كيف ستواجه مصر ذلك؟

3

ترامب يخطط للسيطرة على حركة الملاحة بقناة السويس ضاربا بالقوانين الدولية عرض الحائط

نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية: مصر لها السيادة الكاملة على قناة السويس وتنظيم مرور السفن

«هاشم»: حديث ترامب عن أفضال أمريكا على قناة السويس ينم عن جهل
«سعد»: مصر لا تريد صدامًا مع أمريكا ولذلك ردودها على «ترامب» تكون حكيمة

كتب ـ أحمد خالد

فصل جديد من فصول تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي بدأها مؤخرًا منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بإطلاق تصريح جديد برغبته في مرور السفن الأمريكية لقنة السويس وبنما مجانًا دون رسوم

وقال ترامب: «يجب السماح للسفن الأمريكية العسكرية والتجارية بالمرور مجانًا عبر قناتي السويس وبنما، هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية»، وذلك في تجاوز جديد لحدود صلاحياته والأعراف والقوانين الدولية، ومحتكًا للمرة الثانية بمصر على غرار تصريحاته عن تهجير الفلسطينيين إليها.

ونال الرئيس الأمريكي استهجان وسخرية المصريين في آن واحد، كما آثار تساؤلات عدة بشأنه، فهل يمثل ذلك التصريح تهديدًا لمصر أم أنه مجرد كلام مرسل؟، وهل هناك قوانين دولية تسمح بذلك؟، وكيف ستواجه مصر تلك التصريحات؟.

مصر لها السيادة الكاملة على قناة السويس

اعتبر الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تصريحات ترامب بأنها مصيرة للسخرية، قائلًا: مصر صاحبة السيادة الكاملة على قناة السويس وهى من تتحكم في تنظيم مرور السفن خلالها، وفرض ما تراه مناسبًا من الرسوم، وتعدي أي دولة على تلك الحقوق بإجراءات انفرادية فهو مخالف للقانون الدولي تمامًا”.

كما وصف «هاشم» تصريح الرئيس الأمريكي بالعنجهية والبلطجة السياسية العالمية والعنجهية، وذلك بسبب عدم مشاورته مع أحد، وهذا كان السمت الخاص بقراراته جميعها، يتخذ القرارات ويتراجع عنها قبل أن يجف حبرها حتى، فنحن نتعامل مع تاجر، و«تاجر خايب كمان ليس شاطر» وكل ما يهمه الاستحواز على موارد ومُقدرات الآخرين مستندًا إلى بلطجته وقوته، وبالتالي فإن حديثه ذلك من شأنه هدم النظام الدولي، الذي أُنشأت عليه الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945 -بحسب وصفه-

وأضاف، أن تصريح ترامب، يدل عن جهل كبير، خاصة عندما ردَّد أن أمريكا لها أفضال على قناة السويس، متسائلا: “كيف ذلك ومن دشَّن القناة الفرنسيين وحفرها المصريون وكان الامتياز للشركة وكان معظمه مال مصري من الخديوي إسماعيل بدعم فرنسي، حتى الولايات المتحدة حينها لم تكن دولة عظمى وكانت دولة ضعيفة جدًا سنة 1869؟”.

ترامب رجل «بيزنس»

من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رؤوف سعد، أن ترامب رجل صفقات من الدرجة الأولى، حيث يعتمد على ما يسمى العلاج بالصدمة، فإنه يسعى إلى إحكام سيطرة الولايات المتحدة ويؤكد نفوذها في كل مكان في العالم وفي كل شيء في هذا العالم، وبالتالي فهو لا يتوقف عن الضغوط وفي الوقت ذاته لا يتوقف عن التراجع، حسبما

وأشار إلى أن ترامب دخل في صدام من قبل مع مصر خلال تصريحاته بشأن التهجير، وعلم أن مصر دولة عصية وليست تلك الدولة محدودة النفوذ وقفت موقفًا صارما وحاسما ولا مكان للمساومة به، ما جعله يتراجع عن تصريحاته.

ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن أحد القوانين التي تعمل بها قناة السويس يتحدث عن عدم التمييز بين الدول في مسألة مرور السفن، وهذا شيء إيجابي، فعلى أي أساس سيتم تمييز أمريكا، مضيفًا: «حديثه عن الأساطيل العسكرية التي تمر من القناة للبحر الأمر، فهي تعمل لحساب بلاده ومصر لم تطلب من أمريكا أو أي دولة فتح قناة السويس أو حتى محاربة الحوثي، وأن بلاده من تحارب».

مصر قد تواجه أعباء اقتصادية وعسكرية

وفي نفس الإطار، قال الدكتور عمرو هاشم نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مصر قد تواجه أعباءً اقتصادية وأخرى عسكرية بسبب رفضها تصريحات الرئيس الأمريكي، فمن الممكن أن يهدد بقطع المساعدات سواء عسكرية أو اقتصادية.

وأضاف: “ولكن هذا لن يُمثل تهديدًا لمصر بأي شكل من الأشكال ومصر قادرة على تحمُل الأعباء، وفيما يتعلق بقطع المساعدات العسكرية، فلن تمثل أزمة بالنسبة لمصر لاسيا وأن الدولة تنوع مصادر حصولها على الأسلحة منذ فترة بعيدة بين الصين وروسيا وألمانيا وكوريا الجنوبية وفرنسا، وفقًا لما قاله”.

ولفت، إلى أنه بالنسبة للأعباء الاقتصادية، في حال التهديد بقطع المساعدات فمصر تحملت أكثر من ذلك بكثير أثناء الكورونا وحرب غزة والحرب الأوكرانية الروسية، فقناة السويس خسرت حينها 9 مليارات دولار، ونحن لسنا بحاجة إلى المليار دولار التي تمنحها وليست هي من ستسقط مصر، في النهاية لا يستطيع «ترامب» خسارة مصر كدولة داعمة للكثير من السياسات الأمريكية.

أهداف خفية وراء تصريحات ترامب

واعتبر السفير رؤوف سعد، أن تصريحات ترامب بشأن رسوم المرور في قناة السويس لا تمثل للولايات المتحدة أي عبء حقيقي، وهذا الأمر يلفت الانتباه إلى أن أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ليست بالضرورة -عكس ما يظنه الكثيرون- في أنها أمن إسرائيل، ولكن الأولوية الأولى لأمريكا بالمنطقة هي قناة السويس.

وأوضح أن ربع التجارة العالمية الخاصة بالولايات المتحدة تمر من القناة، وبالتالي فهي تعطي منفذ إلى إفريقيا وآسيا وأوروبا ودول الخليج، وعليه لا يمكن أخذ تصريحاته ببساطة، لأنه يطالب بإلغاء الرسوم ولكنه مدخل جديد لعله يحصل على ميزة ما ذات أهمية فيما يتعلق بالمرور بقناة السويس وليست بالضروة أن تمثل كسبًا ماديًا ربما يكون معنويًا، من وجهة نظر.

كما لفت الدكتور عمرو هاشم، إنه لا يوجد قانون دولي يسمح بما يطلبه ترامب، لا في قانون البحار ولا في اتفاقات القتوات مثل اتفاقية القسطنطينية الخاصة بقناة السويس والتي تمت عام 1888، بل على العكس تنص على عدم مرور سفن أي دولة معادية لمصر، وخلاف ذلك كل الدول تدفع رسوم مرور واحدة، عدا سفن قوات البحرية المصرية

وأكد تمام اليقين أن الرئيس الأمريكي سيتراجع عن تصريحاته، وهذه سياسته وديدنه منذ فترة رئاسته الأولى عندما تحدث عن الناتو العربي وصفقة القرن وغيرها -بحسب وصفهما-

مصر لا تسعى للصدمات

من جهته، أكد سعد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر تسعى في مواجهة تلك التصريحات العنجهية وما على شاكلتها، بدون الدخول في الصدمات، لاسيما وأنها أمام جهد ضخم ينتظرها لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبناء الداخل، وبالتالي نحن نتعامل مع كل هذه الصدمات بصبر وبحكمة وضبط النفس، حسبما يؤكد «سعد».

ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن علاقة مصر بالولايات المتحدة قوية جداً، مضيفًا: “لا يجب أن نُضحي بها في سبيل رئيس مازال العالم كله يعاني منه، وعليه لا بد أن نعلو فوق الأفكار الشعبوية والسعي إلى الصدام، إذا كانت مصر تجاوزت مسألة الصدام مع إسرائيل فلن نستطيع تجاوزه مع أمريكا، ورد مصر على أمريكا في تلك المسألة حاسم ولا تستطيعه كثير من الدول، وهذا فيه الكفاية فالسياسية ليست بالملاكمة ولكن بالحكمة السياسية”.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.