قسد على الحافة.. هل تدفع ثمن علاقتها بـحزب العمال الكردستانى في حسابات الإقليم؟

2

كتبت : ضحى ناصر

مازالت حالة الشد والجذب بين قوات سوريا الديمقراطية الرابضة في شمال سوريا على مقربة من الحدود مع تركيا من جهة و الإدارة السورية الجديدة المدعومة من تركيا من جهة أخرى تسيطر على العلاقات بين الجانبين فما بين تنسيق وتفاهمات تارة و إنقلاب على تلك الإتفاقات تارة أخرى تسير علاقة قسد بنظام الشرع، و يعد السبب الرئيسى لتلك الحالة المتأرجحة هو موالاة نظام الشرع لتركيا بينما توالي قوات سوريا الديمقراطية حزب العمال الكردستاني المعارض صاحب أطول فترة عداء مع الحكومة التركية .

ما مدى عمق العلاقة العضوية مع حزب العمال الكردستاني

من جهته فقد أوضح الكاتب الصحفي السوري عمار جلو في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن العلاقة بين حزب العمال الكردستاني مع قوات سوريا الديمقراطية، هي عميقة جداً، حيث يسيطر التنظيم الأم على القرار النهائي، وهو ما يدعو لاعتبارهما كيان واحد، رغم تكرار إعلان التنظيم الفرعي عدم صلته بالعمال الكردستاني، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى أن القوة الصلبة لدى الأخير، ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، هي بالإضافة لشخصيات مطموسة الهوية قادمة من التنظيم الأم في قنديل، ويشار إليها باسم “الكادرو” هي المتحكمة وصانعة القرار لدى قسد.

ما مدى إمكانية نجاح الضغوط التركية المتصاعدة

وفيما يتعلق بمدى إمكانية نجاح الضغوط التركية، أعرب جلو عن أن رؤيته تكمن في أن حل هذه المسألة بات، وفقا للوقائع المنظورة على الارض، مسألة وقت.

وذلك بعد إلقاء العمال الكردستاني لسلاحه وحل التنظيم، وهو ما سيستتبع تحوله أو انخراطه سياسيا مع حزب ديم التركي الموالي للأكراد، وتاليا سيمكن تحالف الشعب الحاكم من إجراء تغييرات دستورية تقر حقوق ثقافية للكرد في تركيا، مع إعادة الاعتبار والمكانة لرؤوساء البلديات المعزولين في ولايات الجنوب التركي.

و أضاف : وهنا لابد من الإشارة إلى انخراط ايجابي من قبل الحركة القومية، المتشددة عرقيا، في مسار المصالحة التركية الكردية
بجانب ذلك، فإن الظروف الدولية الراهنة ترفع من أسهم نجاح أنقرة في هذا المسار، سواء من خلال مؤشرات الانسحاب الأمريكي من سوريا، أو تغير نظام الحكم في دمشق، والذي أصبح نظام يؤيد ويوالي مطالب لأنقرة، ويتلازم معها أيضا في هذا المسار، بغرض حلحلت المسألة الكردية في الأراضي السورية أيضا. وبجانبهما تناغم حكومة إقليم شمال العراق مع هذا المسار، لافتاً إلى إن موازين القوة العسكرية التركية مع فصائل سورية تندرج معها، لا يمكن مقارنتها بتاتا بقوة قسد المتواضعة امام القدرات التركية.

إلى أى مدى يعول النظام التركي على فصل قسد عن حزب العمال ومامدى تمسك أنقرة بذلك؟

و شدد جلو على أن تعويل أنقرة على فصل قسد عن العمال الكردستاني، فهو ليس تعويل فقط، بل هو تفسير دقيق لقرارات العمال الأخيرة بإلقاء السلاح وحل التنظيم، وقد تم الإشارة إلى مغادرة قيادات قنديلية لمناطق قسد.
وهو شرط تركي وسوري أيضا، وإلا فلا معنى للحوادث والقرارات الإيجابية الأخيرة في هذا الشأن. ويبدو ان تصريحات قائد قسد الجنرال عبدي بوجود قنوات تواصل مع أنقرة، مع إبداء الرغبة بلقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تصب في هذا المسار وتمنحه دفع إضافي.

هل يمكن لموسكو أن تضحي بقسد في صفقات مع تركيا والنظام السوري؟

من جهته فقد أكد الباحث المتخصص في الشأن السياسي حيدر الدعمي في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن علاقة موسكو بقوات سوريا الديمقراطية كانت مرتبطة بوجود النظام السوري السابق كوسيلة تواصل بين موسكو ونظام الأسد، مشيراً إلى أن روسيا حاولت مراراً أن تدمج قسد داخل النظام العام للدولة في عهد الرئيس الأسد، لكن حالياً فقد إختفت الحاجة إلى إستمرار العلاقة بين الجانبين بعد سقوط نظام الأسد.

و أشار إلى أنه في الوقت الحالي تسعى موسكو إلى خلق علاقات جديدة مع الإدارة الحالية والحفاظ كذلك على علاقتها مع تركيا .

الموقف الأمريكي المتذبذب وكذلك الموقف الإيراني صمت تكتيكي أم دعم خفي؟

وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة أكد الدعمي أن واشنطن تسعى إلى إستيعاب هذا النظام الجديد وتحاول قدر الإمكان إقامة علاقات مع نظام الشرع ورفع العقوبات بشكل عام عن سوريا.

و على صعيد الموقف الإيراني فقد رجّح الدعمي أن طهران قد تستغل قسد للدخول مجدداً إلى سوريا لتعويض ماخسرته في أعقاب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد مشيراً إلى أن طهران قد تستثمر ضباط الجيش السوري الهاربين والذين تتطوع الكثير منهم في صفوف قسد في حال فشل إدارة الشرع في ضم ذلك الفصيل تحت لواء قواتها المسلحة ، لاسيما و أنها قد دعمت في السابق القوات الكردية الموالية لحزب العمال الكردستانى في العراق .

هل قد نشهد نزاع مسلح بين الأكراد والإدارة السورية ؟

وبهذا الصدد فقد أكد الإعلامي السوري والخبير بشؤون الشرق الأوسط يمان صواف لنافذة الشرق
أن هذا الأمر مستبعد الإدارة السورية تبذل جهد كبير لإنجاح الجهود الدبلوماسية والحوار الاستراتيجي في مناقشة وتنفيذ بنود الاتفاق الموقع بين السيد أحمد الشرع رئيس الجمهورية والسيد مظلوم عبدي.

و أضاف هناك دعم كبير للجهود التي تبذلها الإدارة السورية في معالجة الأوضاع مع قسد وتصريحات لمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، تؤكد هذا التغيير في العلاقة مع قسد ودعم جهود الإدارة السورية ففي أخر تصريحات لباراك أكد أن واشنطن تتجه نحو تغيير استراتيجيتها في سوريا، مشيرا إلى أن السياسات السابقة لم تحقق النجاح المطلوب.

و أشار إلى أن الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” هو دعم لحليف، ويجب توجيه هذا الدعم نحو دمجهم في جيش سوريا الجديد المستقبلي.
وكشف عن خطة لتقليص القواعد العسكرية الأميركية في سوريا من ثماني قواعد إلى واحدة،
انطلاقا ً من هذه التصريحات ندرك أن الموقف الأمريكي هو دعم دمج قسد ضمن هيكلة وزارة الدفاع والجيش السوري الجديد موضحاً أن مستقبل أكراد سوريا جزء ومكون أساسي من الشعب السوري والإدارة السورية تعمل بشكل أساسي على دعم كل مكونات الشعب السوري والحصول على الحقوق المشروعة.

و في ضوء هذا المشهد المتشابك والمعقد، يتضح أن مستقبل العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة السورية الجديدة يتوقف على مدى نجاح الأطراف الفاعلة — إقليمياً ودولياً — في توظيف اللحظة السياسية الراهنة لصياغة تسوية نهائية تُنهي الصراع المزمن حول الملف الكردي. فمع تزايد الضغط التركي، وتبدّل مواقف موسكو وواشنطن، وإشارات إيجابية صادرة من كلا الجانبين، يبدو أن خيار الدمج السياسي والعسكري لقسد داخل الدولة السورية الجديدة لم يعد احتمالاً بعيداً. لكن نجاح هذا المسار سيظل مرهوناً بمدى استعداد القوى الكردية للتخلي عن ارتباطها العضوي بحزب العمال الكردستاني، وبمدى قدرة النظام السوري على احتواء هذا الكيان ضمن معادلة وطنية جامعة تحترم التعدد وتكرّس السيادة.

هوامش

تأسست قوات سوريا الديمقراطية في عام 2015، من عدة فصائل كردية وعربية وسريانية في شمال شرق سوريا، وتعد وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) بمثابة العمود الفقري لها.

فيما تأسس حزب العمال الكردستاني في تركيا عام 1978 حيث خاض خلال عدة سنوات صراعًا مسلحًا ضد الدولة التركية منذ الثمانينيات تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.

كما أن العديد من قادة ” قسد” كانوا بالأساس ينتمون سابقًا لحزب العمال الكردستاني أو تدربوا في معسكراته.

وهو مايفسر تبني قوات سوريا الديمقراطية إلى نفس الأيديولوجيا المستندة إلى فكر عبدالله أوجلان، إلى حد كبير، و التي تقوم على ما يُعرف بـ”الأمة الديمقراطية” والإدارة الذاتية.

وهو ما يدفع تركيا إلى إتهام قوات قسد بأنها امتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني في سوريا، كما تزعم إن قادة بارزين في قسد هم في الحقيقة عناصر من حزب العمال، أو على الأقل يعملون بالتنسيق المباشر مع قياداته.

فيما نفت قوات سوريا الديمقراطية مراراً أن تكون فرعًا من حزب العمال الكردستاني ، وتقول إنها قوة مستقلة سورية الهوية، وأن علاقاتها مع الحزب “فكرية” أو “وجدانية” وليست عسكرية أو تنظيمية.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.