زابوريجيا على صفيح نووي.. هل العالم على حافة كارثة؟

1

كتب: محمود أحمد

بعد انفجار إحدى المنشآت المساعدة بمحطة زابوريجيا انطلقت التحذيرات الدولية في الأيام الأخيرة، ودُقّت أجراس الخطر والخوف من حدوث كارثة مشابهة لـ كارثة تشيرنوبيل الواقعة في عام 1986، كلا الفريقين «روسيا وأوكرانيا» يتهمان بعضهما بالتصعيد أو ما يسمى بـ «الإرهاب النووي»، ولكن هذا لن يكون مبررا أو حتى شافعا لأي منهما إن حدثت كارثة مشابهة لـ تشيرنوبيل، لن يرحم التاريخ أيا منهما وسيكتب هذه الأحداث في صفحاته بحروف مليئة بالدماء السوداء تحمل في داخلها معاناة الأبرياء وصرخاتهم، وتبقى الأسئلة المنشودة والمطلوب الإجابة عنها حتى يستنى لأي شخص التمكن من الرؤية المستقبلية لهذا العالم الذي أصبح على شفا حفرة من الهاوية، هو : مالذي يمكن أن يحدث في حالة ضرب المحطة؟ وهل ستكون هناك إشعاعات تؤثر على دول الجوار؟ كيف سيكون رد الفعل الدولي على ذلك؟

متى بدأت الهجمات حول المحطة؟
في يوم السبت الماضي، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقها في محطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية سمع دوي انفجارات وشاهد دخانا يتصاعد من موقع قريب، كاشفة عن تعرّض إحدى المنشآت المساعدة بالمحطة النووية لهجوم.

وإجابة على الأسئلة السابقة، تواصلت نافذة الشرق مع اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، الذي أكد أن تصاعد التوترات العسكرية حول محطة زابوريجيا النووية، الأكبر في أوروبا، يعيد العالم إلى حافة هاوية نووية غير مسبوقة منذ كارثة تشرنوبل عام 1986، محذرا من أن استمرار تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن الهجمات الأخيرة حول المحطة ربما يؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية ذات طابع إقليمي وربما عالمي.

مالذي حدث في الفترة الأخيرة؟
وأوضح «فرحات» أن الهجمات حول محطة زابوريجيا عادت للتصاعد خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تم تسجيل عدد من الانفجارات والاستهدافات بالطائرات المسيرة في محيط المحطة ومرافقها الحيوية، وهو ما أثار تحذيرات شديدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي طالبت مرارا بإنشاء «منطقة أمان نووية» حول المحطة وهذه التطورات بدأت تتزايد تحديدا منذ منتصف يوليو الماضي، مما يدل على تحول خطير في طبيعة النزاع بين موسكو وكييف، خصوصا أن كلا الطرفين يتهم الآخر بمحاولة استغلال المحطة كورقة ضغط استراتيجية.

مالذي يمكن أن يحدث في حالة ضرب المحطة؟.. وهل ذلك يعني إعادة سيناريو تشرنوبل؟
وأكد «فرحات» أن أي ضربة مباشرة للمفاعلات النووية أو أنظمة التبريد أو المخازن التي تحتوي على الوقود النووي المستهلك، قد تتسبب في تسرب إشعاعي واسع النطاق لا يقل خطورة عن كارثة تشرنوبل، بل وقد يتجاوزها بسبب طبيعة المحطة، وكثافة الوقود النووي الموجود بها، وموقعها الجغرافي القريب من عدة دول أوروبية مشيرا إلى أن حدوث أي تسرب إشعاعي قد يلوث التربة والمياه والهواء في دائرة قد تصل إلى مئات الكيلومترات، بما يشمل أجزاء من أوكرانيا، روسيا، وربما بولندا ودول البلقان.

هل ستكون هناك إشعاعات تؤثر على دول الجوار؟
وأضاف «فرحات»: العالم لا يحتمل اليوم كارثة نووية جديدة، خصوصا في ظل التغيرات المناخية، وارتفاع معدلات التلوث، وتفاقم الأزمات الإنسانية جراء الحروب و كارثة من هذا النوع لن تقتصر على الأضرار البيئية، بل ستؤثر على الاقتصاد العالمي، و ستؤدي إلى موجة نزوح كبرى من المناطق المتضررة، مع خسائر غير قابلة للحصر في الزراعة والصحة العامة.

كيف سيكون رد الفعل الدولي على ذلك؟
وحول رد الفعل الدولي المحتمل، أشار فرحات إلى أن المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مطالب اليوم بتحرك عاجل، ليس فقط في إطار الإدانة أو الدعوة للتهدئة، بل من خلال إرسال بعثة حماية فنية دولية محايدة لضمان سلامة المحطة، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح حولها بإشراف الأمم المتحدة، مع التزام قانوني من طرفي النزاع بعدم استخدامها كورقة تفاوض عسكرية.

وتابع فرحات: العالم أمام اختبار أخلاقي وسياسي بالغ الخطورة، وإذا لم يعالج ملف زابوريجيا بالجدية المطلوبة، فقد يجد العالم نفسه في مواجهة كارثة عابرة للحدود، تخلط الأوراق الجيوسياسية وتدخل البشرية في نفق مظلم جديد لذا فإن الوقاية الدبلوماسية والعلمية من هذه الكارثة هي مسؤولية جماعية لا تحتمل التأجيل أو المساومة.

كارثة تشيرنوبل
هي الكارثة المصنفة بالأسوأ عالميا، وقعت 26 أبريل 1986م، في القسم 4 من مفاعل محطة تشرنوبل بالقرب من مدينة بريبيات في أوكرانيا التي كانت وقتها ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ونتيجة بعض الأخطاء في التعامل مع المفاعل النووي، حدث انفجارين كبيرين أعقبهما اشتعال للنيران بكثافة، وحُملت الحرارة والدخان الناتجان من النيران المشتعلة المواد المشعّة إلى السماء لمسافة 1 كيلومتر بالمنطقة، لتتجزأ بعدها سحابة الإشعاعات النووية إلى 3 سحابات، الأ,لى حملتها الرياح إلى بولندا والدول الإسكندنافية، والثانية حُملت إلى التشيك ومنها إلى ألمانيا، والثالثة إلى رومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا.

ضحايا كارثة تشيرنوبل
قدرت الأمم المتحدة عدد من قتلوا نتيجة حادث تشيرنوبل ب 4000 شخص، بينما قالت السلطات الأوكرانية أن عدد الضحايا بلغ 8000 شخص، لاسيما أنه فور وقوع انفجار المفاعل توفي 31 من العاملين ورجال الإطفاء بالمحطة جراء تعرضهم مباشرة للإشعاع.
ولا يمكن تناسي أن هناك عددا من المنظمات دولية الأخرى شككت في هذه الأرقام وتوقعت وفاة ما بين 10 آلاف وأكثر من 90 ألف شخص نتيجة إصابتهم بسرطان الغدة الدرقية المميت.
كما ننوّه أن المنظمة الألمانية أكدت وجود تصاعد كبير في معدلات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية خصوصا من كانوا في سن 18 عاما في المنطقة المحيطة بمفاعل تشرنوبل،
وهناك 2.3 مليون من سكان البلاد لا زالوا يعانون حتى الآن بأشكال متفاوتة من الكارثة، وفقا لـ إحصائية رسمية لوزارة الصحة الأوكرانية.
وتسبب حادث تشرنوبل في تلوث 1.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في أوكرانيا وروسيا البيضاء بالإشعاعات الملوثة.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.