مآل العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية بعد إتفاق واشنطن والحوثي(خاص)

5

كتب : ضحى ناصر

حالة من الجدل والتساؤلات أثارها إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول وقف الهجمات الأمريكية على معاقل الحوثيين بعدما أعلنت جماعة أنصار الله الحوثي إستسلامها وعدم رغبتها في خوض المزيد من المواجهات مع الجيش الأمريكي على حد قوله .

ولعل أبرز تداعيات ذلك الإعلان هى حالة الصدمة التي إتنشرت في الأوساط الإسرائيلية، الشعبية والسياسية على حد سواء .

حيث ذكرت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الإدارة الأمريكية قد إتخذت تلك الخطوة بشكل أحادى و دون الرجوع إلى تل أبيب، وهو مابدى واضحاً في إعلان ترامب الذي أطلقه أمام الصحفيين في المكتب البيضاوى خلال إستقباله لرئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، والذي لم يتحدث خلاله عن أن أي ضمانات متعلقة بأمن إسرائيل،من جهتها فقد أكدت صحيفة يسرائيل هيوم أن تل أبيب تنتظر تعقيباً من البيت الأبيض لتوضيح ملابسات ذلك الإعلان .

كواليس الإتفاق مع الحوثي

و على الرغم من توصل مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إتفاق مع قادة جماعة أنصار الله الحوثي بوساطة عمانية منذ عدة أيام إلا أن إعلان الرئيس الأمريكي عن هذا الإتفاق دون تنسيق مسبق مع إدارته أثار ذهول المسؤولين في البيت الأبيض .

وحول السبب الحقيقي وراء هذا الإتفاق المفاجىء وهل لنظام طهران الذي يُجري حالياً مفاوضات مع الإدارة الأمريكية والمعروف بدعمه للحوثيين تأثير للتوصل إلى هذا الإتفاق يجيب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني منسي في تصريحات خاصة لنافذة الشرق .

وشدد منسي في البداية أنه لايمكن الفصل بين الحوثي و إيران على الرغم من إدعاءات الجانبين بعدم وجود أي علاقة أو تنسيق بينهما، مشيراً إلى أن دلالات المشهد الحالي تؤكد على أن تلك الخطوة جاءت في إطار محاولات التهدئة بين طهران وواشنطن.

كما لفت منسي إلى أنه دون أدنى شك فإن الضغوط الأمريكية على طهران وعلى الحوثي بالتبعية هي التي أدت في التوصل إلى هذا الإتفاق، منوهاً إلى أنه لولا الضغوط الإمريكية لما كان هذا الإتفاق .

وكانت الخارجية الإيرانية قد أعلنت عن ترحيبها بالإتفاق بين الولايات المتحدة من جهة وجماعة أنصار الله الحوثي من جهة أخرى .

من جهته فقد أكد البرلماني الإيراني حشمت الله بيشه أن تلك الخطوة الأمريكية جاءت في الوقت المناسب للحيلولة دون تدخل إسرائيلي قد يؤدي إلى توسيع رقعة الصراع مشيراً إلى أن تلك الخطوة عززت من فرص التوصل إلى إتفاق محتمل مع إيران، في تصريح مباشر جاء بمثابة إعلان عما عملت إيران على إنكاره طيلة سنوات وهو أنها تستخدم الحوثي كأحد أذرعها فعلياً .

تأثير إعلان ترامب على العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية

ويرى المراقبون أن تلك الخطوة تعكس نقطة إختلاف جوهرية بين إدارة ترامب التى تتصرف وفق ماتراه مناسب لتحقيق هدفها الأول وهو إنقاذ الإقتصاد الأمريكي عبر إنهاء كافة الحروب التي تدعمها الولايات المتحدة منذ عهد إدارة جو بايدن التى كانت أكثر خضوعاً لإملاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو، و الذي بدى بدوره في حالة غضب جراء الخطوة الأحادية التي إتخذها ترامب.

مادفعه للتأكيد على أنه يؤمن بقاعدة واحدة فقط وهى أن إسرائيل ستدافع عن نفسها في أي مكان وضد أي تهديد بمفردها.

فيما تصاعدت حدة الإتهامات التي وجهتها العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية بالإضافة إلى كبار الشخصيات العسكرية والسياسية لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنه ترك إسرائيل في مهب الريح، لاسيما وسط مخاوف إسرائيلية من أن تكون تلك الخطوة هي مقدمة لإتفاق نووي مع إيران لايلبي متطلبات الأمان العالية التي تحتاجها إسرائيل، والتي طالبت مراراً بضرورة تفكيك البرنامج النووي الإيراني قبل أي محادثات عن السلام مع إيران، مايعكس الفجوة الواسعة بين رؤية نتنياهو المؤيدة لحسم الملفات عبر الضربات العسكرية القوية، و بين رؤية ترامب الذي يفضل الحلول الدبلوماسية.

كما أن هذا الإتفاق يعد تقويضاً حقيقياً لتحركات إسرائيل في الشرق الأوسط فبينما تطلق الولايات المتحدة يد تل أبيب في فلسطين، فإنها لن تسمح لها بالتحرك ضد إيران في حال إبرام إتفاق معها، كما أن تلك الخطوة و من قبلها التنسيق مع إيران لإجراء محادثات حول إتفاق نووي جديد دون أي تنسيق أو إخطار مسبق لإسرائيل يجعلنا نطرح تساؤل حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية الأمريكية .

تصريحات خاصة لنافذة الشرق

وعن ذلك التساؤل يجيب الأكاديمي والباحث في الشأن الأمريكي أدريان كالاميل في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن إسرائيل ستواصل العمل بما يخدم مصالحها، وسترد على الحوثيين عند استهدافهم، وعلينا أن نتذكر أن هذه الحملة الجوية كانت أمريكية، وساعدت إسرائيل بشكل كبير.

وعلينا أيضًا أن نتذكر أن ترامب يسمح لإسرائيل بمواصلة حربها ضد حماس وحزب الله، مع حماية حدودها مع سوريا.

وأضاف كالاميل يبدو أن الولايات المتحدة احتفظت بملف اليمن/الحوثيين لفترة، ففي عهد بايدن، كان الأمر دفاعيًا ودبلوماسيًا، وفي عهد ترامب، كان الهجوم هو السبيل الوحيد للتوصل إلى نتيجة. أستطيع أن أفهم سبب انزعاج الإسرائيليين، إذ يبدو أنها خطوة أخرى من ترامب، تُعالج المخاوف الاقتصادية دون مراعاة الأمن الإقليمي.

وحول تعليقات محمد على الحوثي التي طالب خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بالإستقالة أوضح كالاميل أن الحوثيون سيستخدمون أي اتفاق دبلوماسي كأداة دعائية ليزعموا أنهم انتصروا وأن الطرف الآخر يريد إنهاءه.

لافتاً إلى أن الحوثيون لايستطيعون الصمود في وجه الحملة الجوية، وفي النهاية، ليس قرارهم، بل قرار خامنئي، وهو لا يريد خسارة وكيل آخر.

وأختتم كالاميل تصريحاته قائلاً : أعتقد شخصيًا أن هذا خطأ فادح لأسباب عديدة، ولعل الشعب اليمني هو الخاسر الأكبر ، فهو مضطر للعيش في ظل هذا الاستبداد الوحشي الذي ينتهك كل قوانين حقوق الإنسان.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.