عبر ودروس تحملها ذكرى الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة

40

كتبت بسنت السيد خاص
تمر علينا ذكرى غالية وهى الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، حيث تعد حدثًا تاريخيًا عظيمًا، إذ يعد نقطة انطلاق في حياة الدولة الإسلامية وانتشار الإسلام بعدما، كان محصورًا بين شعاب مكة المكرمة. ولذا سنحاول أن نلقى الضوء على الهجرة محاولين التركيز على استخلاص، أهم الرسائل والعبر والدروس المستفادة منها.
وفي حديثه لموقع نافذة الشرق يحدثنا فضيلة الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قائلا:” يودع المسلمون عاماً هجريا 1446 من أعوام هجرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، ويستقبلون مشارف عام هجري جديد هو عام 1447 من هجرة المعصوم صلى الله عليه وسلم
ويتابع ،وهذه الهجرة حدث تاريخي هام في تاريخ أمة الإسلام إذ انطلقت من المدينة المنورة الدعوة إلى الله عز وجل وانساح المسلمون وانداحوا في سائر أرجاء المعمورة وفتحت عليهم البلاد ودخل الناس في دين الله أفواجا بسبب هجرته صلى الله عليه وسلم
ما هى دلالات الهجرة ؟
ويوضح الدكتور عطية لاشين أستاذ الفقه المقارن ،ولهذه الهجرة لها دلالات واستنباطات واستنتاجات كثيرة نسوق منها ما يلي:
أولا: الأخذ بالأسباب
وأوضح فضيلة الدكتور أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب والدليل على ذلك أن سبق حادث الهجرة منذ أن بعث عمار بن ياسر أول سفير للإسلام ليدعو إلى الاسلام في المدينة التي سوف تكون مقراً وموئلا للدعوة الإسلامية ،مشيرا إلى أن ذهاب مصعب بن عمير قبل الهجرة بعام أو بعامين ليمهد التربة “أي تربة المدينة” لكي تكون صالحة لاستقبال نبتة الإسلام التي تزرع فيها فتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
“مصعب بن عمير ” أول سفير في الإسلام
وتابع ،وكانت مهمة “مصعب بن عمير “كما ذكرت دعوةأهل المدينة إلى الدخول في الدين الذي جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وأضاف ونجح سيدنا مصعب بن عمير في مهمته أتم نجاح وأكمله حتى قال بعض الرواه لم يبق بيت في المدينةإلا وقد دخله الإسلام.
الاستعانة بعبد الله بن أريقط
ويستكمل ثم يأتى الأخذ بالأسباب في نموذج جديد في الاستعانة برجل يعرف مسالك الطرق الوعرةلكي يعمي أبصارالمشركين عن خط سير ومسيرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، هذا الرجل الذي اتخذه سيدنا محمد لأداء هذه المهمة هو عبد الله بن أريقط استأمنه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وهذا يدل على جواز الاستعانه بغير المسلم أن وثق فيه المسلم واطمئن إليه وأمن جانبه.
الإعداد للرحلة والتخطيط الجيد
مضيفا ،ومن الأخذ بالأسباب استئجار راحلتين يرحل عليهما سيدنا محمد هو صديقه الصديق سيدنا أبو بكر ومن الأخذ بالأسباب أيضا ،تكليف عامر بن فهيره مولى سيدنا أبي بكر ليرعى الأغنام نهاراً ويسير في نفس المكان وخط السير الذي سار فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه حتى يخفي أثار أقدامه وأقام أفراسه عن طريق سير الأقدام على هذه الأقدام ليخفيها ويمحو أثرها فيضل على المشركين.
بطولة أسماء بنت ابي بكر
أما عن دور المرأة فيتجلى في تلك الأحداث والتى تعد من مبادىء الأخذ بالأسباب وذلك بتكليف سيدتنا أسماء بنت أبي بكر لتعد الطعام نهارا وتذهب به ليلا إلى أبيها ونبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتزودهما بما يكون من أخبار بين أهل مكة حتى يحتاط صلى الله عليه وسلم في الأمر.
شجاعة على بن أبي طالب
ومن الأخذ بالأسباب أن يبيت سيدنا علي بن أبي طالب في المكان الذي يبيت فيه سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروج النبي مهاجراً حتى إذا استيقظ المشركون وجدوا شخصا نائماً في المكان الذي اعتاد أن ينام فيه الرسول صلوات ربي وتسليماته عليك فاطمئنوا وناموا قائلين بأنه لم يغادر المكان بينما هو غادره من ساعات طوال.
ثانيا رد الأمانات إلى أهلها
ومما يستفاد من الهجرة رد الأمانات إلى أهلها حتى ولو كانت الأمانات لأصحابها مشركون إذ أن كفار مكة ومشركيها لم يكن لأحدهم شيء يخشى عليه إلا استودعوه الرسول صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من صدقه وأمانته .
وأشار فضيلة الدكتور إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على رد الأمانات لأصحابها ،حينما غادر سيدنا محمد رسول الله المكان فكلف علي بن أبي طالب أن يرد هذه الودائع إلى أهلها عند طلبها.
ويؤكد الدكتور عطية أن هذا درس عظيم وعبرة كبيرة تنم عن أمانته صلى الله عليه وسلم وعلى عدم استحلاله أكل أموال الناس بالباطل رغم أن هؤلاء الناس آذوه، وعذبوه ،فكان من المعقول جدا أن يأخذ هذه الأمانات ، لنفسه جزاء وفاقا بما قدمه أهلها من عذاب وسوء معاملة لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك وهذا تنفيذ لما نزل عليه في القرآن الكريم بعد ذلك” أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
ويخلص الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف إلى أهم الدروس المستفادة من الهجرة

  1. الأخذ بالأسباب
    وهو درس عملي لكل مسلم، أن التوكل لا يعني التواكل، بل لابد من إعداد وتخطيط وأخذ بالأسباب المشروعة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، بدءًا من إرسال مصعب بن عمير إلى اختيار دليل الطريق واستئجار الراحلتين.
  2. جواز الاستعانة بغير المسلم عند الحاجة والثقة به
    كما استعان النبي بعبد الله بن أُريقط، رغم أنه كان غير مسلم، لأنه كان أمينًا وخبيرًا بالطرق.
  3. دور المرأة في نصرة الدعوة
    من خلال ما قامت به السيدة أسماء بنت أبي بكر، في إمداد النبي وأبيها بالطعام والأخبار، وهو درس في تحمل المسؤولية والشجاعة.
  4. رد الأمانات إلى أهلها
    وهو موقف يجسد الأمانة في أبهى صورها، رغم أن أصحابها كانوا أعداء الدين، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أصر على ردها، امتثالًا لأمر الله:
    ” إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا [النساء: 58].
  5. الشجاعة والتضحية بالنفس
    كما فعل سيدنا علي بن أبي طالب حين نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، معرضًا نفسه للخطر فداءً لرسول الله.
    واختتم فضيلة الشيخ عطية لاشين حديثه للموقع قائلا:”حقًا إن الهجرة ليست مجرد انتقال مكاني، بل هي تحوُّل حضاري وفكري وروحي، نقل الأمة من حال الضعف إلى حال القوة، ومن الاستضعاف إلى التمكين..
    وتابع، فالهجرة لها دلالات واستنباطات كثيرة اختصرنا منها على ما ذكرنا وفي هذا القدر كفايه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، انفعالاوتقديرالهذا الحدث العظيم وهو حادثة الهجرة التي كان بطلها سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.