محللون استراتيجيون: السلطة الشرعية اليمنية أمام تحديات داخلية متصاعدة وإسرائيل تواجه أخطر أزماتها البنيوية(خاص)
كتبت : بسمة هانى
في حديث خاص لموقع نافذة الشرق، أكد الدكتور عبدالله نعمة، الباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي اللبناني، أن محاولة السلطة الشرعية اليمنية تهدئة الأوضاع عبر تلبية بعض مطالب حلف القبائل لم تحقق النتائج المرجوة، بل فتحت المجال لتوسع رقعة الاحتجاجات. وقال نعمة إن هذه الخطوة لم تكن سوى بوابة لانطلاق حراك شعبي أوسع، مدفوع بمطالب اقتصادية واجتماعية مشروعة، لكنها تتقاطع مع خلفيات سياسية عميقة تتعلق برفض بعض القوى الإذعان لقيادة البلاد.
وشدد الدكتور عبدالله على أن دخول أطراف نقابية وسياسية على خط التظاهرات أضاف بعدًا تصعيديًا جديدًا، لا سيما أن معظم الاحتجاجات في المحافظات النفطية باتت تعبّر عن استياء حقيقي من تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، وهو ما يدفع السلطة إلى موقف دفاعي.
وأوضح أن المجلس الرئاسي الشرعي في اليمن بات يشعر بقلق متزايد من صعود حلف القبائل الذي يحاول ترسيخ نفسه كقوة محاورة وحيدة أمام الدولة. وأضاف أن تجاوب القيادة السياسية مع بعض مطالب هذا الحلف يعكس خشية من أن يتحول إلى بديل سياسي محتمل، خاصة مع تنامي دوره الشعبي.
وأكد الدكتور نعمة أن هذه الاحتجاجات الشعبية باتت تكشف مدى هشاشة العلاقة بين القيادة الشرعية ومختلف القوى الفاعلة على الأرض. ونوّه إلى أن السلطة لا تنظر بعين الرضا إلى تحركات الحلف القبلي، بل تعتبره مشروعًا مهددًا لموقعها ومشروعها السياسي، خاصة في المناطق ذات الثروات الطبيعية مثل حضرموت.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن القيادة تخشى من أن تتحول مطالب الحلف إلى دعوات للحكم الذاتي أو الفيدرالية، وهو ما قد يفتح الباب أمام تصعيد أوسع يصعب احتواؤه.
من جهة أخرى، أوضح الدكتور أحمد يونس، الباحث والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص، أن ما يجري في إسرائيل لم يعد مجرد احتجاجات قطاعية، بل يمثل أزمة بنيوية تهدد جوهر “الديمقراطية الإسرائيلية”. وأشار إلى أن الشارع الإسرائيلي يشهد انقسامًا حادًا حول هوية الدولة، بين من يريدها يهودية استبدادية، ومن يطالب بدولة ديمقراطية علمانية.
وقال يونس إن اتساع رقعة الاحتجاجات، رغم استمرار الحرب في غزة، يعكس عمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعصف بإسرائيل. وأضاف أن الحكومة تحاول التقليل من أهمية هذه التحركات، لكنها في الواقع تشكل تهديدًا داخليًا يفوق أي تهديد خارجي.
ولفت إلى أن الاحتجاجات تميزت بتنوع المشاركين فيها، من اليساريين والليبراليين إلى طلاب الجامعات والنقابات، مرورًا بجنود الاحتياط، وصولًا إلى شرائح يمينية معتدلة. وأكد أن هذه الفسيفساء تشير إلى تحول نوعي في المزاج العام الإسرائيلي.
وشدد الدكتور يونس على أن شعارات المتظاهرين، مثل “لا ديمقراطية بدون قضاء مستقل” و”نريد انتخابات الآن”، تعبّر عن انتقال المطالب من الطابع الإصلاحي إلى المطالب البنيوية التي تمس جوهر النظام السياسي.
وأضاف أن المجتمع الدولي، خاصة في أوروبا الغربية، بدأ يظهر تململاً واضحًا من المسار الذي تتبعه حكومة نتنياهو، رغم الحذر الأميركي التقليدي في هذا الشأن. وأوضح أن الضغط الناعم الذي تمارسه منظمات المجتمع المدني ومراكز الفكر الغربية قد يسهم تدريجيًا في تقويض صورة إسرائيل كدولة ديمقراطية.
وفي ختام حديثه، عرض الدكتور يونس ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل المشهد الإسرائيلي:
- انهيار الائتلاف الحاكم بفعل الضغوط الشعبية.
- الذهاب لانتخابات مبكرة.
- الرهان على احتواء الأزمة بعد الحرب، وهو الخيار الذي تعتمده الحكومة لكنه محفوف بالمخاطر في حال فشل العمليات العسكرية أو ارتفاع تكلفتها.
وأكد في ختام حديثه أن الداخل الإسرائيلي يعيش لحظة فارقة قد تحدد مستقبل الدولة وشكل نظامها السياسي لعقود قادمة.
وفي هذا الإطار قالت الكاتبة والباحثة في الشأن السياسي عبير بسام، في حديث خاص لموقع نافذة الشرق
إن موجة الإحتجاجات الأخيرة داخل إسرائيل، وعلى رأسها مشهد الرؤوس الملطخة بالدماء التي تمثل بنيامين نتنياهو، تعكس بشكل لا لبس فيه حجم الغضب الشعبي تجاه سياسات رئيس الحكومة. لكنها في الوقت ذاته شددت على أن هذا الغضب الشعبي، رغم رمزيته الشديدة، لا يعني بالضرورة تأثيراً جوهرياً على مستقبل نتنياهو السياسي، خاصة في ظل التوازنات الداخلية المعقدة في إسرائيل.
ظاهرة الرؤوس المقطوعة غضب عابر دون عمق إستراتيجي
لفتت بسام إلى أن ظاهرة الرؤوس المقطوعة التي تصدرت مشاهد الاحتجاج، ورغم دلالتها الرمزية، تم وأدها سريعاً خلال يومين فقط، ما يدل على محدودية تأثيرها في المشهد السياسي العام.
وأكدت أن هذه الرمزية لا تحمل فعلياً قدرة على تغيير الواقع القائم أو على قلب المعادلة السياسية، خصوصاً أن المؤسسة الإسرائيلية العسكرية والأمنية ماضية في سياساتها دون اكتراث فعلي بردود الفعل الشعبية.
الانتصار على المقاومة بوابة نتنياهو للعودة القوية
أوضحت بسام أن مستقبل نتنياهو السياسي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرته على تحقيق “نصر” حاسم على المقاومة الفلسطينية، بل وعلى حزب الله أيضاً.
وأضافت: إذا تمكن نتنياهو من القضاء على حماس وبقية فصائل المقاومة في غزة، وجر حزب الله إلى معركة شاملة تُنهكه، فإن ذلك سيكون بمثابة إنجاز تاريخي يمنحه تفوقاً انتخابياً قد لا يضاهيه أي إنجاز سابق منذ أيام بن غوريون.
التحولات الديمغرافية والسياسية في إسرائيل تصب لصالح التطرف
نوهت الباحثة إلى أن بنية المجتمع الإسرائيلي قد تغيرت جذرياً.
وقالت: لم تعد الأغلبية من حزب العمل أو من يوصفون بالمعتدلين أو غير المتدينين، بل نحن في زمن صعود المتدينين اليهود والصهاينة المتطرفين، الذين يقودون الدولة نحو مشروع بناء الهيكل المزعوم بلا هوادة.
وأشارت إلى أن هذه التحولات تخلق بيئة خصبة لعودة نتنياهو بشكل أكثر تطرفاً ودموية في حال تمكن من إنجاز مهمته.
المنطقة العربية في سبات عميق
أعادت بسام التأكيد على أن ما وصفته ب”القيلولة الطويلة” التي تمر بها المنطقة العربية، ساهمت في تمادي إسرائيل في سياساتها.
ولفتت إلى أن هذا الغياب العربي، سياسياً وشعبياً، يجعل من نتنياهو أو أي خليفة له في الحكومة الإسرائيلية قادراً على مواصلة النهج العدواني دون كلفة حقيقية.
المستقبل المجهول بعد فلسطين ولبنان
أطلقت بسام تحذيراً لافتاً، مشيرة إلى أن إسرائيل، إن نجحت في كسر المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومع تدمير البنية العسكرية السورية، فقد تضع مصر في قائمة أهدافها المقبلة. وقالت في ختام حديثها: “إذا بلغ نتنياهو غايته، فإنه سيعود لا لينسحب، بل ليخوض معركة أرماغدون.
ومن جهة أخرى تحدثت الدكتورة عبير بسام عن الاحتجاجات التي قد تُستخدم كورقة ضغط داخلية لا أكثر
و أوضحت بسام أن هناك من يرى هذه الاحتجاجات مجرد ورقة ضغط داخلية تُستخدم من قِبل المعارضة أو حتى بعض الأطراف داخل الحكومة نفسها لإعادة ترتيب أوراق المشهد السياسي، دون نية حقيقية في تغيير جذري.
وقالت: ليس من المستبعد أن تكون بعض هذه التحركات موجَّهة أو مضبوطة الإيقاع، بهدف إحتواء الغضب العام دون السماح له بالخروج عن السيطرة”.
وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تمتلك خبرة طويلة في امتصاص موجات الغضب الشعبي، وغالباً ما تراهن على عامل الوقت والتعب الشعبي لتفكيك الزخم. وأضافت: لهذا، فإن الرهان الحقيقي لا يجب أن يكون فقط على إستمرار التظاهرات، بل على قدرتها في التحول إلى كتلة سياسية ضاغطة تمتلك مشروعاً بديلاً.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.