اسلام ماجد
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، وتزايد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الاقتصاد المصري، تتجه الأنظار نحو دور الشراكات الدولية والاستثمارات الأجنبية في دعم الاقتصاد الوطني. في هذا الحوار، يتحدث الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، عن طبيعة التحديات الحالية، وأهمية الاستثمار المباشر، ودور الصين كشريك استراتيجي، وتأثير هذه الشراكات على العلاقات المصرية الأمريكية.
في البداية، كيف ترى طبيعة التحديات التي تواجه مصر في الوقت الحالي؟
هناك عوامل داخلية وخارجية تؤثر على مصر في هذه الفترة، وهناك ضغوط في جوانب مختلفة. كما أن هناك بعض المعوقات ونقاط الضعف التي يتم العمل عليها، وهذا أمر أساسي في أي عملية إصلاح اقتصادي. لكن التهديدات الموجودة لا تخص مصر وحدها، بل تؤثر على المنطقة بالكامل، ومصر تتعامل معها بكل ذكاء وحسم.
على سبيل المثال، كان هناك ضغوط من ناحية باب المندب، وهو ما أثر على إيرادات قناة السويس، التي تعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة. ولكن بدأنا العمل على وضع حوافز لتحويلات المصريين العاملين بالخارج، كنوع من سد الفجوة الموجودة، حيث كانت هذه التحويلات تعد أكبر مورد للعملات الأجنبية.
النقطة الأخرى، أننا بدأنا في تعزيز الاستثمار المباشر، وأصبح الآن الاستثمار المباشر ثاني أكبر مورد بعد الصادرات، إذ تأتي الصادرات في المرتبة الأولى، تليها الاستثمارات. هذا التوجه يعكس رؤية اقتصادية تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل.
هل يمكن اعتبار الصين حليفًا حقيقيًا للاقتصاد المصري؟
أي كيان في العالم يجب أن يكون حليفًا للصين، لأن الدولة الصينية تعتبر مصنع العالم. وبالتالي، فإن الصين تعد من أهم الشركاء الاستراتيجيين للاقتصاد المصري، سواء من خلال عمليات التبادل التجاري أو الاستثمارات المباشرة.
والدليل على ذلك واضح وصريح، فالرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قام بزيادة التعريفة الجمركية على العديد من الدول، لكن الدولة التي كانت أكبر مستهدف بهذه الزيادات هي الصين. والسؤال هنا: لماذا قام ترامب بهذه الخطوة تحديدًا تجاه الصين؟ السبب بسيط، لأن الصين تمكنت من غزو الاقتصاد الأمريكي بشكل واسع، وأصبحت منافسًا قويًا على الساحة العالمية.
هل يمكن أن يؤثر التعاون المصري الصيني على علاقات القاهرة بواشنطن في المستقبل؟
بالطبع لا، بل على العكس، الولايات المتحدة تتعامل مع مصر في الفترة الحالية بشكل أكثر لطفًا وتقديرًا. السبب في ذلك أن المسألة ليست اقتصادية فقط، بل سياسية أيضًا.
في الفترة الأخيرة، تمكنت الدولة المصرية من توضيح موقفها السياسي بشكل قوي وصريح، خصوصًا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث لعبت مصر دورًا محوريًا في الملف الخاص بغزة. كما وضعت الركيزة الأساسية في القضايا الإقليمية المتعلقة بالشرق الأوسط، وهو ما يعكس قوة الدور المصري، ويجعل الولايات المتحدة تتعامل مع مصر بمزيد من الحذر والاحترام.
وفي قضية سد النهضة، على سبيل المثال، اتخذ الموقف الأمريكي منحنى أكثر هدوءًا، وهو ما يعكس تأثير مكانة مصر في المنطقة. كما أن القاهرة بدأت في بناء تحالفات جديدة مع قوى مختلفة، مثل إيران، بالإضافة إلى انضمامها إلى تجمع “البريكس”، وهو ما يعزز استقلالية القرار الاقتصادي المصري.
هل الشراكة مع الصين تعتبر طويلة الأمد، وليست مجرد شراكة وقتية؟
هناك قاعدة عامة في الاقتصاد تقول إن الاستثمار المباشر يتميز بالاستمرارية، فهو يظل لفترات طويلة داخل أي اقتصاد، ويدعم الصناعات بشكل مستدام. وهذا ما ينطبق على التعاون المصري الصيني، فهو ليس شراكة وقتية، بل استراتيجية طويلة الأمد.
هل يمكن مقارنة الاستثمارات الصينية بالاستثمارات الخليجية في مصر؟
بالطبع، نعم. فهناك أسواق جديدة تتفتح، وكل استثمار له طبيعته وأهدافه. الاستثمارات الصينية لا تختلف كثيرًا عن الخليجية من حيث كونها تدعم قطاعات متعددة وتفتح مجالات للنمو، سواء في البنية التحتية أو التصنيع أو الخدمات.
هل تمثل الشراكة مع الصين خطوة لتقليل الاعتماد على الغرب وصندوق النقد الدولي؟
نعم، بالتأكيد. فهذه الشراكة تساعد في خلق عالم متعدد الأقطاب، بدلاً من أن يكون هناك قطب واحد مهيمن، وهو الغرب. وجود أقطاب اقتصادية متعددة يحقق توازنًا في الاقتصاد العالمي، ومصر تلعب دورًا مهمًا في هذا الإطار من خلال تعزيز الاستثمارات والشراكات المتنوعة. ولو لم يتم الاتجاه نحو هذا التوازن، سيظل العالم خاضعًا لهيمنة قطب واحد فقط.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.