محور “موراغ” يعطل صفقة غزة.. ومحلل فلسطيني: خطة تهجير مموهة تستهدف سكان القطاع

4

كتب: عبدالله عمارة
في ظل استمرار المباحثات غير المباشرة في الدوحة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، تتعثر جهود التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار تل أبيب على البقاء في محور “موراغ”، جنوب قطاع غزة، وهو ما يكشف، بحسب محللين، عن أبعاد خطيرة تتعلق بمخططات تهجير جماعي للفلسطينيين، وتحويل مناطق جنوب القطاع إلى معازل شبه مغلقة.
وأوضح الدكتور عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، أن محور موراغ هو عبارة عن ممر يمتد من الشرق إلى الغرب ويفصل مدينة رفح عن مدينة خان يونس، مشيرًا إلى أن هذا المحور “أقيم بعد رفض حماس لمقترح ويكتوف، بحوالي شهر وعشرة أيام”، ولو كانت وافقت في ذلك الوقت، “لما كان هناك محور موراغ من الأساس”.

دكتور عبد المهدي مطاوع محلل سياسي فلسطيني


مدينة “آمنة” للتهجير.. ومعازل جماعية
وأشار مطاوع في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، إلى أن محور موراغ يمثل ترتيبًا أو خطة إسرائيلية بديلة في حال استمرار الوضع الحالي في القطاع، موضحًا أن هذه الخطة تهدف إلى فصل السكان غير المنتمين لحماس في مدينة تُوصف بالآمنة، وذلك لأسباب رئيسية، أولها تسهيل الهجرة أو التهجير فيما بعد، وثانيها “اعتبار من هو خارج هذه المدينة الآمنة تابعًا لحماس، والتعامل معه على هذا الأساس كهدف”، وهو ما وصفه مطاوع بأنه “أحد أشكال المعازل أو المعتقلات الجماعية”.
تكتيك إسرائيلي لفرض ما سبق رفضه
وأكد أن تمسك نتنياهو بمحور موراغ، وكذلك الموقف الإسرائيلي عمومًا، يستندان إلى منطلقين. الأول أن إسرائيل تتبع في مفاوضاتها سياسة رفع السقف، حيث “كلما رفض الطرف الفلسطيني عرضًا، تزيد إسرائيل من تعقيد الأمور في الفترة التالية حتى لا تتفاوض معه على العرض ذاته، بل تدفعه إلى التفاوض على ما رفضه”.
أما المنطلق الثاني، فيتمثل بحسب مطاوع في “محاولة نتنياهو وإسرائيل وضع خطة التهجير على الطاولة”، محذرًا من أن الخطورة تكمن في إعادة الحديث عن التهجير خلال لقاء نتنياهو وترامب، حيث قال نتنياهو: “لن نضغط على الفلسطينيين، من يرغب بالبقاء فليبقَ، ومن يرغب بالهجرة سنهجره”، مضيفًا: “هو يعني بذلك أنه سيستخدم الوضع الموجود في قطاع غزة، ويجعله غير قابل للحياة للضغط على الفلسطينيين للخروج برغبتهم”.
تسوية جزئية محتملة.. لكن إسرائيل مستفيدة
وبيّن مطاوع أنه من الممكن أن تكون هناك تسوية تتضمن تغييرًا أو انسحابًا جزئيًا من محور موراغ في المراحل الأخيرة من اتفاق الهدنة، لكنه لا يعتقد أن إسرائيل ستتخلى عنه بشكل كامل، قائلاً: “ممكن أن تزيحه إلى مسافة مختلفة”.
ولفت إلى أن إسرائيل مدركة أن حماس ليست لديها خيارات كثيرة، ورغم كل الضغوط، “لم يعد الحديث كما في البداية عن انسحاب كامل من قطاع غزة أو إيقاف نهائي للحرب”، مؤكدًا أن “إسرائيل مستفيدة من ذلك الوضع في جميع الأحوال”.
مصر ترفض مدينة الخيام.. وتخوفات من الجريمة
وتابع مطاوع: “الوسطاء مهمتهم تقريب وجهات النظر، وأعتقد أن مصر ترفض أصلًا فكرة وجود مدينة الخيام في رفح، لأسباب تتعلق أولًا بأنها تُعد من أشكال جرائم الحرب والعقاب الجماعي، وثانيًا بسبب الخشية من استغلال إسرائيل لهذه الأوضاع لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة من منطقة حدودية ساخنة”.
الخطر الأكبر في بناء مدينة الخيام
وأشار مطاوع إلى أن السيناريوهات المطروحة حاليًا قد تفضي إلى اتفاق، “ربما يحدث تغيير في هذه الخرائط بطريقة ترضي الطرفين، كما قلت، أي تغيير مكان المحور أو انسحاب جزئي، على أن يكتمل الانسحاب لاحقًا في نهاية الـ60 يومًا”، لكنه حذر من أن “إسرائيل تريد استغلال هذه المهلة لبناء مدينة الخيام في رفح”، معتبرًا أن “هذه هي خطورة الأمر”.
وأضاف: “قد يفشل المقترح، لكن لا توجد بدائل. بمعنى آخر، إذا فشل هذا المقترح، لن تكون هناك مفاوضات أخرى. هذه هي الفرصة الأخيرة، لذلك إسرائيل متشبثة بالتأكد من أن حماس لن تحصل على فرصة أخرى، وبالتالي من الصعب أن ترفض”.
الانهيار يقود إلى الحكم العسكري والتهجير الطوعي
وفي ختام تصريحاته، حذّر مطاوع من احتمال انهيار الاتفاق بشكل كامل، قائلًا: “طبعًا وارد أن الاتفاق ينهار، وهذا أمر مؤسف، لأنه لن يكون هناك قدرة على تغيير الوضع على الأرض عسكريًا”.
وأوضح أن الخيارات الإسرائيلية في حال الانهيار تتجه نحو حكم عسكري مؤقت، “حتى يتم تجهيز بديل للحكم”، مؤكدًا أن “هذا بالتأكيد سيدخل الناس في وضع غير مسبوق، وسيزيد من احتمالات التهجير الناعم أو التهجير الطوعي في المستقبل”، بما يحقق، على حد قوله، “لنتنياهو وترامب ما يريده كلٌ منهما”.
محور موراغ.. نقطة الاشتباك الأبرز في مفاوضات غزة
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل والمقاومة الفلسطينية مفاوضاتهما غير المباشرة برعاية دولية في العاصمة القطرية الدوحة، برز محور موراغ جنوب قطاع غزة كأهم عقدة تفاوضية تهدد بانهيار الاتفاق المرتقب. ووفق مصادر إسرائيلية، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصر على الاحتفاظ بهذا المحور، نزولًا عند مطلب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وذلك لإتاحة الفرصة لإقامة منطقة تجميع كبرى للفلسطينيين في رفح، تمهيدًا لخطة تهجير مستقبلية.
وكان المبعوث الأميركي ستيف ويكتوف قد أكد أن “الانسحاب من محور موراغ هو العائق الرئيسي أمام التوصل للاتفاق”، في حين انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إصرار نتنياهو، متسائلًا: “هل أصبح موراغ فجأة حجر الأساس لبقاء إسرائيل؟”، ومؤكدًا أن “التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب مكسب لإسرائيل، لأن استمرارها لم يعد مجديًا”.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.