لبنان على مفترق طرق.. باحث يكشف لـ”نافذة الشرق” تعقيدات ملف سلاح حزب الله
كتب: عبدالله عمارة
أعلنت الحكومة اللبنانية الخميس الماضي موافقتها على أهداف ورقة أميركية تتضمن جدولًا زمنياً لنزع سلاح حزب الله، بهدف تمديد وتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله في نوفمبر الماضي.
في المقابل، أكدت إيران معارضتها لهذا القرار، مرجحة أن تفشل هذه المساعي، في ظل تصاعد وتيرة النقاش الداخلي حول ملف نزع السلاح، مع تكليف الجيش بوضع خطة تنفيذية قبل نهاية العام، وسط رفض الحزب القاطع لأي مساس بترسانته.
تعقيدات ملف سلاح حزب الله في ظل التهديد الإسرائيلي
وأكد أسامة حمدي، الباحث في الشأن الإيراني وسياسات الشرق الأوسط، أن مسألة سلاح حزب الله في غاية التعقيد، لأن الحزب متمسك بسلاحه طالما استمر التهديد الإسرائيلي للأراضي اللبنانية واستمرار العدوان على الجنوب اللبناني واحتلال خمس نقاط استراتيجية على الحدود بالإضافة إلى بعض القرى في مزارع شبعا.
وأوضح حمدي في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق” أن الحزب لديه المبرر للاحتفاظ بسلاحه كحركة مقاومة للاحتلال، خاصة في ظل ضعف الجيش اللبناني وعجزه عن مواجهة الجيش الإسرائيلي بمفرده.
الضغوط الدولية وتأثير “الورقة الأمريكية” على لبنان
وأشار حمدي إلى أن الحكومة اللبنانية، ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، رضخت لضغوط أمريكية وأوروبية وإسرائيلية فيما يعرف بـ”الورقة الأمريكية” لنزع السلاح من الجماعات خارج سلطة الدولة، في محاولة تهدف لتصفية وجود الحزب تمهيدًا لإفراغ الجنوب اللبناني لإسرائيل وإنهاء التهديد الوجودي لإسرائيل في جبهة الشمال، والتخلص من قوة الإسلام السياسي الشيعي التي يمثله الحزب المتحالف مع إيران، والذي يعد أكبر أذرعها في المنطقة بما يملكه من صواريخ قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي.
وأضاف حمدي أن الولايات المتحدة وفرنسا وعدا لبنان بمساعدات اقتصادية وقروض لتعافي الاقتصاد اللبناني في حال تم التخلص من حزب الله، لكن الحزب متمسك بسلاحه ليس فقط كقوة مقاومة لإسرائيل، بل أيضًا لحماية المكون الشيعي الذي يمثل 35% من سكان لبنان، والذي سيكون معرضًا للتهديد والاضطهاد في حال فقد هذا السلاح.
انسحاب وزراء الثنائي الشيعي وتهديد الاستقرار الحكومي
ولفت حمدي إلى انسحاب وزراء الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، من جلسة الحكومة اعتراضًا على قرار نزع السلاح، محذرًا من أن هذا الانسحاب قد يؤدي إلى انهيار الحكومة اللبنانية ودخول البلاد في فراغ سياسي.
وأضاف أن تطبيق الجيش خطة نزع السلاح قد يسبب حربًا أهلية وربما انقسامات داخل الجيش نفسه، مما يهدد وجود الدولة اللبنانية ويرجح عودة الحرب الأهلية.
التحديات أمام الجيش اللبناني في مهمة نزع سلاح حزب الله
وأوضح حمدي أن الحكومة أمهلت الجيش حتى نهاية العام لوضع خطة نزع سلاح الحزب في محاولة لتأجيل الأزمة ومنع صدام وشيك، وربما بعد ذلك إقناع الولايات المتحدة بعدم إمكانية التنفيذ أو انتظار تغييرات على الساحة الدولية تؤجل القرار.
وشدد على أن الجيش اللبناني غير قادر عمليًا على نزع السلاح، لأن الحزب أقوى بكثير ولديه خبرة قتالية واسعة، عكس الجيش اللبناني صاحب المعدات القديمة والخبرة القتالية المحدودة.
سيناريوهات الحل السياسي والتسويات الإقليمية
واختتم حمدي حديثه بالإشارة إلى احتمال التوصل إلى تفاهمات وترتيبات إقليمية أشمل تسمح بانسحاب إسرائيل من النقاط اللبنانية المحتلة، وتوقف الحرب على غزة، ودمج حزب الله في الجيش اللبناني وفق آلية لتقوية الجيش الوطني، مع الحفاظ على تمثيل المكون الشيعي، لكنه أكد أن ذلك مرتبط بإرادة إسرائيل والولايات المتحدة.
قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله وأفق التصعيد
وتسعى الحكومة اللبنانية رسميًا لحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة تمثل تحديًا مباشرًا لحزب الله الذي يرفض التخلي عن ترسانته، مما يفتح الباب لصراع داخلي سياسي وأمني حول مستقبل السلاح وموازين القوى في لبنان.
ويعكس تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تنفيذية لهذا الملف قبل نهاية العام جدية الحكومة في تنفيذ القرار، لكن في ظل رفض الحزب ومساندة إقليمية ودولية له، يبقى مصير هذه الخطوة غير واضح وسط احتمالات تصعيد أمني وسياسي.
وناقش اجتماع الحكومة اللبناني الأخير مذكرة المبعوث الأمريكي توم باراك، التي تضمنت جدولًا زمنياً وآلية لنزع سلاح حزب الله، الحزب الذي يعتبر القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذًا في لبنان قبل المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.