من قلب الأزمات.. وزير المالية السابق يرسم خريطة إنقاذ الاقتصاد المصرى
حوار/ أحمد خالد
التقت “نافذة الشرق” بدكتور محمد معيط وزير المالية السابق وممثل المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد الدولي، حيث تحدث في موضوعات تتعلق بالوضع الاقتصادي في مصر وتأثير الرسوم الجمركية على العالم وتبعات الصراعات الإقليمية على الوضع الاقتصادي بالشرق الأوسط.
بداية.. ما تقييمك للوضع الاقتصادي الحالي في مصر؟
الوضع الاقتصادي في مصر وبرغم كل التحديات التي يواجهها العالم والاقتصاد المصري أفضل من الفترة قبل ٦ مارس ٢٠٢٤، حيث أن التضخم أخذ في الانخفاض وأيضا أسعار الفائدة بدأت مرحلة الانخفاض ومرونة سعر الصرف وعدم تراكم اي احتياجات بالعملة الصعبة والاحتياطي عند اعلي مستوياته علي الإطلاق ٤٨.٥ مليار دولار، كما أن معدلات النمو الاقتصادي اخذت في الزيادة، وهناك مؤشرات علي انخفاض الدين والحصيلة الضريبية مستمرة في الزيادةً ومؤشرات تحويلات المصرين في الخارج في زيادة وأيضا الحركة السياحية جيدة.
ـ هل سيكون للتصعيدات الراهنة تأثير على اقتصادات الدول؟
سيكون لها آثار مباشرة وغير مباشرة علي العديد من اقتصادات الدول وبحسب ظروف وموقع وأحوال كل دولة، ولكن ما هي نتائج وآثار هذه التصعيدات المباشرة والغير غير محددة المعالم حتي الآن، حسب تزايد المخاطر ودرجة التقلبات، لافتا أن هناك أثر يتعلق باضطراب التجارة العالمية وارتفاع تكاليف التأمين والنقل والشحن وارتفاع تكاليف الطاقة من بترول وغاز طبيعي
ـ هل تأثر الاقتصاد المصري سلبا من تبعات الأحداث السياسية الماضية؟
قناة السويس مازالت متأثرة بما يحدث وهذا له أثر علي إيرادات الدولة والخزانة من العملة الصعبة والمقابل بالعملة المحلية للخزانة، وعلاوة على ارتفاع تكلفة البترول والغاز له أثر سلبي وارتفاع تكلفة المواد الأساسية سيكون له أثر سلبي علي فاتورة الاستيراد، وأيضا انخفاض معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
كما تأثر التجارة العالمية لن يكون جيد للصادرات والسياحة وجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية الأجنبية، لافتا أن زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وتخليق المزيد من فرص العمل والتصدير وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية هو هدف استراتيجي.
ـ حضرتك صرحت أننا على مشارف نظام اقتصادي عالمي جديد.. كيف ذلك؟
الأحداث التي تشكلت منذ كورونا وما بعدها من الموجة التضخمية العاتية والحرب الأوكرانية في أوروبا والحروب الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط والحروب التجارية الأمريكية من خلال التعريفات الجمركية وايضاً مستويات الديون العالمية ومستويات خدمة الديون، إلى جانب تأكل معظم العملات المحلية للدول النامية والدول الناشئة والدول منخفضة الدخل كل هذه الاحداث دفعت العديد من دول العالم إلى البحث عن نظام وهيكل مالي واقتصادي عالمي جديد، فمازالوا يبحثوا ومازالوا يتحدثوا.
والشكل الجديد هذا للاقتصاد العالمي سوف يتشكل من تطورات هذا التفاعل مع تطورات الأحداث، مضيفا: “لكن ليس لدي شك أن الأحداث الأخيرة علي مدار الستة سنوات الماضية أقنعت معظم دول العالم أنه لابد من البحث عن نظام جديد متعدد الأطراف يتسم بالعدالة والتوازن ولا يتم التحكم فيه من خلال أطراف محدودة علي حساب بقية دول العالم”.
ـ كيف ترى إعلان الحكومة خفض دعم المواد البترولية بما يزيد عن 50% في الموازنة الجديدة؟
الحكومة المصرية أعلنت خطتها العام الماضي وفقا لبرنامج زمني وليس لدي ما أضيفه في هذا الشأن.
ـ هل تتأثر مصر مستقبلًا برسوم ترامب الجمركية؟
المحادثات بشأن الرسوم الجمركية مازالت جارية وعلينا الانتظار لما سوف تنتهي اليه المحادثات مع الجانب الصيني والاتحاد الأوربي، ولكن في جميع الأحيان مثل هذه الرسوم الجمركية يكون لها اثار سلبية علي حركة التجارة وعلي مستويات الأسعار ومستوي التضخم وأيضا علي النمو الاقتصادي ولكن الوضع النهائي سوف يتضح بعد الوصول لاتفاقات في هذا الشأن بين الإدارة الأمريكية والأطراف الأخري.
ومصر يمكن أن تتأثر سلبا أو إيجابا بالرسوم الجمركية الأمريكية بحسب الشكل النهائي لهذه الرسوم وبحسب مدي إمكانية استفادتنا منه ومدي قدرتنا علي التعامل مع وتقليل أي آثار سلبية لتلك الرسوم.
ـ هل مصر لديها فرصة ذهبية لاستغلال فرض رسوم على الصين للدخول على طريق الاقتصاد العالمي؟
كلما زادت إنتاجيتنا قدرتنا علي مزيد من التصدير وفتح أسواق أكثر لمنتجاتنا وزادت تنافسيتنا سواء علي مستوي الإقليم والمنطقة التي نعيش فيها أو علي المستوي العالمي ستكون لدينا فرصة ذهبية مثل بنجلاديش وفيتنام وآخرين.
ـ صرحت من قبل أن صندوق النقد لا يتدخل فى سياسات الإصلاح الاقتصادى للدول.. ما معنى ذلك؟
الدول هي التي تطلب من صدوق النقد الدولي مساعدتها في برامج الإصلاح الاقتصادي، فعادة الصندوق لا يذهب إلى الدول ولا يعرض عليها عمل برامج إصلاح ولا يعرض عليها تمويل وهذا عكس المؤسسات المالية الأخري مثل البنك الدولي والذي يعرض تمويل علي الدول، ولكن عندما تواجه الدول تحديات في أوضاعها الاقتصادية وقدراتها في الحصول علي تمويل من المصادر المختلفة وتواجه مشكلة عجز شديد في ميزات مدفوعاتها تتجه للحديث مع صندوق النقد الدولي وتطلب مساعدته.
وهنا يكون دور الصندوق رقم واحد هو المساعدة في استعادة التوازن والتعافي الاقتصادي والذي عادة يكون من خلال اتباع سياسات ذات آلام ومعاناة لقطاعات عديدة داخل المجتمع ولكن مثل الدواء والجراح يكون الهدف هو التعافي واستعادة العافية والاستقرار الاقتصادي.
هل طلبت مصر زيادة قرض صندوق النقد؟
مصر لم تطلب زيادة في قرض صندوق النقد الدولي البالغ ٨ مليار دولار فهو مازال نفس المبلغ ولكن الصندوق وافق علي تمويل إضافي لمصر قدره ١.٣ مليار دولار من صندوق الصلابة والاستدامة والذي يتعامل مع آثار التغيرات المناخية والتمويل بتكلفة منخفضة جدا ولفترة زمنية طويلة، مشيرا إلى أن برنامج صندوق النقد الدولي ينتهي قبل نهاية العام القادم ومصر انتهت من نصفه علي الاقل.
ـ كم سددت مصر حتى الأن من قرض صندوق النقد الدولي؟
بالحديث عن الدعم النقدي و المادي.. أيهما تفضل؟
مصر سددت حتي الآن حوالي ١١ مليار دولار من أصل مجموع التمويلات التي حصلت عليها مصر منذ عام ٢٠١٦ وهذا بخلاف ما سددته مصر من الفوائد.
أيهما تفضل.. الدعم العيني أم النقدي؟
وفيما يتعلق بالدعم العيني او النقدي، فقد اعتبر معيط ان الدعم النقدي ينظر إليه علي أنه أكثر كفاءة وأقل فسادا ويصل الدعم إلى مستحقيه، ففي جميع الأحوال لابد من المشاركة المجتمعية في هذا الاختيار لأنه لا يوجد نظام نموذجي ١٠٠٪، حيث يمكن أن يكون الدعم العيني لبعض الفئات المحدودة أفضل، كما أن الدعم النقدي لابد أن يضمن أن يكون متحركا وليس جامدا لأن التغيرات الاقتصادي مثل التضخم تؤثر عليه سلبا وهذا تخوف مشروع، لذلك فإن الدراسة المتعمقة والمشاركة المجتمعية والتطبيق السليم المتدرج والذي قد يكون اختياري في مراحله الأولى قد يكون أفضل.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.