاستغلال.وأضاف سعد ، تمثل هذه القضية، ظاهرة عميقة الجذور ومتشابكة الأبعاد، فهي تتداخل بشكل معقد مع النسيج الثقافي والاجتماعي ،والسياسي، والاقتصادي للبلاد، ولايمكن عزل المخالفات الفردية أو في بعض الهيئات عن المشكل المؤسسي.
وبالتالي، فإن التعامل معها يتطلب رؤية استراتيجية شاملة تستهدف إصلاحا جذريا، لا مجرد حلول جزئية.وأكد سعد أنه لا بد من تبني حزمة متكاملة من الآليات والإجراءات، مثل وضع وتطبيق سياسات واضحة وشفا
وشفافة تهدف إلى سد الثغرات وتجفيف منابع الفساد في كافة القطاعات إلى جانب إحكام الدور البيروقراطي لضمان تطبيق القوانين بصرامة وشفافية. وأن تتمتع الأجهزة البيروقراطية بالاستقلالية والمهنية دون تدخلات سياسية موضحًا أيضا مراجعة الثغرات القانونية، فالفساد غالبا ما يستغل الثغرات في التشريعات القائمة ،ولا يجب تجاهل نقطة مهمة وهي التوظيف في المكان المناسب (الكفاءة والنزاهة).

وأختتم الكاتب والمحلل خالد سعد حديثه ، إنه على الرغم من أن رئيس الوزراء ربما يبذل جهودا لمعالجة بعض الأخطاء هنا أو هناك وتصبح نموذجا، إلا أنه من المستبعد أن يتمكن من القضاء على الفساد بالكامل في فترة وجيزة، السبب في ذلك يعود إلى المعطيات السابقة، كما أن مكافحة الفساد بصورة شاملة وجادة قد تقود إلى صدام سياسي، ومواجهة مع مقاومة التغيير.

ويعيش السودان فترة إنتقالية منذ سقوط نظام البشير في إيار /2019 حيث صاحبت هذه الفترة تفككات في مؤسسات الدولة وعدم إتفاق سياسي قضى بفوضى وفساد مالي كبير داخل أروقة الدولة كما قال محللون هذا وتنتظر رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس مهمة صعبة وتحدي كبير في محاربة الفساد وإعادة ترتيب الدولة السودانية مايتطلب وقفة الجميع خاصة في ظل وضع الحرب الراهنة .

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.