مدريد محطة جديدة في دبلوماسية مصر الإقليمية ،ماذا تريد القاهرة من النرويج ؟
كتبت بسنت السيد
تشهد العلاقات الثنائية بين مصر واسبانيا مستوى من التفاهم والتناغم الذى يرقي إلى حد الشراكة الإستراتيجية وتجلى هذا عندما وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة الأسبانية بيدرو سانشيز في العاصمة الإسبانية مدريد، فبراير الماضى و تم إعلان ترفيع العلاقات بين مصر وأسبانيا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
تطورات الأوضاع الإقليمية على قائمة المباحثات
وفي بيان لها على صفحتها الرسمية قالت الرئاسة المصرية، على موقع فيسبوك، أن الجانبين عقدا جلسة مباحثات بمشاركة وفدي البلدين، تناولت مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع الإقليمية.
موقف إسبانى رافض للتهجير
وفي تصريحات إعلامية أكد رئيس الحكومة الإسبانية اتفاق إسبانيا الكامل مع موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين، مضيفاً أن إسبانيا ترفض بشكل حاسم وقاطع تهجير الفلسطينيين، وأنها سوف تدعم كل ما سوف يصدر عن القمة العربية المرتقبة، التي سوف تعقد بمصر، بشأن مسالة إعادة إعمار قطاع غزة والخطة المصرية في هذا الشأن وبما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، مشدداً على ضرورة تطبيق حل الدولتين.
ومن جانبه قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن “الأزمات الإقليمية كانت محورا مهما خلال المباحثات، مع رئيس الوزراء، حيث استعرضنا التطورات المتعلقة بالحرب فى قطاع غزة، ومستقبل القضية الفلسطينية”.
وأكد الرئيس، فى هذا السياق، على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار تبادل الرهائن والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية اللازمة، لإنقاذ أهالى غزة من الأوضاع المأساوية التى يعانون منها.
إشادة بأسبانيا وإعترافها بفلسطين
وظن جانبه أشاد السيسي بقرار إسبانيا الذى وصفه “باللشجاع والتاريخى”، الذى انحاز إلى الحق والعدل، عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير.
وأضاف السيسي :”أكدنا على أهمية دعم المجتمع الدولى، وتبنيه خطة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الشعب الفلسطينى ، وأكرر دون تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التى يتمسك بها، ووطنه الذى لا يقبل التفريط فيه، وبما يضمن البدء الفورى فى عمليات الإغاثة والتعافى المبكر”.
وشدد السيسي على ضرورة دعم المنظمات الدولية، العاملة فى المجال الإنسانى بالقطاع، وفى مقدمتها وكالة “الأونروا” التى لا يمكن الاستغناء عنها، فى تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطينى.
وأكد السيسي دعم مصر الثابت للشعب السورى، والوقوف إلى جانبه، لتحقيق تطلعاته المشروعة، وأهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، مع أهمية بدء عملية سياسية شاملة فى سوريا، بمشاركة كافة مكونات الشعب السورى.
رفض الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية
وعلى صعيد الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة في سوريا أعلن الرئيس المصري رفض بلاده التام لكافة أشكال “الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للجولان”، مشيرا إلى تناول الأوضاع فى لبنان وأهمية الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضى اللبنانية.
وقف الهجمات ضد السفن في باب المندب
وأشار السيسي إلى الاتفاق على أهمية تكثيف التعاون، لوقف الهجمات ضد السفن التجارية فى باب المندب، وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، فى منطقتى القرن الأفريقى والساحل.
وتعليقا على دور الدبلوماسية والعلاقات السياسية بين مصر ومدريد قال استاذ القانون الدولي الدكتور أيمن سلامة حيث قال :ُ”تشكل محطة مدريد الدبلوماسية الأخيرة لمصر، والتي جمعت وزير الخارجية المصري بنظيريه الإسباني والأوروبي، مؤشراً قوياً على تحول في استراتيجية القاهرة الإقليمية.
أردف سلامة :ففي ظل تعقيدات المشهد الفلسطيني-الإسرائيلي وتداعياته الجيوسياسية، لا تُعد هذه الزيارة مجرد لقاءات روتينية، بل هي استثمار مدروس لعلاقات مصر المتنامية مع الأطراف الأوروبية، بهدف تحقيق أهداف متعددة قد تشمل الضغط على إسرائيل وتنشيط المسار السياسي المتعثر.
وأوضح ،أنه على الرغم من عدم الإفصاح عن كافة تفاصيل المباحثات، تشير التسريبات الدبلوماسية والتصريحات الرسمية المقتضبة إلى أن المحور الرئيسي للنقاش تمحور حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، وضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
مبادرة هدنة طويلة الأجل
يعتقد سلامة أيضا من المرجح أن تكون القاهرة قد استعرضت رؤيتها لمبادرات هدنة مستدامة، مبنية على خبرتها الطويلة في الوساطة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية.
لم يقتصر الحديث على مجرد وقف إطلاق النار، بل امتد ليشمل آليات إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فعال ومستدام، وفتح المعابر، وتأمين وصول المساعدات إلى المحتاجين دون عوائق.
تتجه الأنظار نحو إمكانية بلورة مبادرة مصرية-أوروبية مشتركة لتثبيت وقف إطلاق النار الدائم، والذي يتجاوز مجرد التهدئة المؤقتة. فمصر، بوزنها الإقليمي وعلاقاتها التاريخية مع القضية الفلسطينية، تسعى لدعم أوروبي يضفي ثقلاً دولياً على جهودها.وفقا للمصدر
ولفت أستاذ القانون الدولي أن أوروبا، من جانبها، تدرك أن استقرار الشرق الأوسط يرتبط بشكل مباشر بأمنها القومي، وبالتالي فإنها معنية بالتوصل إلى حلول مستدامة. مؤكداً أن هذه المبادرة قد تشمل آليات مراقبة دولية لوقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات، وربما حتى طرح رؤية لمسار سياسي شامل يُفضي إلى حل الدولتين، بما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية.
الهجرة غير الشرعية
وعلى صعيد مسار آخر تنظر مدريد للقاهرة تحديداً في هذا الملف كدولة ذات تجربة ناجحة وتمتاز بخبرات الية فيه.
تعاون مصرى إسبانى لمكافحة الهجرة غير الشرعية
وفي تقرير نشره الباحث محمد هيكل في المرصد المصرى تناول فيه ما تعانيه اسبانيا من مشكلات بسبب توافد مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين لأراضيها عبر البحر قاطعين المتوسط سنوياً ,
وتناول هيكل الجهود المصرية والتى كان أخرها الجهود في هذا الإطار اجتماع بين السفير الإسباني، رامون خيل كاساريس، ومدير التعاون الإسباني بمصر، بينتورا رودريجيث، مع السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر،
مصرنموذجا يحتذي به فى مكافحة الهجرة غير الشرعية
ويقول هيكل تعتبر مصر أحد أكثر الدول نجاحاً في القضاء على الهجرة غير الشرعية من أراضيها وقد جاء ذلك بعد عدد من المبادرات والإسهامات والاتفاقات التنظيمية بين مصر والدول المعنية بالملف.
مؤتمرات دولية
ويذكر الباحث عدة مؤتمرات واجتماعات دولية فيما يخص مسار التحركات الدبلوماسية في ملف الهجرة غير الشرعية ومكافك أسبابها إذ بدأ الحراك الدبلوماسي نوفمبر عندما 2014 شاركت مصر فيما يعرف بــ” إعلان روما” المعني بمساعدة دول القرن الإفريقي في مكافحة أسباب الهجرة غير الشرعية، وفي نوفمبر 2015 شاركت مصر في الإعداد والتحضير ل” قمة فاليتا في مالطا ” حول الهجرة غير الشرعية.
أما في يونيو 2016 فقد ترأست مصر الاجتماع الوزاري الثاني لمبادرة الاتحاد الإفريقي حول الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، في مارس 2017 قامت مصر بالتعاون مع إيطاليا بتدريب مجموعات من قيادات الشرطة في 22 دولة إفريقية على الأساليب الحديثة لمجابهة الهجرة غير الشرعية والقبض على المتاجرين بالبشر.
اتفاقية مكافحة الهجرة غير الشرعية
وفي نوفمبر 2017 استضافت مصر بالأقصر المؤتمر الأول من نوعه حول مسارات الهجرة غير الشرعية بين إفريقيا وأوروبا، وكنتيجة لهذه الجهود المستمرة وقعت مصر مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأشخاص والإتجار بالبشر وتضمنت الاتفاقية 7 مشروعات بقيمة إجمالية وصلت ل 60 مليون يورو وهو ما يعكس الثقة الأوروبية في الالتزام المصري بالقضاء على هذه الظاهرة من جذورها وليس فقط معالجة اعراضها.
وبالإضافة لما سبق فقد استضافت مصر في نوفمبر من العام 2019 المنتدى الإقليمي الأول لمكافحة الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في إفريقيا، كما أطلقت مصر بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ” مشروع تفكيك شبكات الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في شمال إفريقي.
نظرة اسبانيا لمصر كلاعب ذو خبرة في مكافحة الهجرة غير الشرعية
لذا ترى إسبانيا في مصر لاعباً أساسياً ذو خبرة وتجربة رائدة في مجابهة مشكلة الهجرة غير الشرعية أو غير النظامية وهو ما أسفر عنه العديد من أوجه التعاون بين البلدين كان أخرها ” حملة إعادة التوطين” والتي بموجبها تدرب مصر عددا من طالبي اللجوء وتقدم لهم الرعاية الأساسية قبل أن يتم توجيههم لإعادة التوطين واللجوء في إسبانيا بموجب اتفاق بين البلدين.
النرويج والاعتراف بدولة فلسطين
وتلعب مصر دورا كبيرا في دعم القضية الفلسطينية وذلك من خلال الدور الإقليمى متعدد المسارات وعن دور مصر في النرويج ومساعيها للاعتراف بدولة فلسطين ليصل عدد الدول الأوروبية التى اعترفت بإسرائيل.
كدولة مستقلة ولها سيادة بلغ العدد 147دولة وآخرها اليوم عندما أعلن وزير خارجية النرويج الاعتراف بدولة فلسطين ورفض الانتهاكات الإسرائيلية في حق المدنيين فبعد جهود دولية واجتماعات وتحضيرات وسط تحذيرات حدوث وضع كارثى تعانى منه غزة ،هل هذا يمهد للاعتراف بفلسطين دولة ؟
وفي تصريحات إعلامية اعتبر وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، أن العناصر الرئيسية لحل النزاع بين إسرائيل وفلسطين يجب أن تكون عبر الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، بالإضافة إلى التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وكذلك بناء الدولة الفلسطينية بناءً فعلياً على أن تكون قادرة على إدارة قطاع غزة على المدى الطويل.
ويرى المراقبون أن مؤتمر مدريد جاء بخطوات عملية وحراك دبلوماسي متجدد في اتجاه حل الدولتين ،أذ ترسخ للجانب الأوروبي أن مسار حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين ،وتفعيل الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف اطلاق النار وإدخال المساعدات بعد تصاعد التلويح بعقوبات على إسرائيل وتهديدات بتعليق اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.