من الحضور الرمزي إلى الفاعلية السياسية.. قراءة في تحولات تمثيل الشباب بمجلس الشيوخ
تقرير: علياء الهواري
مع انتهاء ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025 بات من الضروري قراءة المشهد السياسي الجديد، وتحديدًا عبر زاوية غائبة لسنوات لكنها بدأت تفرض حضورها تدريجيًا الشباب.
في هذا السياق أجرينا حوارًا مع مجلس الشباب المصري ممثلًا في الأستاذ أحمد البنهاوي، عضو المكتب التنفيذي، للوقوف على أبرز ملامح هذه الدورة الانتخابية، وخريطة القوى السياسية الجديدة، ومدى فاعلية مشاركة الشباب في هذه المحطة المهمة من الحياة النيابية المصرية.

الأحزاب أم المستقلون؟ خريطة متغيرة ومشهد متجدد
سألنا عن تقييم خريطة القوى السياسية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 وعن مَن يسيطر على المشهد هل هي الأحزاب التقليدية، أم أن المستقلين يحجزون لنفسهم مكانًا مؤثرًا؟
أوضح البنهاوي أن “الخريطة الانتخابية شهدت توازنًا ملحوظًا بين الأطراف، لكن يظل للأحزاب التقليدية ثقلها المعروف، في حين يسجّل المستقلون حضورًا متزايدًا، خصوصًا في بعض المحافظات التي تتسم بتقاليد انتخابية خاصة.
وأضاف أن هناك تحالفات جديدة ظهرت في بعض الدوائر، وقد تكون مفاجِئة للبعض مما يعكس ديناميكية المشهد السياسي ومرونته أمام التحولات المجتمعية والسياسية.
حول تأثير أداء مجلس الشيوخ في دورته السابقة على ترشيحات الأحزاب، يؤكد البنهاوي أن هناك مراجعات فعلية داخل بعض الأحزاب لملفات الأداء السابق وقد انعكس ذلك على طريقة اختيار المرشحين حيث أصبح هناك تركيز أكبر على الكفاءة والارتباط الحقيقي بالجمهور.
وأشار إلى أن هذا التقييم أدى إلى غربلة طبيعية للمرشحين وظهور أسماء جديدة على الساحة قد تغيّر من شكل أداء المجلس مستقبلًا.
وعن حجم التمثيل الشبابي يرى البنهاوي أن تمثيل الشباب المصري في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 فاق كل التوقعات، مؤكدًا أن وجودهم لم يعد مجرد ديكور أو تمثيل رمزي، بل أصبحت لدينا نماذج شبابية تخوض غمار المنافسة بجدية وثقة.
ويضيف الشباب اليوم يمتلكون حسًا وطنيًا عاليًا ويشاركون بفعالية في الحياة السياسية، مدفوعين برؤية قيادية واضحة تهدف إلى تمكينهم ودمجهم في مراكز اتخاذ القرار
ورغم هذا الحضور المتنامي لا تزال هناك تساؤلات حول العلاقة بين الشباب ومؤسسات الدولة وهل فُتحت القنوات بما يكفي أمامهم.
البنهاوي يجيب الشباب أصبح أكثر وعيًا سياسيًا، لكن تظل هناك حاجة لتعزيز الثقة وتوسيع المشاركة لا سيما في المحافظات والقرى.
وأضاف: الدولة تعمل جاهدة على فتح هذه القنوات، وهناك برامج واضحة تدعم قضايا الشباب، سواء من خلال الأحزاب أو مؤسسات المجتمع المدني.
حول ما إذا كانت الأحزاب تضع قضايا الشباب ضمن أولوياتها، قال البنهاوي: “نعم، هناك جهود ملموسة من بعض الأحزاب لتضمين قضايا الشباب في برامجها، لكن لا ننكر أن البعض لا يزال يتعامل معها من باب الشعارات النمطية.”
وأوضح أن “ما نحتاجه هو تحوّل البرامج من الوعود إلى آليات تنفيذ فعلية، وأن يُمنح الشباب أدوارًا حقيقية في صياغة هذه البرامج، وليس فقط في الترويج لها
وعن تطوير دور مجلس الشيوخ ليصبح منصة أكثر فاعلية لتمثيل تطلعات الشباب، يرى البنهاوي أن “المشكلة ليست فقط في النصوص أو اللوائح، بل في الثقافة السياسية العامة. نحتاج إلى إعادة تعريف دور المجلس في وعي الناس، وتفعيله كمساحة حوار حقيقي، وليس غرفة مغلقة للنخب فقط.”
ولفت إلى أن “تعديل بعض التشريعات قد يكون مفيدًا، لكن الأهم هو إشراك الشباب في آليات العمل داخل المجلس، وتدريبهم على أدوات التأثير والتشريع.
في ختام الحوار، أشار البنهاوي إلى أن “الدولة أطلقت مبادرات عديدة تستهدف قضايا الشباب بشكل موسّع، وتقوم وزارة الشباب والرياضة بدور كبير في دعم هذه المبادرات.”
وأضاف أن “هناك كتل شبابية وكيانات فاعلة أصبحت جزءًا من مؤسسات الدولة، ويجري دعمها بشكل جاد، ما يفتح أفقًا جديدًا لدمج الشباب في عملية اتخاذ القرار.
ما بين التحولات التي تشهدها خريطة القوى السياسية، وبين صعود وجوه شبابية تحمل رؤية جديدة، تقف انتخابات مجلس الشيوخ 2025 شاهدًا على مرحلة انتقالية في المشهد السياسي المصري.
هي مرحلة لا تُقاس فقط بعدد المقاعد، بل بمدى قدرة المجتمع المدني والدولة على تحويل مشاركة الشباب من مجرد صوت انتخابي، إلى فاعل حقيقي في صناعة القرار.
مجلس الشباب المصري، وغيره من الكيانات النشطة، يؤكدون أن الطريق قد بدأ بالفعل لكن اكتمال المسار مرهون بإرادة سياسية مستمرة ومجتمع يفتح قلبه قبل مؤسساته أمام طموحات شبابه
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.