رائد الأعمال السعودي عمر طيب لـ«نافذة الشرق»: “مشروع قصتي يجعل الطفل بطلاً في قصته الخاصة ونتوسع حاليًا في دول الخليج ومصر والمغرب العربي”

1

كتبت : نورهان فوزى

في إطار سعيه لإعادة ربط الأطفال بعالم القراءة بطريقة مبتكرة، أطلق رائد الأعمال السعودي عمر طيب في مارس 2024 مبادرة “قصتي” ، التي تعتمد على فكرة فريدة من نوعها: تحويل الطفل إلى بطل داخل كتابه الخاص، من خلال قصص تحمل اسمه وصورته وهواياته المفضلة.
المبادرة التي انطلقت من تجربة شخصية بسيطة سرعان ما تحولت إلى مشروع عربي متكامل يجمع بين الإبداع التربوي والتقنية الحديثة، ويهدف إلى بناء جيلٍ يحب القراءة ويتعلّم القيم بطريقة تفاعلية بعيدة عن التلقين
في هذا الحوار، يتحدث رائد الأعمال السعودي عمر طيب لـ” نافذة الشرق” عن البدايات الأولى لفكرة المشروع، وكيف تحولت إلى منظومة تُنتج مئات القصص المخصصة للأطفال فى المنطقة العربية ، وعن الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في صناعة محتوى يُلامس خيال الطفل ويزرع فيه القيم

فى البداية.. من أين انطلقت فكرة إنشاء كتب شخصية للأطفال، وكيف وُلدت المبادرة في ذهنك؟
الفكرة انطلقت من لحظة بسيطة لكنها غيرت نظرتي للقراءة تمامًا، كنت أبحث عن طريقة أجعل طفلتي تحب الكتاب كما تحب ألعابها، فخطرت لي فكرة أن أجعلها بطلة القصة نفسها ، أن ترى نفسها في صفحاتها، باسمها وصورتها و هواياتها المفضلة
حينها أدركت أن الطفل عندما يجد نفسه داخل القصة، يقرأ بعاطفة، ويتفاعل بخيال، ويتعلم دون أن يشعر أنه يتلقى درسًا، من هنا وُلد مشروع “قصتي” ليحول القراءة إلى تجربة شخصية وعاطفية

قبل أن نتعرف أكثر على تفاصيل المشروع، نود معرفة الدافع الأساسي وراءه.. هل كانت هناك تجربة شخصية أو موقف محدد ألهمك إطلاق هذه الفكرة الإبداعية؟

نعم، كانت البداية مع تجربة عائلية بحتة، كتبت قصة قصيرة مستوحاة من شخصية أحد أطفالي، ووضعت صورتها داخلها، ردة فعلها كانت مذهلة ، لم تكن تصدق أن القصة عنها، وكانت تطلب مني قراءتها يوميًا ، طبعا هذه اللحظة جعلتني أوقن أنني أمام فكرة تستحق أن تُقدم لكل طفل عربي

لكل فكرة رؤية ورسالة، وغالبًا ما يختار المبدع فئته المستهدفة بعناية، لذا نود أن نعرف أكثر ما الذي دفعك لاختيار فئة الأطفال تحديدًا لتكون محور هذه التجربة الفريدة؟

ببساطة ،الأطفال هم المستقبل، وهم أيضًا الفئة الأكثر تأثرًا بالمحتوى البصري في هذا العصر ، وأنا مؤمن أن غرس حب القراءة في الصغر يُغير مسار حياة الإنسان. لذلك أردت أن أجعل الكتاب صديقًا محبوبًا لا فرضًا ثقيلًا، وأن أزرع في الطفل فكرة أن القراءة ليست عقوبة دراسية، بل رحلة ممتعة يعيشها مع نفسه

كيف تمكنت من تحويل الفكرة من مجرد حلم إلى مشروع واقعي قابل للتنفيذ؟

بدأت بخطوات بسيطة جدًا ، كتابة القصص يدويًا، ثم تحويلها إلى تصاميم عبر أدوات رقمية و برامج للتصميم ، بعدها كونت فريقًا من المصممين والمراجعين و صناع المحتوى، وبدأنا العمل على أولى النماذج، ومع الوقت، تحول الحلم إلى منظومة متكاملة: نصوص، رسوم، طباعة، وتوصيل حتى باب البيت ،واليوم “قصتي ” تنتج أكثر من 1000 قصة مخصصة، وبدأت تأخذ طابعًا عربيًا متناميًا

في ظل تنوع كتب الأطفال الموجودة في السوق، برأيك، ما الذي يميز مشروعك عن غيره من كتب الأطفال التقليدية؟
ما يميز “قصتي” هو العلاقة الشخصية بين الطفل والكتاب، في الكتب التقليدية، الطفل يقرأ عن بطل آخر، بينما في “قصتي” هو البطل.
القصة تتحدث عنه، تشبهه، وتتناسب مع شخصيته وقيم أسرته ، كما أننا لا نبيع منتجًا جاهزًا، بل نصنع تجربة فريدة لكل طفل على حدة

مع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبح للذكاء الاصطناعي دور متنام في مختلف المجالات، بما فيها صناعة المحتوى الإبداعي للأطفال. في هذا السياق، هل يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي شريك فعلي في صياغة القصص؟
بكل تأكيد، الذكاء الاصطناعي هو أحدى أعمدة المشروع، يُستخدم في تصميم الصور، تطوير النصوص ، لكن رغم دوره الكبير، يظل العنصر الإنساني هو القلب؛ فكل قصة تُراجع لغويًا وتربويًا قبل الطباعة لضمان جودتها وتأثيرها التربوي الإيجابي

بعيدًا عن الجانب التجاري، تحمل كل قصة رسالة تربوية وإنسانية تهدف إلى تشكيل شخصية الطفل وقيمه، في هذا الإطار ما الهدف التربوي والإنساني الذي تسعى إلى تحقيقه من خلال هذه المبادرة؟
هدفنا هو بناء جيل يحب القراءة ويتفاعل مع القيم من خلال القصص نريد للطفل أن يتعلم الصدق، الشجاعة، التعاون، وحب الوطن بطريقة ممتعة لا مباشرة ،نؤمن أن القصة قادرة على تعديل السلوك وتنمية الوعي أكثر من أي توجيه مباشر

هل تستعين بمستشارين تربويين أو متخصصين في علم نفس الطفل أثناء إعداد المحتوى القصصي؟
نعم، بدأنا بالتعاون مع متخصصين في علم النفس التربوي وسلوك الطفل نحرص أن تكون كل قصة مبنية على رسالة سلوكية واضحة: تعزيز الثقة بالنفس، احترام الوقت، أو تشجيع الصلاة مثلًا ،الهدف أن يكون كل كتاب أداة تربوية ناعمة تزرع القيم دون وعظ مباشر

هل تقتصر المبادرة على المملكة العربية السعودية أم أنك تستهدف التوسع إلى العالم العربي بأكمله؟

بدأنا من المملكة، لكننا نتوسع حاليًا في دول الخليج ومصر والمغرب العربي ، رؤيتي أن تصل ” قصتي” لكل بيت عربي، وأن تصبح القراءة عادة محببة في كل ثقافة ناطقة بالعربية
هل هناك خطط لترجمة الكتب إلى لغات أخرى للوصول إلى جمهور أوسع من الأطفال حول العالم؟
نعم، بدأنا فعلًا في إنتاج نسخ بالإنجليزية والفرنسية، لأننا نؤمن أن قيمنا يمكن أن تُقدم للعالم بطريقة جميلة ،أريد أن يرى الطفل غير العربي كيف نروي قصصنا نحن ، بعمقنا الإنساني وقيمنا الأصيلة

كيف كانت ردود فعل الأهالي والأطفال بعد استلامهم كتبهم الشخصية للمرة الأولى؟

ردود الفعل كانت تفوق التوقع ، الآباء يقولون إن أبناءهم ينامون والكتاب بجانبهم، وإنهم يطلبون إعادة القصة مرارًا ، أما الأطفال، فابتسامتهم عند رؤية صورهم داخل القصة تختصر كل التعب

ما أكثر المواقف أو القصص التي أثرت فيكم كفريق أثناء تنفيذ المشروع؟

كثيرة جدًا لكن أكثرها تأثيرًا كانت لطفلة خجولة كتبنا لها قصة عن الشجاعة، وبعد أسابيع أرسلت والدتها تقول إن ابنتها أصبحت تتحدث بثقة في الصف عندها شعرت أن قصتي ليست مشروعًا تجاريًا فقط، بل رسالة تربوية لها أثر حقيقي في النفوس

كل مشروع مبتكر يواجه عقبات وتحديات أثناء رحلته نحو التنفيذ، و تجربة “قصتي” لم تكن استثناءً، وفي هذا السياق ما أبرز التحديات التي واجهتكم خلال مسيرة تنفيذ المشروع، وكيف تغلبتم عليها؟

أصعب التحديات كانت تنظيم العمل وضمان الجودة مع توسع الفريق وتعدد الطلبات لكننا تغلبنا عليها عبر نظام دقيق لإدارة المهام والتصميم والمراجعة كما واجهنا تحدي إقناع بعض الناس بأن القصة المخصصة ليست رفاهية بل وسيلة تعليمية فعالة.

كيف توازن بين الجانب التجاري للمبادرة وبين رسالتها التربوية والإنسانية؟

المعادلة تقوم على مبدأ بسيط ، الربح لا يتعارض مع القيمة طالما أن كل كتاب يزرع فكرة أو يصنع ابتسامة، فهو استثمار في الإنسان قبل أن يكون في السوق نحن لا نبيع قصة، بل نبيع تجربة عاطفية وثقافية تصنع ذاكرة تدوم.

ما الرسالة التي تودون كفريق توجيهها إلى أولياء الأمور، وإلى صناع المحتوى التربوي في العالم العربي؟

رسالتي للأهالي:أعيدوا للكتاب مكانته في بيوتكم، فالطفل الذي يرى والديه يقرآن سيحب القراءة دون أن يُطلب منه
ولصناع المحتوى أقول: ابنوا محتوى يربط الطفل بهويته وثقافته، فجيل اليوم لا يحتاج فقط إلى قصص مسلية، بل إلى قصص تُشبهه وتُشعره أنه جزء من العالم الجميل الذي نحلم به.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.