رهائن غزة بين ضغوط نتنياهو ومناورات السياسة الأمريكية.. الدخاخني يوضح(خاص)
إسلام ماجد
بين دخان الحرب وصدى الانفجارات، لا تزال غزة تنزف، وسط مشهد معقّد تتشابك فيه السياسة بالدم، والمفاوضات بالرصاص. وفي الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، تتعثر كل المبادرات أمام تعنت الأطراف وتداخل المصالح، وتبقى قائمة الرهائن العنوان الأبرز في مفاوضات تبدو معلّقة على حافة الانهيار.
منذ اندلاع المعركة الأخيرة بين إسرائيل وحركة حماس، عاد ملف الرهائن إلى الواجهة بكل ثقله السياسي والإنساني. فإسرائيل، التي تحتفظ بحصار خانق لغزة منذ سنوات، ترى في تحرير رهائنها من قبضة المقاومة الفلسطينية أولوية مطلقة، بينما تلوّح حماس بورقة الرهائن كورقة ضغط رئيسية لوقف العدوان وتحقيق مكاسب تفاوضية.
وبحسب مصادر إسرائيلية رسمية، فإن هناك العديد من الرهائن ما زالوا محتجزين في قطاع غزة منذ عملية السابع من أكتوبر، بينهم جنود ومدنيون يحمل بعضهم جنسيات مزدوجة، ووسط ظروف إنسانية غامضة ومعقدة، يزداد الضغط على حكومة الاحتلال من قبل عائلات الرهائن، التي تتظاهر بشكل يومي مطالبة بإيجاد حل يعيد أبناءهم من القطاع المحاصر.
على الجانب الآخر، ترى فصائل المقاومة في غزة أن الإفراج عن الرهائن لا يمكن أن يتم إلا في إطار صفقة شاملة، تتضمن وقف إطلاق النار الكامل، وخروج قوات الاحتلال من القطاع، بالإضافة إلى الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال، وبعضهم مضى على اعتقاله أكثر من عقدين.
المشهد معقّد دوليًا كذلك، إذ تشهد القاهرة والدوحة محادثات مكوكية بين الوسطاء الدوليين من الولايات المتحدة وقطر ومصر، في محاولة لإقناع الطرفين بالتوصل إلى اتفاق جديد. لكن الرهانات متباينة، فإسرائيل ترغب في استعادة الرهائن دون تقديم تنازلات استراتيجية، بينما تصر حماس على أن زمن “الهدايا المجانية” قد ولّى.
ويبدو أن قائمة الرهائن قد تحوّلت إلى قائمة انتظار طويلة، في لعبة سياسية وعسكرية لا ترحم فيها الأرقام ولا الأسماء. فكل ساعة تمر تعني خطرًا أكبر على من تبقّى حيًّا في غزة، في حين تتساقط الرهانات واحدًا تلو الآخر، ويبقى الأمل معلّقًا بخيط دبلوماسي قد لا يصمد طويلًا أمام نيران المعركة الأخيرة.
وفي تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”
أكد الإعلامي علاء الدخاخني أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة بشأن صفقة تبادل الأسرى، تُعد نوعًا من أنواع الضغط السياسي، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة، بقيادة رئيسها الحالي دونالد ترامب، تسعى لتحقيق المصلحة الأمريكية أولًا، تليها مصلحة إسرائيل.
وأضاف الدخاخني أن نتنياهو، في المقام الأول، يسعى إلى الحفاظ على مصلحته الشخصية، ثم تأتي مصلحة إسرائيل لاحقًا. وأوضح أن هناك تضاربًا في المواقف، خاصة بعد إطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر من قبل حركة حماس، وأن تصريحات نتنياهو تأتي في سياق الضغط على جميع الأطراف، حيث قام بإرسال وفد جديد إلى طاولة المفاوضات.
وأشار الدخاخني إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة، التي أكد فيها أن الحرب في غزة يجب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن، تُعد مؤشرًا على تغيّر محتمل في السياسات الأمريكية تجاه الحرب.
وتابع قائلًا: “أعتقد أن نتنياهو يحاول الضغط إلى أقصى درجة ممكنة على حركة حماس في قطاع غزة، أو على الإدارة الأمريكية ذاتها، لضمان استمرار الدعم له، إلا أن معالم نهاية الحرب لا تزال غير واضحة حتى هذه اللحظة”.
وأشاد الدخاخني بالدور العربي، وخاصة المصري، مشيرًا إلى أن الجهود المصرية باتت واضحة وتُحدث فارقًا حقيقيًا، سواء عبر المحادثات المباشرة مع الجانب الأمريكي، أو من خلال ردود الأفعال القوية التي تعبّر عن الإصرار على موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية.
وأكد أن الدولة المصرية تسعى بكافة الطرق لإيصال صوت الواقع في غزة إلى المجتمع الدولي، وتسعى إلى دفع الدول الأوروبية للوصول إلى معبر رفح، لرؤية الوضع الإنساني والمأساوي على الأرض، وكيف يعيش سكان غزة تحت الحصار والقصف.
وقال إن ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد زيارته ومشاهدته للحياة داخل غزة، يوضح مدى التأثير الإنساني، كما أن تصريحات المستشار الألماني أكدت ذلك أيضًا. ومصر، برأيه، تمثل عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في هذه الأزمة، من خلال رفضها القاطع لمبدأ التهجير وفتح الحدود، ودعوتها لكافة الأطراف للحضور إلى أراضيها، والاطلاع مباشرة على الأوضاع في غزة.
واعتبر الدخاخني أن هذا الموقف المصري يخلق فارقًا حقيقيًا ومعادلة قوة على الساحة الدولية، ويكشف أمام العالم حجم الادعاءات التي تطلقها الحكومة الإسرائيلية بشأن طبيعة المعركة.
واختتم بالإشارة إلى تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي قال إن “سلاح حماس يُعد عنصرًا أساسيًا في إنهاء الحرب واستمرار المفاوضات”، معتبرًا أن زيارة ترامب إلى المنطقة قد تكشف عن تغييرات مرتقبة في مواقف الأطراف، وتعيد رسم مسار جديد للمفاوضات المقبلة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.