قبل فتح باب الترشح للانتخابات.. خريطة التحالفات والتحركات الحزبية تُرسم على نار هادئة

5

عبد الرحمن السيد

مع اقتراب موعد فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، بدأت ملامح المشهد السياسي في مصر تتشكل تدريجيًا، وسط تحركات مكثفة من جانب الأحزاب، وسعي حثيث لبناء تحالفات يمكنها التأثير في خريطة البرلمان القادم. وفي الوقت الذي تدور فيه الكواليس حول إعادة إنتاج “القائمة الوطنية” التي شهدناها في انتخابات 2020، تظهر على الساحة بوادر اصطفاف سياسي جديد يحمل طابعًا ديمقراطيًا مختلفًا، تتقدمه أحزاب المعارضة الجادة.

الطريق الديمقراطي.. تحالف من أجل “السياسة الجادة”

من أبرز هذه التشكيلات، “تحالف الطريق الديمقراطي” الذي يضم ثلاثة أحزاب هي: حزب العدل، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الإصلاح والتنمية. التحالف يُمثّل محاولة لإعادة تقديم القوى المدنية الديمقراطية بشكل منظم في مواجهة الاستقطاب السياسي واحتكار المشهد.

في هذا السياق، قال معتز الشناوي، المتحدث باسم حزب العدل، إن الحزب بدأ الاستعدادات للانتخابات البرلمانية “من منطلق جاد ومسؤول”، عبر خطة تستهدف “تحويل العمل السياسي إلى ممارسة مؤسسية حقيقية، ترتكز على الدراسة والتحليل، مش على الشعارات”.

الشناوي أوضح في تصريح خاص لـ نافذة الشرق، أن الحزب لم يدخل في التحالف كخطوة شكلية، وإنما لأنه يرى أن “العمل المشترك مع أحزاب تحمل نفس القيم الديمقراطية، هو الأساس لأي تغيير منضبط ومؤثر”.

وقال: “اشتغلنا على تشكيل لجان متخصصة داخل الحزب، لتقييم أداءنا البرلماني السابق، وتحليل احتياجات المواطنين على الأرض. ما فيش دعاية، إحنا شغالين بأرقام ودراسات حقيقية”.

وأشار إلى أن الحزب بصدد الدفع بمرشحين “عندهم كفاءة مهنية، وسمعة طيبة، وعلاقة حقيقية مع الشارع”، مشددًا على أن “المعيار الأول عندنا مش القوة المالية ولا الشعبية المفبركة، إنما الكفاءة والنزاهة”.

وحول البرنامج الانتخابي، كشف أن حزب العدل أعد خطة تفصيلية تشمل عدة محاور من بينها: العدالة الاجتماعية، تطوير التعليم والصحة، دعم البنية التحتية، وتحفيز الاقتصاد، مع إتاحة فرص أكبر للشباب والمرأة، مضيفا: “مش بنفكر في الانتخابات كمعركة سياسية وخلاص.. بنشوفها فرصة نطرح فيها بدائل عملية للناس، ونثبت إن عندنا رؤية قابلة للتنفيذ”، بحسب الشناوي.

وأكد المتحدث باسم الحزب أن تحالف الطريق الديمقراطي يسعى “لخلق حالة من التوازن داخل المشهد السياسي”، مشيرًا إلى استعداد الحزب للتعاون مع أي قوة وطنية تشترك معه في الإيمان بالحوار والعمل المؤسسي. كما دعا المواطنين إلى النزول والمشاركة، مؤكدًا أن:

“المعركة برلمان فقط

أما المهندس علاء عبد النبي، نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فقد اعتبر أن إعلان التحالف “خطوة سياسية ضرورية في توقيت حساس”، مؤكدًا أن القوى الديمقراطية لا تملك رفاهية البقاء خارج المعادلة. وقال:

عبد النبي شدد في تصريحات خاصة لـ نافذة الشرق على أن الأحزاب الثلاثة ليست متطابقة في كل الرؤى، لكنها تشترك في “الإيمان بأن الحل مش في المقاطعة ولا في الصمت، بل في الدخول للمعركة بوعي”. وأوضح: “إحنا مش بنغض الطرف عن مشاكل قانون الانتخابات، لكن كمان مش هنسيب الساحة فاضية. ده وقت الاشتباك السياسي بمعناه الحقيقي، حتى لو القواعد مش عادلة”.

ورأى أن التركيز على المقاعد الفردية “مش نهاية المطاف، بل بداية لتأسيس حضور سياسي أوسع”، موضحًا أن التحالف يسعى لتحويل البرلمان إلى “منصة حقيقية للتعبير عن هموم الناس، مش مجرد قاعة صامتة”.

وأكد نائب رئيس الحزب أن التجربة الحالية مختلفة عن محاولات سابقة اتسمت بالعشوائية أو التنافس غير المنضبط: “اتعلمنا من أخطاء الماضي.. المرة دي فيه تنسيق، وفيه وعي بإن الجماهير مش هتثق في حد بيكرر نفس الأداء القديم”.

وأضاف أن وجود هذا التحالف على الساحة “مش معناه خصومة مع كل من في المشهد، لكن معناه إن فيه صوت تاني لازم الناس تسمعه”. مشيرًا إلى أن تحالف الطريق الديمقراطي سيتعامل بمرونة مع تحالفات أخرى محتملة في بعض الدوائر، طالما أن “الهدف المشترك هو تمثيل المواطن بصدق”.

سيناريو “القائمة الوطنية”.. من جديد؟

بالتوازي مع هذه التحركات، تشير مصادر مطلعة إلى بدء الإعداد داخل بعض الأوساط القريبة من السلطة لتشكيل “قائمة وطنية جديدة” على غرار قائمة “من أجل مصر” التي ظهرت في انتخابات 2020. وتشير المعلومات إلى أن بعض أحزاب المعارضة المتحالفة في “الطريق الديمقراطي” قد تتلقى عروضًا للمشاركة في تلك القائمة، وهو ما سيضع التحالف أمام اختبار سياسي مبكر.

ورغم عدم صدور موقف رسمي حتى الآن، إلا أن نبرة تصريحات ممثلي الأحزاب الثلاثة توحي بوجود رغبة في خوض التجربة بشكل مستقل، و”دون التنازل عن المبادئ” على حد وصف أحدهم.

وتظل خريطة التحالفات مرشحة لمزيد من التحوّلات في الأسابيع المقبلة، خصوصًا في ظل تقارب بعض الأحزاب الصغيرة من أحزاب السلطة، واستمرار المشاورات داخل الكواليس بشأن توزيع المقاعد وطبيعة المنافسة على القوائم والفردي.

ما بعد التحالف.. هل تتغير قواعد اللعبة؟

السؤال الأبرز في المشهد هو: هل يستطيع “تحالف الطريق الديمقراطي” كسر نمط المنافسة التقليدية، وفتح الباب أمام تمثيل سياسي ديمقراطي حقيقي؟
الإجابة ستعتمد على عدة عوامل، أبرزها:

مدى جدية التحالف في خوض كل الدوائر وعدم الاكتفاء بالرمزية.

القدرة على التنسيق الميداني والوصول للناخبين.

الموقف النهائي من الانضمام للقائمة الموحدة أو رفضها.

والقدرة على تقديم خطاب بديل يوصل للناس شعورًا بالثقة والمصداقية.

المشهد الانتخابي في طريقه للاشتعال، لكنّ السؤال الحاسم هو: هل ستتحول هذه التحركات إلى تغيير حقيقي على الأرض، أم ستبقى مجرد محاولات رمزية؟ الأيام القادمة فقط ستحمل الجواب وذلك مع قرب إجراء انتخابات مجلس الشيوخ والتي يعقبها انتخابات مجلس النواب وذلك بعدما صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعديلات قانون مجلس النواب وتعديلات قانون مجلس الشيوخ وكذلك تعديلا قانون تقسيم الدوائر.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.