من الظل إلى العلن: هكذا تغيّر إسرائيل قواعد الاشتباك مع طهران
كتبت : ضحى ناصر
بين ليلة وضحاها إختلفت الرؤى وتماوجت الأحداث وإختلطت الأوراق إلا أن الجميع بات يتفق على حقيقة واحدة وهي أن براكين الصراع قد تتفجر أكثر في أي لحظة، وذلك في ظل إتخاذ الأوضاع الإقليمية منحى مختلف تماماً بعد شن إسرائيل عدة هجمات مركزة أسفرت عن تدمير عدد من المنشآت النووية الإيرانية ومقتل عدد من القادة بالحرس الثوري الإيراني، وقادة عسكريين وعلماء متخصصين في الطاقة النووية.
السر الحقيقي وراء تلك الهجمات
و يوضح الباحث والمحلل حيدر الداعمي في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن ماتقوم به إسرائيل حالياً ليس إستهدافاً للبرنامج النووي بل إستهداف رموز النظام بالحرس الثوري الإيراني و على رأسهم قائد الحرس الثوري و رئيس الإستخبارات الإيراني.
و أضاف إلى أن تلك الهجمات مشابهة للهجمات التي تعرضت لها قيادات حزب الله مشيراً إلى أن إسرائيل قد تحاول تحجيم قدرات إيران على الرد وتدمير المضادات الجوية وإغتيال القادة وقد يصل الأمر إلى إغتيال خامنئي .
و تابع : قد نشهد في الأيام المقبلة إرتفاع في وتيرة التصعيدات الإسرائيلية ضد إيران وهو ماقد يعكس مستوى الإختراق الإسرائيلي لإيران، و في حال ثبت أنه إختراق موسع سنرى سقوط مزيد من قادة النظام الإيراني وهو ماسيؤدي إلى تفكك قدرة النظام عن الرد عسكرياً .
و أشار إلى أن كل ذلك يتم بالتنسيق مع الإستخبارات الأمريكية والبريطانية حتى و لو تظاهرت إدارة ترامب بغير ذلك.
ماهي رؤية إيران لهذا التصعيد
بهذا الصدد يكشف الباحث الإيراني نزار جاف في تصريحات خاصة للموجز أن إيران ترى هذا التصعيد على أنه خطة إسرائيلية أميرکية وحتى تحظى بتعاطف أوروبي من جراء الاختلاف الحاصل بشأن عملية تخصيب اليوارنيوم وإصرار إيران على موقفها.
هل هناك دور مباشر للحرس الثوري في هذه الضربات؟
و أوضح جاف أن للحرس الثوري اليد الطولى في توجيه الضربات فهو يعتبر عمليا الجيش الاساسي لإيران فيما يعتبر الجيش کظل له.
هل قد تعتمد طهران على “الوكلاء” في تنفيذ الهجمات
كما أشار جاف إلى أنه حتى الآن لايبدو الامر کذلك وحتى إن حزب الله اللبناني قد أعلن بشکل واضح عدم قيامه بأي تدخل بهذا السياق، فيما يرکن الوکلاء الآخرون لإيران الى هدوء واضح ولکن ومع إستمرار المواجهة وتطورها لا يمکن أن يبقى الامر فيما يتعلق بالوکلاء على ما هو عليه الان.
كيف تبدو الحالة داخل مراكز صنع القرار الإيرانية وهل هناك نوايا لخوض حرب شاملة طويلة المدى
ولفت جاف إلى إن مراکز صنع القرار الايرانية تخطط حاليا من أجل الخروج من هکذا مواجهة غير عادية بما يکفل للحکم القائم البقاء واستراتيجيتها مبنية وفق هذا السياق. وإن لا إسرائيل ولا إيران تريدان خوض حرب شاملة وطويلة الامد، بل وحتى الولايات المتحدة ودول الترويکا الاوربية ترغب في ذلك،
و إلى أي مدى تستطيع إيران الصمود بدون دعم
من حلفاؤها كالصين وروسيا؟
وأختتم جاف مؤكداً على أن الحرب مع إسرائيل ليست کالحرب التي خاضتها إيران مع العراق، فهي حرب صعبة باهظة التکاليف وقد لا تستنزف إمکانيات إيران بل وحتى تدمرها، ولذلك فإنها لا تتمکن من خوضها من دون دعم من جانب حلفائها في الصين وروسيا.
كيف تنظر القوى الدولية، خصوصًا الولايات المتحدة، لهذا التصعيد؟
من جهته فقد أكد أستاذ القانون الدولي وخبير العلاقات الدولية الدكتور هاني دلول في تصريحات خاصة لنافذة الشرق أن واشنطن تريد أن تحل مشكلة متعلقة بالولايات المتحدة فقط دون أن يشاركها المغانم أي أطراف أخرى، وبالتالي فأن التصعيد الإسرائيلي يضر المصالح الأميركية في المنطقة ولكن لا يمكن أن تمنع واشنطن تلك الضربات لذلك فضلت إدارة ترامب إلتزام الحياد.
و أشار إلى أن الرئيس ترامب قد أخطأ عندما أعلن عن معرفته المسبقة عن إستعداد إسرائيل لتوجيه تلك الضربات مضيفاً أنه كان من الأفضل أن تعمل الإدارة الأمريكية على تسريب تحذيرات لإيران مما قد يكسبها بعض الإمتيازات خلال المحادثات النووية.
هل هناك وساطات دولية حقيقية لاحتواء الأزمة؟
و أوضح دلول أن هناك تحركات بالفعل و على سبيل المثال فقد إتخذت روسيا وعدد من الدول الأوروبية تحركات ولكن لم يجد ذلك نفعاً مشيراً إلى أنه كان من الأفضل إتخاذ قرارات رادعة تجاه إسرائيل لإجبارها على وقف هجماتها على إيران معتبراً أن المجتمع الدولي حتى و إن بذل جهوداً دبلوماسياً فسيظل مشاركاً بشكل أو بأخر لإسرائيل في عدوانها .
كيف تتأثر المنطقة العربية ودول الخليج جراء هذا الصراع
يوضح حيدر الداعمي بهذا الصدد أن أكبر أثر جراء ذلك الصراع على المنطقة وبالتحديد دول الخليج هو إغلاق إيران لمضيق هرمز، والذي سيترتب عليه توقف حركة التجارة الدولية، و إرتفاع أسعار النفط من ٧٨ دولار إلى نحو 300 دولار للبرميل وهو ماسيدفع الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي والعديد من الدول حول العالم للضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على إيران.
و على الرغم من أن الأطراف الإقليمية والدولية لا ترغب في اندلاع حرب شاملة، إلا أن التطورات المتسارعة والتصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران ينذران بانفجار وشيك قد يغيّر ملامح المنطقة كليًا. ومع احتمالات تورط وكلاء طهران، واحتمال تعطيل الملاحة في الخليج، تظل المنطقة على صفيح ساخن، لاسيما في ظل غياب موقف دولي حاسم، يزداد الغموض، ويبدو أن الساعات المقبلة قد تحمل مفاجآت صادمة، تجعل الحديث عن التهدئة أقرب إلى التمني منه إلى الواقع.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.