من الوديعة إلى السيطرة ،كيف تعيد قطر تشكيل نفوذها الاقتصادي في مصر عبر الاستثمار بدلا من الإقراض ؟

25

كتبت بسنت السيد
تمخضت الفترة الماضية على تحول كبير في العلاقات الثنائية بين مصر وقطر وذلك من خلال العمل على ضخ حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة إجمالية تصل إلى 7.5 مليارات دولار على أن تُنفذ خلال المرحلة المقبلة، وفق بيان مشترك نقلته وكالة الأنباء القطرية (قنا).
هل تفكر قطر في تحويل ودائعها في مصر إلى استثمارات مباشرة ؟
صرح وزير المالية القطرى على بن أحمد الكوارى على هامش “منتدى قطر الاقتصادي “الذي ناقش الفرص الاستثمارية بالمنطقة والعالم حول ما إذا كانت قطر تعزم تحويل ودائعها في مصر إلى استثمارات مباشرة.
قال الكواري إن “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان في قطر منذ أكثر من أسبوعين، حيث أعلنّ عن حزمة استثمارية جديدة مع مصر. مشيراً إلى النظر إلى مصر كفرصة واعدة للاستثمار، سواء من خلال تحويل الودائع أو القيام باستثمارات إضافية”.
وأوضح في تصريحاته أنه على الرغم من أن هذا الخيار لم يناقش بعد بشكل رسمي إلا أنه يُعتبر من الخيارات المطروحة، مؤكداً أن مصر تتمتع بفرص كبيرة في قطاعات مثل العقارات والسياحة والتصنيع”.
وشدد الوزير القطري أنه “من منظور استثماري، فإن أي استثمار نقوم به يجب أن يكون قائمًا على أسس تجارية بحتة مع تحقيق عوائد جيدة. وقطر تنظر إلى مصر على أنها سوق ذات إمكانات نمو كبيرة في المستقبل”.
يذكر أن الاقتصاد المصري.واجه أزمة اقتصادية عنيفة تفاقمت نتيجة الحرب ا الروسية الأوكرانية بعد أن سحب المستثمرون الأجانب أموالهم من السندات الحكومية في ظل ارتفاع معدلات الفوائد في الدول الغربية، مما ساهم في نقص بالاحتياطي العملات الأجنبية.
ومن جانبها وأودعت قطر 3 مليارات دولار في البنك المركزي المصري في 2023 لمساعدتها في معالجة الصعوبات التي تواجهها، لكن الوزير الكواري أشار إلى أن ذلك لن يتكرر.
واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، فيما تتسابق لتأمين العملة الصعبة من خلال بيع أصول مملوكة للدولة تتراوح من البنوك إلى محطات الطاقة المملوكة للجيش.
، أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات للصحفيين في فبراير الماضى ، أسماء 32 شركة عامة وأصول سيتم طرحها في البورصة من بينها ثلاثة مصارف وشركتان تابعتان للجيش.
وقال الكواري إن قطر منفتحة على مزيد من الاستثمارات في مصر وتتطلع إلى قطاعات التصنيع والاتصالات والسياحة.
تأثير الودبعة القطرية على سعر الجنيه
وفي بيان صادر عن البنك المركزي المصري أفاد بارتفاع متوسط سعر الدولار الأمريكي اليوم خلال تعاملات البنوك بمقدار قرشين لكل من البيع والشراء.
وتراوحت أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك المصرية بين 24.43 جنيهاً كأعلى سعر صرف للدولار، مقابل نحو 24.35 جنيه كأقل سعر لصرف الدول.
وكانت وكالة “بلومبرغ”، قد ذكرت أن جهاز قطر للاستثمار أودع مبلغ مليار دولار في البنك المركزي المصري، في الوقت الذي تقترب فيه الدوحة من صفقة للاستحواذ على حصة حكومية في بعض الشركات الكبرى بمصر.
وقالت الوكالة في تقرير نشرته الايام الماضية، إن جهاز قطر للاستثمار، الذي تبلغ أصوله 445 مليار دولار، نقل الأموا1 مليار دولار وسط مناقشات بشأن استحواذه على حصص مملوكة للدولة في شركات مصرية، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
بينما كشفت “بلومبرغ” الشهر الماضي أن قطر تجري عدة محادثات متقدمة بشأن صفقة قيمتها نحو 2.5 مليار دولار.
حجم الشركات القطرية العاملة في مصر
وبحسب بيانات رسمية تعمل في مصر ما يقرب حوالي 261 شركة قطرية بنسبة مساهمة قطرية تصل إلى 2 مليار و165 مليون دولار، منها 249 مليون دولار في قطاع السياحة، وحوالي 208 ملايين دولار في قطاع الإنشاءات، وحوالي 36 مليون دولار في القطاع الصناعي، وفي مارس 2022، أعلنت قطر ضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار على هامش زيارة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إلى القاهرة.
شركات مصرية بالسوق القطرية
وعلى الجانب الآخر يعمل بالسوق القطرية عدد من الشركات المصرية، وهناك العديد من الاستثمارات القطرية بالسوق المصرية ومنها على سبيل المثال، استثمارات لجهاز قطر للاستثمار تقدر بحوالي 3.317 مليار دولار في منتجعات ومشاريع سياحية.مما يعكس عمق العلاقات الثنائية بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية،
تفاصيل صفقتين على غرار رأس الحكمة
واسفرت الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي لدولة قطر لالتى لم تكن فقط للحصول على استثمارات قطرية مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار داخل مصر بل جاءت كترتيبات لخطوة مشابهة لصفقة بيع “رأس الحكمة” للإمارات، إلا أن ملامحها النهائية لم يُكشف عنها بعد، وبحسب مصادر مطلعة.
وأوضح وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب ورئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، طارق شكري في تصريحات سابقة ، أن هناك معلومات تشير إلى وجود صفقتين محتملتين مع قطر، إحداهما في منطقة الساحل الشمالي وتُشبه مشروع “رأس الحكمة” لكنها أصغر حجمًا، فيما يُرجّح أن تكون الصفقة الثانية في العاصمة الإدارية الجديدة أو على ساحل البحر الأحمر.وفقا لطارق شكرى.
المكاسب المحتملة
وأشار شكري في تصريحات إعلامية أن صفقة رأس الحكمة تعد نموذجًا ناجحًا في التعاون الاقتصادي حيث استفادت مصر منها اقتصاديًا إلى جانب الإمارات، خاصة في دعم قطاع العقارات الذي لعب دورًا محوريًا في الإسهام بحل أزمة الدولار في البلاد.
مشروع عقارى ضخم في الساحل الشمالي
وجدير بالذكر أن هناك تكهنات بصفقة قطرية كان قد أعلن عنها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في نوفمبر الماضي ، وهو “مشروع استثماري عقاري ضخم في منطقة الساحل الشمالي”.
وأضاف مدبوليوقتها ا، خلال زيارة نظيره القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن إلى القاهرة، أن قطر تفكر في الاستثمار في قطاعات السياحة والضيافة، ولا سيما في الساحل الشمالي، وأكد أن الحكومة المصرية ترحب بذلك .
فرص استثمارية بالعاصمة الإدارية والقاهرة الكبرى
وأشار إلى أن الحكومة ستعرض على الجانب القطري قائمة بفرص استثمارية في قطاع السياحة، تشمل مشروعات في القاهرة الكبرى والعاصمة الإدارية الجديدة، مع إمكانية الدخول في شراكات مع القطاع الخاص المصري أو الاستحواذ الكامل.
وفي هذا السياق، صرّح المتحدث باسم رئاسة الوزراء ، محمد الحمصاني، بأن “هناك توقعات بضخ استثمارات قطرية ضخمة بعد الإعلان عن صفقة كبيرة مرتقبة بين الجانبين”..
5مناطق مطروحة للبيع على ساحل البحر الأحمر
وكان رئيس وزراء السيسي قد كشف، في سبتمبر الماضي، عن تلقّي الحكومة عروضًا لتطوير خمس مناطق على ساحل البحر الأحمر، على غرار مشروع رأس الحكمة، إلا أنه شدد على أن الحكومة لا تعلن عن أي مشروع قبل اكتمال المفاوضات وتوقيع الاتفاقات النهائية.
إلا أن صفقات بيع الأصول تتسم بالسرية والكتمان ولا توجد عنها تفاصيل وتبقي المعلومات عنها مجرد مجموعة من التكهنات ،فما الأسباب ؟
وفى هذا الصدد ينتقد المدير السابق لمركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عبد الخالق فاروق، شح المعلومات والافتقار إلى الشفافية في الإعلان عن تفاصيل الصفقات ا بالإضافة إلى اعتراضه على ما سماها “سياسة تخصيص وبيع ممتلكات الدولة لسداد الديون الممتدة إلى تسعينيات القرن الماضي”.
لماذا تلجأ مصر لبيع أصولها؟
وتبرم صفقات بيع حصص الحكومة في الشركات في وقت تراجع فيه الاحتياطي النقدي المصري إلى نحو 33 مليار دولار في يونيو الماضي، وتجري مصر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، بعد أن اقترضت منه ما يقارب عشرين مليار دولار منذ عام 2016.
ويتوقف الأمر على مدى الإضافة التي تحققها الصفقات، في زيادة رأس المال مثلًا أو تبني تكنولوجيا أحدث
التجربة التونسية واللجوء إلى البنك الدولى.
وعلى الجانب الآخر نر ى على مدار 20عاما كافحت تونس الاقتراض من البنك الدولى لم تلجأ تونس من سنة 1993 إلى 2013، إلى صندوق النقد الدولي.لكن في سنة 2013 وبعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، طلبت قرضا أرفقته باقتراح لبرنامج إصلاح. يقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في تصريحات إعلامية ة أنه “على عكس ما يقال، لا توجد إملاءات، فكل دولة يجب أن تتقدم بنفسها ببرنامج إصلاح. بينما يكون هدف الصندوق التأكد من قدرتها على حلحلة أزمتها”.
وعلى الرغم من وعودها، لم تنفذ تونس الخطة المقترحة، ثم عادت بعد ثلاث سنوات لتعيد الكرّة وتَعِدَ بتطبيق الإصلاحات غير أنها لم تفِ بالتزامها مرة أخرى، مما جعل الصندوق يفرض عقوبات ويلغي قسطا قدره 1.2 مليار دولار.
وبذلك فإن هذا التاريخ – ضف عليه تصريحات الرئيس سعيّد الأخيرة – قد “شوه منذ البداية مصداقية تونس أمام صندوق النقد الدولي” مثلما يعلق عز الدين سعيدان. حيث كانت ردة الفعل الأولية للصندوق أن تساءل على الفور عما إذا كانت تونس ستنفذ الإصلاحات الضرورية هذه المرة.
واعتمدت تونس على نفسها دون اللجوء للاقتراض من البنك الدولى .
مستقبل العلاقات المصريه القطرية وأراء الخبراء
أما عن جدوى توسيع آفاقالاستثمار بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية، أكد خبراء ومحللون اقتصاديون مصريون أن تعزيز الاستثمارات القطرية في مصر من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة للنمو والتعاون في ظل الصدمات العالمية المتتالية والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة العربية، لا سيما وأن البلدين يعقدان مشاورات لتوسيع الاستثمارات في مجالات جديدة، وعلى رأسها مجال مشروعات الطاقة، ورفع حجم التبادل التجاري وتسهيل الاستثمارات المتبادلة، إلى جانب إزالة العوائق التي قد تحول دون ذلك، وكذلك على ضوء ما يزخر به السوق المصري من العديد من الاستثمارات القطرية الناجحة، ومنها على سبيل المثال، استثمارات لجهاز قطر للاستثمار تقدر بحوالي 3.317 مليار دولار في منتجعات ومشاريع سياحية.
تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين
وفي هذا االصدد يقول ، الدكتور علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية قنا إن العلاقات الاقتصادية بين مصر ودولة قطر شهدت تطورا ملحوظا خلال العامين الماضيين بشكل خاص، حيث ارتفع حجم الاستثمارات القطرية في مصر إلى أكثر من 5 مليارات دولار.
زيادة الاستثمارات في البنية التحتية
وتابع ، تركزت في مشروعات الطاقة، والعقارات، والسياحة، مع خطط مستقبلية لزيادة الاستثمارات في الصناعة والبنية التحتية، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع ليصل إلى حوالي 1.2 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 890 مليون دولار في عام 2022، حيث يعود هذا النمو إلى عدة أسباب، من بينها تسهيل إجراءات الاستثمار، وإزالة العوائق الجمركية، وتعزيز التعاون في المشروعات المشتركة.
السوق المصري
وأردف الإدريسي قائلا إن السوق المصري يعد من أكثر الأسواق جذبا للاستثمارات القطرية، نظرا لحجمه الكبير الذي يضم أكثر من 100 مليون مستهلك، إضافة إلى البنية التحتية المتطورة، والإصلاحات الاقتصادية التي حسنت بيئة الأعمال، مشيرا إلى أنه يتوقع مع استمرار هذا الزخم، أن ترتفع الاستثمارات القطرية في مصر إلى 7 مليارات دولار بحلول عام 2026، مع تركيز أكبر على مشروعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، مما يعزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين ويفتح آفاقا جديدة للنمو والتعاون في ظل الصدمات العالمية المتتالية والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة العربية.
التكامل الاقتصادي
وفيما يتعلق بتأثير هذا التطور الملحوظ في علاقات التعاون بمجال الاستثمار بين البلدين، قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات إعلامية إن الاستثمارات بين مصر ودولة قطر تهدف إلى مزيد من التكامل الاقتصادي والصناعي ومزيد من الطاقات الإنتاجية وفرص العمل، معتبرا أن هذه الاستثمارات تعمل على زيادة حجم الإنتاج وقدرة المنتجات المصرية فيما يتعلق بالصادرات.
تقليل فاتورة الواردات
،إضافة إلى تقليل فاتورة الواردات، ومن ثم خفض العجز المتمثل في الميزان التجاري، مشيرا إلى أن زيادة حجم التبادل التجاري في هذا الصدد تعني تسهيل طرق وصول البضائع والسلع المصرية والقطرية من وإلى داخل البلدين دون فرض أي رسوم أو أعباء، بما يعزز فرص انسياب حركة التجارة بينهما وتلبية احتياجات مواطني البلدين.
زيادة الاستثمارات في مجالات جديدة
وواشار الشافعي،إلى أهمية زيادة الاستثمارات في أنشطة جديدة ومتعددة، مثل الاستثمار في مجالات الطاقة، حيث تمثل عاملا أساسيا من عناصر الأمان الاستثماري والاقتصادي، والتي تساهم في خلق اقتصاد قوي.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.