صقيع ما بعد المكالمة.. هل تتخلى واشنطن عن كييف وتترك أوروبا في مواجهة الدب الروسي؟

4

كتب: أحمد خالد

تشهد العلاقات الأمريكية الأوكرانية خلال المرحلة الحالية، توترات، إثر حدوث مشادة كلامية بين الرئيس الأوكرانى زيلينسكى من ناحية والرئيس الأمريكى ترامب ونائبه جى دى فانس من ناحية أخرى فى اليوم الأخير من شهر فبراير.
ووصل الأمر لطرد زيلينسكي من البيت الأبيض، وهو ما تسبب في أزمة حقيقية، فالظروف التى تعيشها أوكرانيا ليس سهلة فهى تقاتل ثانى أقوى جيش فى العالم، وخسرت أكثر من 20% من أراضيها، ولا يوجد من يدعمها بشكل مؤثر إلا الولايات المتحدة وأوروبا.
ومع ذلك صاح الرئيس الأوكرانى فى الرئيس ترامب ونائبه ما أدى للأزمة التى اتخذت فيها الولايات المتحدة قراراً بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وتجميد تبادل المعلومات الإستخبارية، ووضح حينها أن الولايات المتحدة تخلت عن صفقة المعادن الأرضية النادرة، التى ذهب الرئيس الأوكرانى للبيت الأبيض لتوقيعها.

موقف أوكرانيا

ويبدو أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي قرر أن تكون دولة باسم أوكرانيا موجودة ومن ثم وكما فهمت هو غير معترض على بقاء أراض تحت السيطرة الروسية، لأن روسيا عملياً لا تستطيع التخلى عن تلك الأراضى نظراً لأن السكان هناك أصبحوا مواطنين روس، بل وأتى مواطنون من روسيا وسكنوا.

أوروبا تتدخل

على جانب آخر، استقبل القادة الأوروبيون الرئيس الأوكرانى بعد الإهانة فى البيت، استقبال الفاتحين وفتحت له أوروبا ذراعيها وبدأت فى إعطائه المنح والمعونات المالية، وكان أشد المتحمسين رئيس المفوضية الأوروبية أوروسولا فون دير لاين التى صرحت بأنها ستخصص 150 مليار يورو للتصنيع العسكرى ولا بد من جيش أوروبى ومنظومة دفاع أوروبية، وفى نفس الوقت، نصحوا الرئيس الأوكرانى بمحاولة الصلح أو الاعتذار، ويبدو لى أن هذا الأخير أوعز لرئيس وزرائه دينيس شميجال بأن يصرح بأن صفقة المعادن جاهزة للتوقيع وأن أوكرانيا لا يمكن أن تعيش بدون الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن. أما الأوروبيون فقد وزعوا الأدوار بينهم، فهاهو المستشار الألمانى القادم فريدريك ميرز، يصرح بأن أوروبا يجب أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، وأضاف لقد تأخرنا كثيراً فى هذا المجال. أما رئيس الوزراء البريطانى، فقد استنكر الأزمة بين أوروبا والولايات المتحدة على أساس أن العلاقة تاريخية.

زاسبكين: ترامب يسعى للتخلص بشكل أو بآخر من أعباء تورط أمريكا في النزاع الأوكراني

قال ألكسندر زاسبكين الدبلوماسي الروسي السابق، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى للتخلص بشكل أو بآخر من أعباء تورط أمريكا في النزاع الأوكراني إلا أن الوقائع تدل على أن الوصول إلى هذا الهدف شيء معقد، لأن مواقف الأطراف المواجهة متناقضة وكل ما يمر الوقت فتتعزز نية أمريكية بانسحاب من ساحة الوساطة ولكن تحقيق هذه النية حتى الأن يتأجل وخاصة ان التفاوض لقد بدأ رغم كل الصعوبات.
وأضاف: “بالنسبة للحديث بين الرئيسين بوتين وترامب فتفاصيله غير معروفة الا ان المضمون الأساسي واضح وهو تفاهم بخصوص ضرورة استعادة الحوار والتعامل الروسي الامريكي حول القضايا الدولية الاساسية وايجاد الحلول قدر الامكان مبنيا على القواسم المشتركة”.

زاسبكين: على الارجح سوف تتخلى واشنطن عن دور الوسيط
وأوضح زاسبيكين أنه في ظل عدم وضوح الموقف الأمريكي يبدو جميع السيناريوهات قائمة حتى الان وعلى الارجح سوف تتخلى واشنطن عن دور الوسيط لان الحرب مستمرة والاهم ليس هذا الموضوع بل مستقبل المساعدات الامريكية العسكرية لاوكرانيا و افق التعامل مع روسيا ومصير العقوبات واليوم لا يوجد جواب مقنع على هذه الاسئلة.
كما أشار إلى أن الجميع يعتبر أن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا هي أساس ودونها تنهار أوكرانيا عسكريا سريعا، ولكن إيقاف تقديم المساعدات الأمريكية لأوكرانيا أمر غير محسوم ابدا، حيث تتصرف روسيا بغض النظر عن هذا الاحتمال والعامل ألرئيس بالجبهة هو التقدم المتواصل بمعنى استيلاء على اراضي جديدة وتصفية القوة البشرية للعدو.

زاسبكين: الانتصار الروسي على نظام كييف سيؤدي إلى السلام والاستقرار في أوروبا
ولفت الدبلوماسي الروسي السابق، أن الانتصار الروسي على النظام كييف النازي سوف يؤدي الى السلام والاستقرار في اوروبا ذلك يفتح مجالا لاقامة نظام جديد للعلاقات الدولية في الاقليم الاورو الاطلسي وهذا هدف اساسي لجهود روسيا.
واختتم زاسبكين، أنه إذا أقام نظام الأمن الجديد المشترك فهذا سوف يتجاوز على الناتو وتنتهي المشكلة تلقائيا إلا أن الوصول إلى هذا الهدف طويل والتسوية في أوكرانيا خطوة أولى في هذا الطريق تقف ضدها أوروبا وـوكرانيا التي تطلب الان وقف اطلاق النار والهدنة لتمهيد للجولة الجديدة لحرب الاستنزاف مع روسيا أملأ بعودة الولايات المتحدة إلى المعسكر الغربي بشكل كامل وساعيًا إلى زيادة قدرات عسكرية اوروبية باضعاف خلال السنوات القادمة.

مسعود معلوف: ترامب يفعل عكس ما فعله بايدن في دعمه لأوكرانيا
أكد مسعود معلوف، السفير اللبناني الأسبق، أن الرئيس الامريكي السابق جو بايدن وضع ثقل الولايات المتحدة الأمريكية وراء أوكرانيا في حربها الدفاعية ضد الهجوم الروسي، إلا أن ترامب يفعل عكس ما فعله بايدن فهو على خلاف معه، ويتهمه أنه اسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، لذلك فهو لا يستطيع الاستمرار في سياسة بايدن تجاه أوكرانيا، مضيفًا أن خلال حملة ترامب الانتخابية قرر إعطاء كل ما تطالب به روسيا إلى الرئيس بوتين، كما اتخذ إجراءات ضد الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
معلوف: أن الرئيس الأمريكي كان يحاول إقناع نظيره الروسي بإيقاف الحرب

وقال معلوف إن المكالمة بين ترامب وبوتين لم تنشر تفاصيلها، ولكن معروف أن الرئيس الأمريكي كان يحاول إقناع نظيره الروسي بإيقاف الحرب وإعطائه كل ما يطلبه بوتين علنا من أوكرانيا، وكذلك عدم انضمام أوكرانيا حلف شمال الأطلسي، فقد كانت هذه شروط بوتين المعلنة وقد وافق عليها ترامب بالكامل، مشيرًا إلى أنه كان يأمل من هذه المكالمة أن يقتنع بوتين بالمطالب الأمريكية، ولكن على ما يبدو أن لدى بوتين أطماع أكثر مما يعلن، فهو يرغب في إخضاع أوكرانيا لروسيا وألا تكون لها أي علاقة بالدول الغربية.

معلوف: مواقف ترامب متغيرة وفقًا لمصالحه الشخصية
وتطرق معلوف إلى موقف ترامب من الصراع الروسي الاوكراني، قائلًا إنه مواقفه متغيرة وفقًا لمصالحه الشخصية والتي تأتي في أولى اعتباراته، ف ترامب وصف بوتين من قبل أنه مجنون لأنه تصرف تصرفات مجنونة وغير مناسبة لما يطلبه ترامب، فهو يتصرف وفقًا لمصالحه الشخصية، مشيرًا إلى أن عدم استجابة بوتين لـ ترامب جعله يبتعد عن الرئيس الروسي بعض الشئ، لكن مجرد أن يعلن الرئيس بوتين أمرًا إيجابياً تجاه ترامب، فإن ذلك سيجعله يغير مواقفه.

وأشار معلوف إلى أن تقليض الدعم الأمريكي سيضر بمصالح أوكرانيا خلال الحرب، فالرئيس الأمريكي السابق كان يعطي أوكرانيا كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة، إلا أن ترامب قلص كثيرًا من هذا الدعم العسكري، لكي يضغط على الرئيس الأوكراني زيلينسكي لقبول شروط الرئيس الروسي بوتين، وإلى حد ما قبل زيلنيكسي بعض من هذا الشروط إلا أن كما قلت فـ بوتين لديه أطماع أكثر، فهو يريد أن يطوع أوكرانيا تحت إمرة روسيا بدل أن تكون دولة مستقلة ولديها توجه نحو الغرب.

وأوضح الدبلوماسي اللبناني الأسبق، أنه في حال انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من دعم أوكرانيا ـ وهذا أمر أشك فيه ـ، فمن الصعب أن تترك الولايات المتحدة أوكرانيا لوحدها في مواجهة روسيا، إلا أنه في حال حصل ذلك فإن دول أوروبا جاهزة لتقديم الدعم والمساعدات لأوكرانيا، ومنذ فترة خصتت عشرات مليارات الدولارات المساعدات العسكرية والمالية لدعم كييف.

معلوف يشكك في إمكانية انهيار اوكرانيا في ظل دعم الدول الأوروبية

وشكك معلوف في إمكانية انهيار اوكرانيا في ظل دعم الدول الأوروبية لها، معتبرًا أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستأخذ وقتها بسبب رغبة بوتين في استمرارها من جهة، وأوروبا مصممة على دعم أوكرانيا ودعم تحقيق روسيا انتصار عليها من جهة أخري, خير دليل على ذلك ما حصل اليوم من قبل المسيرات الأوكرانية التي قصفت عددًا من الطائرات بإحد مطارات روسيا “حوالي 40 طائرة”.

كما رأي أن الولايات المتحدة الأمريكية من الصعب أن تنسحب من حلف الناتو في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أنه في حال حدوث ذلك فإنه سيضعف الناتو، فالولايات المتحدة هى العنصر الأساسي الأقوى والقائد، وانسحابها منه يعني ضعف ذلك الحلف وربما انتهائه، مشككُا في قيام ترامب بذلك في المستقبل القريب.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.