ماذا قال تقرير صندوق النقد الدولي عن أداء الاقتصاد المصرى ؟

24

خبير اقتصادي : مصر قادرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، مع الاهتمام باحتياجات المواطنين

كتبت بسنت السيد
أعلن صندوق النقد الدولي، أمس الثلاثاء، أن مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي، لكن لا يزال يتعين عليها تبسيط إجراءاتها الضريبية والجمركية وتوسيع قاعدتها الضريبية.
يأتي هذا بعدما زار فريق من صندوق النقد مصر من السادس حتى 18 من مايو الجاري، في إطار مراجعته الخامسة لاتفاق الدعم المالي البالغ قيمة 8 مليارات دولار الموقع في مارس 2024.
تقدم ملموس نحو استقرار الاقتصاد الكلي
وفي تصريحات لرئيسة بعثة الصندوق إلى مصر فلادكوفا هولار، التي قادت الفريق قالت فيها “أحرزت مصر تقدما ملموسا نحو استقرار الاقتصاد الكلي”.
وأضافت في بيان: “من المتوقع أن يستمر النمو في التحسن، وقد رفعنا توقعاتنا للسنة المالية 2024-2025 إلى 3.8 بالمئة، في ضوء النتائج التي فاقت التوقعات في النصف الأول من العام”.
وعلى الجانب الآخر توقع استطلاع أجرته “رويترز” لآراء 17 محللا الشهر الماضي نموا 3.8بالمئة في السنة المالية 2024-2025، التي بدأت في يوليو.
وفقا لبيان صادر عن البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي أعلن فيه أن الاقتصاد نما 4.3 بالمئة في الربع الأول من أكتوبر إلى ديسمبر، وتوقع أن ينمو 5 بالمئة من يناير إلى مارس.
وأفاد بيان صندوق النقد أن “تحسين الإشراف والرقابة على مشروعات البنية التحتية الكبيرة في القطاع العام يسهم في احتواء ضغط الطلب”.
وقال إن السلطات تعمل على تحديث الإجراءات الضريبية والجمركية وتبسيطها.
وأضاف: “بدأت هذه الإصلاحات تحقق نتائج إيجابية. وإلى جانب هذه الجهود ينبغي مواصلة تعبئة الإيرادات المحلية، لا سيما من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتبسيط الإعفاءات الضريبية”.

وأقر الصندوق مراجعته الرابعة للبرنامج في مارس، مما أتاح صرف دفعة بقيمة 1.2 مليار دولار.
وفي تعليقه على قرار صندوق النقد الدولي يقول هانى ابو الفتوح الخبير الاقتصادي لموقع نافذة الشرق حيث يقول :” يتساءل المتابعون للشأن الاقتصادي سؤال هام عن أسباب إشادة صندوق النقد الدولي بجهود الحكومة المصرية وكيف تحقق الحكومة المطلوب منها.ويوضح ، من وجهة نظري، هذه الإشادة ليست مجرد كلمات دبلوماسية، بل هي انعكاس لخطوات إصلاحية حقيقية تتخذها مصر بهدف تحسين وضعها الاقتصادي.
لماذا يثني الصندوق على مصر؟
ويعتقد ابو الفتوح ن إشادة الصندوق مصدرها تنفيذ الحكومة لبرنامج إصلاحات اقتصادية جوهرية. هذه الإصلاحات تتركز حول تقليل الإنفاق الحكومي، وهو ما يعني أن الدولة تسعى لضبط نفقاتها بما يتناسب مع إيراداتها. حيث تعمل الحكومة ايضا على تحسين كفاءة تحصيل الضرائب وجعل الأمور المالية أكثر شفافية. حيث يقول :”في تقديري هذه الخطوات تهدف إلى السعي نحو بناء اقتصاد قوي ومستقر على المدى الطويل. فالصندوق ،رغم الانتقادات الموضوعية الموجه اليه لكنه يبحث عن الاستقرار المالي الذي يضمن قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتنمية اقتصادها بشكل مستدام.
كيف تحقق الحكومة المطلوب؟
ويؤكد الخبير الاقتصادي أنالحكومة تتخذ قرارات صعبة لكنها ضرورية من أجل تحقيق هذه الأهداف. من أهم هذه القرارات تقليص الدعم على الطاقة والمواد الغذائية. هذا الإجراء، وإن كان له تأثير مباشر على المواطن ومحل انتقادات داخليه كبيره، إلا أنه يهدف إلى توفير الأموال وتقليل عجز الميزانية. كما أن الحكومة تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال، وذلك يعني تبسيط الإجراءات أمام الشركات والمستثمرين المحليين والأجانب. وأظن أن هذا يمكن أن يجذب المزيد من الاستثمارات ويخلق فرص عمل جديدة.
التحديات والآثار على المواطن
وعلى الجانب الآخر ما يثير القلق هو التأثير المباشر لهذه القرارات على حياة المواطنين. أحيث يرى ابو الفتوح أن المواطن العادي بدأ يشعر بشدة ارتفاع الأسعار وقلة الدعم، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على الأسر المصرية، خاصة فئة محدودة الدخل. أميل للاعتقاد بأن هذا التوجه يمثل مخاطر حقيقية لا يُستهان بها، ويؤثر على ثقة المواطنين في الحكومة إذا شعروا أن الظروف المعيشية تزداد صعوبة بدون الشعور بتحسن ملموس في الأحوال المعيشية. وهذا ما أراه ينعكس في صورة تزعزع الثقة في رسائل الطمئنة الرسمية، لأن التحسن الاقتصادي لم يترجم بعد إلى تحسن ملموس في حياتهم اليومية.
ما وراء الأرقام: الأثر النفسي
في رأيه الشخصي يوضح هانى أبو الفتوح، الأثر النفسي لهذه السياساتالذى يفوق أهمية الأرقام في الوقت الراهن. مبررا ذلك بأن الناس ينتظرون رؤية نتائج واضحة، مثل تحسن في مستوى المعيشة، وليس مجرد أرقام على الورق.
ويتابع، أن هذه القرارات جاءت متأخرة بعض الشيء، لكنها لا تزال ضرورية لمعالجة المشاكل الهيكلية للاقتصاد.مؤكدا في تقديري الشخصي أن الأزمة الحالية لن تحل بسهولة، لكن الجهود الجارية قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح.
نحو التوازن والمستقبل
واختتم الخبير الاقتصادي هانى أبو الفتوح حديثه لنافذة الشرق قائلا : “هذه القرارات تقلقني بشكل خاص لأنها تحمل المواطن عبئاً كبيراً. في تقديري، يجب أن تكون هناك جهود مشتركة ومتوازنة وحوار شفاف بين الحكومة، والشركات الكبرى، والمجتمع المدني والمواطنين لتحقيق هذا التوازن. برغم التحديات، أرى بوادر إيجابية تستحق الدعم، مثل تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية. كما أعتقد أن الفرصة لا تزال قائمة لتصحيح المسار إذا ما تم التركيز على تحسين حياة المواطنين بالتوازي مع الإصلاحات الاقتصادية.

الحلول المؤقتة لم تعد كافية. وفي رأيي، نحن نحتاج إلى حوار وطني أوسع يشمل جميع الأطراف لضمان أن القرارات تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية. في النهاية، أعتقد أن مصر قادرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي إذا استمرت في هذا المسار، مع ضرورة الاهتمام باحتياجات المواطنين. هذا هو تحليلي المتواضع للوضع، وقد أكون مخطئاً، لكن هذا هو تصوري الحالي للمشهد الاقتصادي المصري.”

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.