ماهى بروتوكولات البعوضة والدبابير التى استخدمت الفلسطينين كدروع بشرية وفقا لاعترافات ضباط اسرائيليين وموقف القانون الدولي ؟

169

كتبت بسنت السيد
كشفت وكالة “أسوشيتد برس الأمريكية في تقرير نشرته السبت، أن القوات الإسرائيلية تُجبر الفلسطينيين على دخول المنازل والأنفاق للتحقق من خلوها من المتفجرات والمسلحين، وسط إنكار رسمي في إسرائيل، فيما تؤكد شهادات فلسطينيين وجنود إسرائيليين انتشار هذه الممارسة المحظورة دولياً.حصلت الوكالة ” الأميركية على اعترافات من جنود إسرائيليين تؤكد أن الجيش الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية في قطاع غزة والضفة الغربية “بشكل منهجي” خلال الحرب المستمرة منذ 19 شهراً.
إجبار على دخول منازل في غزة
وثقت الوكالة عن الفلسطيني أيمن أبو حمدان شهاداته:” إن الجيش الإسرائيلي جعله يرتدي زياً عسكرياً ويثبت كاميرا على جبهته، وأجبرته على دخول المنازل في غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين، وعندما انتهت إحدى الوحدات من استخدامه كـ”درع بشري”، تم نقله إلى وحدة أخرى.
ليس لديك خيار آخر
ويروى ابو حمدان، واصفاً فترة احتجازه التي استمرت لمدة أسبوعين ونصف الصيف الماضي لدى الجيش الإسرائيلي في شمال غزة: “لقد ضربوني وقالوا لي: (ليس لديك خيار آخر، افعل هذا أو سنقتلك)”.
وذكر أبو حمدان أنه اعتُقل في أغسطس بعد فصله عن عائلته، وأخبره الجنود أنه سيساعد في “مهمة خاصة”، مضيفاً أنه أُجبر لمدة 17 يوماً على تفتيش المنازل، وفحص كل حفرة في الأرض بحثاً عن أنفاق.
وأوضح أن الجنود كانوا يقفون خلفه، وبعد التأكد من خلو المكان كانوا يدخلون المباني لتدميرها أو إتلافها، وأنه كان يقضي كل ليلة مكبلاً في غرفة مظلمة، ليستيقظ صباحاً ويفعل ذلك مجدداً.
اعترافات لضباط إسرائيلين
وفى اعترافات سجلتها الوكالة قال ضابط إسرائيلي، أن “الأوامر غالباً ما كانت تأتي من الأعلى، وفي بعض الأحيان كانت كل سرية تقريباً تستخدم فلسطينياً لتفتيش المواقع”.
إجبار على العمل كدروع بشرية
وفي شهادتهم للوكالة أكد عدة فلسطينيين وجنود إسرائيليين لـ”أسوشيتد برس” أن القوات الإسرائيلية تُجبر الفلسطينيين “بشكل منهجي” على العمل كدروع بشرية في القطاع الفلسطيني، حيث يُرسلون إلى المباني والأنفاق لتفتيشها، مشيرين إلى أن هذه الممارسة الخطيرة أصبحت “شائعة على نطاق واسع” خلال الحرب.
نفي الجيش الإسرائيلى
ومن جانبه ، قال الجيش الإسرائيلي في بيان للوكالة، إنه يحظر تماماً استخدام المدنيين كدروع بشرية، مضيفاً أن “جميع هذه الأوامر يتم التأكيد عليها بشكل روتيني للقوات”.
وأشار إلى أنه يحقق في عدة حالات تتحدث عن مشاركة فلسطينيين في مهام عسكرية، لكنه لم يقدم تفاصيل بشأنها، ولم يرد على أسئلة الوكالة بشأن مدى انتشار هذه الممارسة أو الأوامر الصادرة من القادة.
وتحدثت “أسوشيتد برس” مع 7 فلسطينيين أكدوا أنه تم استخدامهم كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية المحتلة، وكذلك مع اثنين من أفراد الجيش الإسرائيلي أكدا تورطهما في هذه الممارسة التي يحظرها القانون الدولي.
تحذيرات منظمات حقوق الإنسان
وعلى صعيد آخر أطلقت منظمات حقوق الإنسان تحذيرات، قائلة إن هذه الممارسة أصبحت “إجراءً اعتيادياً” يُستخدم بشكل متزايد في الحرب الإسرائيلية.
وقال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة “كسر الصمت”، وهي مجموعة تضم جنوداً إسرائيليين سابقين جمعت شهادات عن هذه الممارسة من داخل الجيش: “هذه ليست روايات معزولة، بل تشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مروّع”
استخدام الفلسطينين كدروع منذ عقود
وأكدت عدة منظمات معنية بحقوق الإنسان أن إسرائيل تستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية منذ عقود، وقد حظرت المحكمة العليا هذه الممارسة في 2005، لكن المنظمات واصلت توثيق الانتهاكات.
ومع ذلك، قال خبراء إن هذه الحرب هي الأولى منذ عقود التي تنتشر فيها هذه الممارسة والنقاش حولها بهذا الشكل الواسع.
بروتوكول البعوضة والدبابير
وفقا لاعترافات الجنديان الإسرائيليان اللذان تحدثا مع الوكالة الأميركية، وجندي ثالث قدّم شهادة لـ”كسر الصمت”،أكدوا جميعا إن القادة كانوا على عِلم باستخدام الدروع البشرية وتسامحوا معه، بل وأصدر بعضهم أوامر بذلك، مشيرين إلى أن هذا الأمر كان يُعرف بـ”بروتوكول البعوضة”، وأن فلسطينيين كان يُشار إليهم بأسماء مثل “الدبابير”.
وأوضح الجنود، الذين أشاروا إلى أنهم لم يعودوا يخدمون في غزة، أن هذه الممارسة سرَّعت العمليات، ووفرت الذخيرة، وأنقذت كلاب العمليات العسكرية من الإصابة أو الموت.
وتابع الجنود أنهم لاحظوا استخدام الدروع البشرية بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وأن الأمر انتشر على نطاق واسع بحلول منتصف 2024، لافتين إلى أن أوامر (اجلب أحد الفلسطينيين) كانت تصلهم عبر أجهزة اللاسلكي، وهو التعبير الذي كانوا يفهمونه جميعاً.
انتشار واسع النطاق
وأكد أحد الضباط الذين تحدثوا إلى “أسوشيتد برس” أن الجنود كانوا يُنفّذون أوامر القادة، قائلاً إنه بحلول نهاية الأشهر التسعة التي قضاها في غزة، كانت كل وحدة مُشاة تستخدم فلسطينياً لتفتيش المنازل قبل دخولها. وأضاف: “بمجرد أن بدأت هذه الفكرة، انتشرت كالنار في الهشيم”.
وحول موقف القانون الدولي استطلعت نافذة الشرق رأى الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي في حديثه حيث قال : “أن استخدام الفلسطينين”دروع بشرية”يعد أحد الفظائع الاسرائيلية الممنهجة التى تفضح انتهاكات القانون الدولي منوها ،إلى الاعترافات المروعة من جنود إسرائيليين وفلسطينيين، لتكشف عن سياسة ممنهجة وبغيضة يتبعها الجيش الإسرائيلي في استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية في قطاع غزة والضفة الغربية
وأضاف سلامة. هذه الممارسات الشنيعة، التي استمرت طوال 19 شهراً من الحرب، تمثل انتهاكاً جسيماً وصارخاً لكل مبادئ القانون الدولي الإنساني، وتضرب عرض الحائط بالاتفاقيات الدولية الهادفة إلى حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
عنصرية إسرائيل في استخدام الفلسطينين كدروع بشرية
وأوضح استاذ القانون الدولي ،إن ما تكشفه هذه الشهادات، وعلى رأسها شهادة أيمن أبو حمدان الذي أُجبر على ارتداء زي عسكري ودخول المنازل والأنفاق للتحقق من خلوها من المتفجرات، ليس مجرد حوادث فردية معزولة، بل هو نمط سلوكي عنصري مقيت فالجيش الإسرائيلي، بدلاً من صيانة رفاهية وحماية حياة المدنيين وفقاً للاتفاقية الرابعة لجنيف لعام 1949، يلجأ إلى الترهيب والتعذيب، مهدداً الفلسطينيين بالقتل إذا رفضوا أن يكونوا أدوات في جرائمه.
وتابع ،هذه السياسة، التي تتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والضمير الإنساني، تفضح الطبيعة العنصرية للصهيونية حتى في أوقات الحرب.
فبينما يدعي القانون الدولي ضرورة التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وتوفير الحماية لهؤلاء الأخيرين، تستغل إسرائيل ضعف الفلسطينيين وحاجتهم، محولة إياهم إلى أدوات قسرية تعرض حياتهم للخطر المباشر.
المعاهدات الدولية والقانون الدولي يحظران استخدام المدنيين دروعا بشرية
وأكد أيمن سلامة في حديثه للموقع إن استخدام الدروع البشرية محظور بشكل قاطع بموجب القانون الدولي العرفي والمعاهدات الدولية، بما في ذلك نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يعتبرها جريمة حرب ،لافتا إلى أن هذا السلوك الإسرائيلي الممنهج لا يعرض حياة الأبرياء للخطر فحسب، بل يهدف أيضاً إلى إعاقة العمليات العسكرية للطرف الآخر، مما يزيد من تعقيد النزاع ويؤجج دوامة العنف.
يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك فوراً لوقف هذه الانتهاكات الصارخة.
وشدد استاذ القانون الدولي على ضرورة سرعة التحرك الدولى بشكل فورى لوقف هذه الانتهاكات الفاضحة مؤكداً أن الصمت أو التغاضي عن هذه الفظائع يعني التواطؤ في جرائم حرب ترتكب ضد الإنسانية. إن الوقت قد حان لمساءلة إسرائيل عن هذه الممارسات البغيضة، وتقديم الجناة إلى العدالة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً، حفاظاً على كرامة الإنسان وصوناً لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
ويختتم حديثه متساءلا هل سيتخذ العالم موقفاً حازماً لوضع حد لهذه الجرائم؟
“لا داعي للقلق بشأن القانون الإنساني”
ويستكمل ضباط اسرائيليين أكدوا للوكالة أنه كانت تأتيهم اوامر عن اجتماع تخطيطي عُقد في 2024، قام خلاله قائد لواء بعرض شريحة مكتوب عليها “أحضر بعوضة” لأحد قادة الفرق، واقترح عليهم “اصطيادها من الشوارع”، وأكد أنه كتب تقريرين عن هذه الوقائع إلى قائد اللواء يُفصّل فيهما استخدام الدروع البشرية.
وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يتم رفع هذه التقارير إلى قائد الفرقة، لكن الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على الأمر للوكالة حينما تم سؤاله عما إذا كان تم استلام هذه التقارير.
سقوط ضحايا من الدروع البشرية
أحد هذه التقارير وثّق سقوط فلسطيني أثناء هذه العمليات، حيث لم تدرك القوات الإسرائيلية أن وحدة أخرى كانت تستخدمه كدرع بشري، فأطلقت النار عليه أثناء دخوله منزلاً، وقد أوصى الضابط بارتداء الفلسطينيين زي الجيش لتجنب الخطأ في التعرف عليهم، قائلاً إنه يعلم عن فلسطيني آخر على الأقل سقط أثناء استخدامه كدرع بشري داخل أحد الأنفاق.
وقال جندي إسرائيلي للوكالة إن وحدته حاولت رفض استخدام الدروع البشرية في منتصف 2024، لكن قيل لهم إنه لا خيار لديهم، وأخبرهم ضابط رفيع المستوى أنه “لا داعي للقلق بشأن القانون الإنساني الدولي”.
وأضاف الجندي، الذي طلب عدم كشف هويته خوفاً من التعرض للانتقام، إن القوات استخدمت فتى عمره 16 عاماً ورجلاً عمره 30 عاماً لعدة أيام، مشيراً إلى أن الصبي كان يرتجف باستمرار، وكلاهما كان يردد “رفح، رفح”، قائلاً إنهما بديا وكأنهما يريدان إطلاق سراحهما.
قصة ابو مسعود لقائه باخيه.
ونقلت الوكالة عن مسعود أبو سعيد قوله إنه استُخدم كدرع بشري لمدة أسبوعين في مارس 2024 في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وحينها قال للجندي الإسرائيلي: “هذا أمر بالغ الخطورة. لدي أطفال أريد أن أراهم مرة أخرى”.
وأضاف ابوسعيد البالغ من العمر 36 عاماً أنه أُجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى لحفر الأنفاق المشتبه بها وتطهير المناطق، مشيراً إلى أنه كان يرتدي سترة طوارئ لتمييزه، وكان يحمل هاتفاً ومطرقة وقواطع سلاسل.
وذكر أنه التقى بأخيه خلال إحدى العمليات، حيث كان يُستخدم كدرع بشري أيضاً من قِبَل وحدة إسرائيلية أخرى.
شهادة ومأساة
كما أفاد فلسطينيون آخرون بأنهم استُخدموا كدروع بشرية في الضفة الغربية، ونقلت الوكالة عن هزار إستيتي قولها إنها أُخذت من منزلها في مخيم جنين من قبل الجنود الإسرائيليين في نوفمبر الماضي، وأُجبرت على التصوير داخل عدة شقق وتطهيرها قبل دخول القوات، مضيفة أنها طالبت الجنود بالسماح لها بالعودة إلى ابنها الذي يبلغ من العمر 21 شهراً، لكنهم لم يستمعوا إليها.

الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.