مساعد وزير الخارجية الأسبق: انتقال مكاتب الأمم المتحدة للعاصمة الإدارية خطوة تنظيمية تعزز مكانة مصر الدولية

4

كتب: عبدالله حسانين
قال السفير صلاح عبد الصادق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية والقطرية في العاصمة الإدارية الجديدة يعد خطوة طبيعية ومنطقية ضمن مسار نقل المؤسسات الحكومية والدبلوماسية إلى العاصمة الجديدة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس تخطيطًا سليمًا بدأته الدولة منذ عام 2015، ويعزز من كفاءة التواصل بين منظومة الأمم المتحدة والحكومة المصرية.
وأضاف عبد الصادق، في تصريحات خاصة لـ”نافذة الشرق”، أن وجود مقر دائم وموحد للأمم المتحدة بالعاصمة الإدارية سيسهل بشكل كبير التنسيق بين مكاتب المنظمة الدولية وبين الوزارات والهيئات المصرية المختلفة، خاصة مع تركز كل مؤسسات الدولة حاليًا في الحي الحكومي الجديد.
وأوضح أن العاصمة الإدارية بُنيت بالأساس لتكون مركزًا إداريًا حديثًا يخفف العبء عن القاهرة القديمة، ويرتقي بمستوى الخدمات الحكومية ويعالج أزمات التكدس والازدحام، وبالتالي فإن انتقال مكاتب الأمم المتحدة إليها ليس فقط خطوة سياسية بل تنظيمية في الأساس، تؤكد على أن التخطيط الحضري الجديد للدولة يسير في مسار مدروس.
نقلة نوعية للتعاون مع الأمم المتحدة
وأشار عبد الصادق إلى أن نقل المكاتب الأممية من مواقع متفرقة في القاهرة إلى مقر موحد بالعاصمة الجديدة، من شأنه أن يحقق نقلة نوعية في التعاون مع الأمم المتحدة، لافتًا إلى أن المنظمة تتعامل عبر العديد من الأذرع الدولية كاليونسكو، والفاو، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وغيرها، وهو ما يجعل من “بيت الأمم المتحدة” مركزًا استراتيجيًا للعمل الأممي من داخل مصر.
وتابع: “المنظومة الأممية تتألف من عشرات الهيئات والبرامج، ويُعد وجودها داخل كيان موحد بجوار مؤسسات الدولة فرصة لتعظيم فاعليتها، وتسهيل التنسيق معها، وتوفير بيئة عمل منظمة وآمنة، بدلًا من التوزيع العشوائي للمقار في أحياء مزدحمة مثل وسط البلد”.
مكاسب تنظيمية قبل أن تكون سياسية
وعن المكاسب المحتملة من هذه الخطوة، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الربح السياسي قد لا يكون مباشرًا، لكن التأثير الأكبر يتمثل في الجوانب التنظيمية والإدارية والاقتصادية.
وقال: “ليست خطوة للمجال السياسي بقدر ما هي خطوة تنظيمية دقيقة، ستؤدي إلى تخفيف التكدس داخل القاهرة، خاصة مع تزايد حركة المراجعين لمكاتب مثل وكالة اللاجئين وغيرها، حيث كانت تلك المكاتب تستقبل الآلاف يوميًا في مواقع مزدحمة، والآن سيتم نقلها إلى بيئة أرحب وأهدأ في العاصمة الإدارية”.
وأضاف: “بدل ما تكون مكاتب الأمم المتحدة موزعة على أكثر من حي بالقاهرة، سيكون هناك مركز موحد يسهل تعامل الدولة مع المنظمات، والعكس أيضًا، وهو ما يسهم في رفع كفاءة التنسيق الإداري، وتقديم خدمة أفضل، سواء على مستوى اللجوء أو التنمية أو المشروعات المشتركة”.
العاصمة الإدارية جاهزة لاحتضان المؤسسات الدولية
وعن مدى جاهزية العاصمة الإدارية لاحتضان مقار بهذا الحجم، شدد عبد الصادق على أن المدينة أصبحت مكتملة الخدمات والبنية التحتية، مؤكدًا أن الحكومة أنهت بالفعل نقل كافة وزاراتها ومجلس الوزراء إلى العاصمة الجديدة، وأن تهيئة البيئة المؤسسية سبق قرار إنشاء مقر الأمم المتحدة، لا العكس.
وأوضح: “نحن لا نستعد للمنظمات الدولية، بل نحن جاهزون، والمنظمات هي من تأتي إلى بيئة مجهزة بالكامل… طرق، بنية رقمية، خدمات، كل شيء متوفر”، مشيرًا إلى أن العاصمة الإدارية لم تُبنَ فقط كمقر حكومي، بل كمركز دولي حديث قادر على استضافة مؤسسات عالمية، مثلما حدث مع مقر وكالة الفضاء الإفريقية الذي افتُتح مؤخرًا أيضًا.
مصر مركز دولي للعمل متعدد الأطراف
وفي ختام تصريحاته، أكد عبد الصادق أن مصر تظل من الدول المحورية في النظام الدولي، مشيرًا إلى أن معظم المنظمات الإقليمية والدولية الكبرى تتخذ من القاهرة مقرًا رئيسيًا لها، سواء على المستوى الإفريقي أو الأممي، وأن توحيد المقرات داخل العاصمة الإدارية سيساعد في ترسيخ صورة مصر كدولة داعمة للعمل الدولي، ومنصة نشطة للحوار والشراكة متعددة الأطراف.
وأوضح: “من الاتحاد الإفريقي إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، إلى الوكالات الأممية المختلفة… كلها مؤسسات تجد في مصر بيئة مناسبة، وهذا يعكس الثقة الدولية في الدولة المصرية واستقرارها ودورها البناء”.
خطاب السيسي يؤكد الالتزام الأممي
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن، في كلمة مسجلة يوم الاثنين 23 يونيو 2025 بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيس الأمم المتحدة، عن بدء مصر في خطوات تنفيذية لإنشاء مقر جديد للمكاتب الإقليمية والقطرية للأمم المتحدة داخل العاصمة الإدارية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تُعد امتدادًا للدور التاريخي لمصر في دعم المنظمة الأممية وتعزيز فاعليتها.
وقال السيسي إن مصر، باعتبارها من الدول المؤسسة للمنظمة، مستمرة في دعم جهود السكرتير العام لإصلاح آليات العمل الأممي، وتدعو إلى احترام القانون الدولي وتجنب ازدواجية المعايير في مواجهة التحديات الدولية، وعلى رأسها تغير المناخ، والنزاعات المسلحة، وقضايا المياه وحقوق الإنسان.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.