من النيل إلى البحر الأحمر.. هل تفتح إثيوبيا جبهة جديدة ضد مصر؟
كتب:محمود أحمد
أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، التي أعلن فيها بوضوح أنه لا يمكن لدولة مثل إثيوبيا أن تبقى حبيسة إلى الأبد، وأنه يجب أن يكون لها ميناء على ساحل البحر الأحمر، لأنه من وجهة نظره لن تكون هناك تنمية مالم يكن هناك مفنذ لهذه الدولة على ساحل البحر الأحمر، ولكن هل هذا يبرر خلق زعزعة وتوترات للدول المجاورة لإثيوبيا ويبرر التحركات الغير مشروعة؟ هل مشروع المنفذ البحري الإثيوبي صفقة سياسية؟هل هذه التحركات وهذا الإصرار في الطريق الغير المشروع سيفتح باب نزاعات قانونية وسياسية ضخمة في القرن الأفريقي أم ماذا؟
تواصلت «نافذة الشرق» مع الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشئون الإفريقية، والتي بدورها أكدت أنها فيما يتعلق بتأكيد رئيس الوزراء الأثيوبي، آبي أحمد، عن تأمين منفذ بحري بأنه مسألة بقاء وطني لأثيوبيا وليس مجرد قضية سياسية فهو ليس بالجديد، لافتة إلى أنه سبق التأكيد على هذا الأمر والحديث عنه في أوقات سابقة.
وأضافت الدكتورة نجلاء مرعي، في حديثها لـ نافذة الشرق، أن آبي أحمد يتبنى مقاربة إقليمية جديدة تقوم على ما يمكن تسميته بدبلوماسية المواني للخروج من مأزق الدولة الحبيسة والعمل على تبني خطة طموحة لإعادة بناء الأسطول البحري لدعم القوة الإثيوبية في البحر الأحمر وخليج عدن، لافتة: «وأعتقد أن ذلك لمواجهة القوة البحرية المصرية».
وتابعت: «أديس أبابا أقامت شراكات سياسية واقتصادية مع مختلف الدول في منطقة القرن الإفريقي وفقا لمبدأ بهدف تصفية أو تصفير المشاكل مع جيرانها، هذا لتأسيس حقبة جديدة بيصبح لأن يكون له ثقل إقليمي، وتفرض مفاهيمها فيما يتعلق بأمن القرن الإفريقي».
وأوضحت خبيرة الشئون الإفريقية:«نحن شهدنا هذا مع دول إفريقية مثل جيبوتي، منذ شهر تقريبا»، مضيفة«كان هناك تعاون إثيوبي مع جيبوتي في ظل تحركات إقليمية كانت تتعلق بحرب الموانئ، وأدت لتدخل جيبوتي، التي تقدمت بمقترح لإثيوبيا بإعطاء منشآت وميناء وقاعدة عسكرية على أراضيها، وكان يشمل المقترح الجيبوتي إدارة بنسبة 100% لميناء في شمال البلاد».
ولفتت إلى أن هذا الميناء يعتبر كممر جديد تم بناؤه في تاجورا في الشمال على ساحل جيبتوي، موضحة: «في رأيي هذا أدخل إريتريا على خط النار في الأزمة، التي هددت فيها جيبتوي، برفضها تواجد إثيوبيا على ساحل البحر الأحمر».
وتابعت: «من جانب آخر تواصلت مصر مع إريتريا على المستوى الدبلوماسي والمخابراتي، لبحث التحركات الإثيوبية، الأحادية في المنطقة وتعزيز المصالح المشتركة»، مستكملة: «هذا التعاون جاء وسط تجاذبات محتدة لقوى إقليمية في المنطقة، وأعتقد أنها هذه التجاذبات تغذيها قوة دولية أخرى».
وأشارت خبيرة الشؤون الإفريقية إلى أن إثيوبيا تسعى لأن تنشر قواتها في المنطقة تحت لواء الاتحاد الإفريقي، وعبر الوصول لمنفذ آمن ومستقر على البحر الأحمر والذي جاء بعد اكتمال بناء سد النهضة، الذي يخشى من تهديد وجودي لمصر، التي تخشى من توسع النفوذ الإثيوبي.
وأكدت: «من الواضح أن التعنت الإثيوبي تجاه مصر فيما يتعلق بميناء سد النهضة، أدى إلى توترات حادة وصلت إلى معظم الدول في إفريقيا، من الصومال إلى جيبوتي، إلى إريتريا إلى السودان، حيث رأينا إصرار إثيوبيا بالوصول إلى ساحل البحر الأحمر بطرق غير شرعية»، لافتة إلى أن هذا شجع دول أخرى أنها تستثمر في موانيها، وقاد إثيوبيا إلى توقيع مذكرة التفاهم الشهيرة مع إقليم صومالي لاند بإنشاء ميناء وقاعدة عسكرية إثيوبية.
وتابعت: «وهذا الذي اعتبرته الصومال تعدٍ صارخ على سيادتها وأمنها، وقاد لإحياء مصر اتفاقية الدفاع المشترك، وقاد مصر إلى إرسال معدات عسكرية إلى الصومال وهذا اعتبرته إثيوبيا تهديد لها».
واستكملت: «في الواقع هذه التحركات الإثيوبية الأحادية، وأسميها أحادية لأن مصر ليست ضد تنمية الشعب الإثيوبي ولكنها يجب على إثيوبيا الوصول إلى ميناء على ساحل البحر الأحمر بالطرق المشروعة، وليس بإقامة اتفاقية كالتي مع إقليم الصومال والتي ليست مشروعة وتشكل خطر على مصالح مصر الملاحية».
وأشارت إلى أن هذه تعد سابقة قانونية، حيث أن الاتفاقية تشترط الاعتراف بدولة أرض الصومال، مقابل حصول إثيوبيا على ميناء على البحر الأحمر، مؤكدة أن هذا يشكل تهديد لمنطقة القرن الإفريقي،
التحركات الإثيوبية الأحادية، تشكل هواجس لإريتريا ومصر.
وحول أزمة إثيوبيا مع إريتريا ومسألة النزاع الإقليمي، قالت خبيرة الشؤون الإفريقية: «لاننسى أن إثيوبيا عندما كانت محتلة لإريتريا كانت تعتمد في الوصول إلى البحر الأحمر على ميناءي، عصب وماسور،
ولكن بعد استقلال إريتريا سنة 91 استمر الحال لبعض الوقت إلى أن اندلعت الحرب في منطقة أباد مي، التي أنهت استخدام أثيوبيا للمينائين».
واستطردت: «هذان كانا أقرب لها من ميناء بربرة اللي في أرض الصومال، ولكنها تعتبره بديل مناسب لمينائي إريتريا، وهذا في حد ذاته سيفقد إريتريا أوراق مهمة في مستقبل مع إثيوبيا، وهيفقد إيريتريا مدخل مهم للاقتصاد، وبالتالي تحركات إثيوبيا تثير هواجس مصر وإيتريا».
وأشارت إلى أن هذا جعل جيبوتي تدخل على خط الأزمة مثلما سبق التوضيح، لافتة إلى أن مصر أرسلت رسالة تعاون لإثيوبيا بأن نهر النيل للجميع ومتضامنة ومتفهمة جيدا، وسبق أن قدمت في عصر رئيس الورزاء ديلسن، استراتيجيات تعاونية، وأن يكون لها منفذ على البحر الأحمر من خلال مصر وغيرها من الحزم التحفيزية، متابعة: «ولكن تغير الأمر عندما رئيس الوزراء آبي أحمد، لأنه لا يملك استراتيجيات تعاونية مع جيران الدولة الإثيوبية».
وأكملت: «سبق أن استولى آبي أحمد على بحيرة توركانة في كينيا، وله مساوئ كثيرة».
وأكدت خبيرة الشؤون الإفريقية رفض هذه الدعوات المصرية السودانية، واتجه لسلوكيات صراعية باتت مصدر للاضطراب في المحيط الإقليمي»؟
ومن وجهة نظرها، أكدت خبيرة الشؤون الإفريقية أن منطقة القرن الإفريقي باتت على صفيح ساكن، وأن هناك مجموعة من التحالفات والاتفاقيات، الموجودة لحماية المصالح قوى الإقليمية والدولية، تفتح الباب إلى علاقات تنافسية وتنذر بحدة المنافسة الإقليمية.
وتابعت: «وأعتقد إن إثيوبيا تخدمهم في هذا المجال، وأن السيناريو المستقبلي الأول المحتمل لهذا الأمر هو إصرار إثيوبيا على الوصول لميناء على البحر الأحمر بطريقة غير شرعية، وسيفتح ذلك الباب إلى الصراع والمنافسة الحادة في المنطقة».
وأكملت: «أما السيناريو الآخر هو الاتفاقيات التعاونية، ستعمل على التنمية الاقتصادية والتعاون في المنقطة، ونأمل ان الخطوات الاقتصادية التي اتخذتها مصر في المنطقة، خصوصا الاتفاقيات الأخيرة مع جيبوتي والصومال، إريتريا، حيث أن مصر عقدت التحالف الثلاثي لمواجهة النفوذ الإثيوبي».
ولفتت إلى أن هذا التحالف أو التحركات المصرية لا تمنع إثيوبيا من وجودها على البحر الأحمر، ومصر لا تمنع ولكنها تشترط أن يكون الأمر بالطرق الشرعية.
وأوضحت: «ولكننا نرى أن إثيوبيا في تحركها مع أرض الصومال وجيبوتي، يثير حفيظة الدول الإفريقية خصوصا إريتريا، مشيرة إلى أن مصر في تحركاتها الإقليمية تحاول دفع إثيوبيا إلى اتخاذ مواقف أكثر تعاونية وأن تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الأخرى.
واختتمت خبيرة الشؤون الإفريقية: «مصر تعمل على الإمساك بورقة كميزان قوى في مقابل التصرفات الإثيوبية، وتحاول في تحركاتها التعاونية في منطقة القرن الإفريقي أن تخلق توازن وتدفع أديس أبابا على طاولة المفاوضات بحيث يكون لها رأي يحقق ضبط لموازين القوى وعدم تعدي على مصالح الدول الأخرى».
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.